كبريات الجامعات الأمريكية ليست معاقل للفكر المستقل والبحث النزيه والتعبير الحر في جميع الأحوال، بل إنها مؤسسات ربحية، غالبا ما تتأثر بميول كبار مموليها أو ضغوطهم.
أهم عناصر هذا التطور هو الوعي الجديد بأن الظاهرة الإسرائيلية هي في الأصل ظاهرة كولونيالية غربية، أي أن المشكلة في فلسطين هي مشكلة احتلال وليست مشكلة سلام..
لم تعد إسرائيل تكتفي باتهام الإعلام العربي، وخصوصا قناة الجزيرة، بالتحيز وترويج المزاعم المغرضة. بل إن من عناصر الجدة والمفاجأة التي واكبت العدوان الهمجي على شعب غزة، أن إسرائيل صارت تتهم الجميع شرقا وغربا وتطلق النار في كل اتجاه وعلى كل هدف إعلامي. إذ لم تبق اليوم وسيلة إعلام غربية كبرى إلا خاصمتها حكومة الكيان الاستيطاني الصهيوني واتهمتها بالتحيز ضدها.
الحكومات الغربية ضاربة منذ 15 سنة عن المسألة الفلسطينية صفحا؛ لأنها توهمت أنه يمكن تركها تتعفن في نزاع منخفض الحدة، بحيث تكفي صدقات الإغاثة الإنسانية للتستر على انعدام الإرادة السياسية.
ليس من المعهود أن يحتل كتاب في البحوث الاقتصادية أو السياسية قائمة أعلى المبيعات، أو أن يحتفي به النقد الإعلامي في كبريات الصحف، ويخصص له عديد التحليلات والتعليقات المشفوعة بالحوارات المعمقة مع الباحث. بل إن المعتاد، منذ أن أصبح للجرائد الجادة ملحقات أسبوعية مختصة في متابعة أحدث الإصدارات، أن يكون الرواج الجماهيري والاهتمام النقدي من نصيب القصص والروايات؛ فقد بدأت النيويورك تايمز، على سبيل المثال، في نشر ملحق للكتب عام 1896، وكان احتفالها بالذكرى الـ125 لهذا الحدث الصحفي ـ الثقافي في صيف 2021 مناسبة لاطلاع الجمهور على أرشيف يختزن كنوزا من العناوين والعروض والنقود في مختلف مجالات النشر، ولكن كان بارزا بقوة أن الأدب الروائي هو الملك المتوّج أسبوعا بعد أسبوع، لا ينازعه التاج أحيانا إلا أدب الرحلات أو الروايات البوليسية.
قبل عقد من السنوات، فتحت أوروبا أبوابها الواسعة للمهاجرين، وكان القسم الأكبر من السوريين، كانت كارثتهم تتصاعد بفعل الحرب في سوريا والصراع عليها، وكان إلى جانبهم مهاجرون من دول آسيوية وأخرى أفريقية، اجتازوا بوابات الهجرة الأوروبية، حيث رحبت بهم دول مهمة فيها مثل ألمانيا والسويد، وقبلت الدول الأخرى بهم أو سكتت على مضض.