ملفات وتقارير

ماذا وراء مشروع قانون تنظيم عمل الأطباء ببرلمان السيسي‎؟

أحد احتجاجات الأطباء- أرشيفية
أحد احتجاجات الأطباء- أرشيفية
شكك أطباء ونقابيون ومختصون في حقيقة نوايا مشروع قانون ما يُعرف بـ"تنظيم عمل الأطباء"، الذي وافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب المصري، الأربعاء الماضي، وأكدوا أن القانون حق يراد به باطل، ويثير الشكوك؛ بسبب استحالة تنفيذه.
 
وينص القانون على منع الأطباء من الجمع بين العمل في المستشفيات الحكومية والخاصة، مع منحهم المقابل المادي المناسب؛ بدعوى حالة التردي الصحية التي وصلت إليها المستشفيات الحكومية، وتقصير الأطباء في عملهم؛ بسبب جمعهم بين العمل الحكومي والخاص.
 
ولا تلتزم الحكومة المصرية أصلا بدستور ما بعد الانقلاب، بتخصيص نسبة 3% من الناتج القومي الإجمالي على الإنفاق على الصحة، وتتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وخصصت حكومة السيسي 48.9 مليار جنيه فقط للصحة في موازنة 2016- 2017، أي ما يعادل نصف النسبة الدستورية تقريبا، البالغة 97 مليار جنيه.
 
 قانون خبيث
 
وأعرب أمين عام مساعد نقابة الأطباء، رشوان شعبان، عن مخاوفه من مشروع القانون، وقال لـ"عربي21": "هذا القانون له دافعان خبيثان، أولهما إلقاء فشل المنظومة الصحية على عدم تواجد الأطباء في وزارة الصحة، وثانيهما، وهو الأخطر، هو تفريغ المستشفيات الحكومية من الأطباء؛ لأنه من غير المتوقع أن تمنحهم الدولة أجورا عادلة، ما يعني هجرتهم إلى القطاع الخاص، فتخلو المستشفيات الحكومية من الأطباء، ولا يوجد من يديرها، فتطرحها الحكومة للخصخصة".
 
وتساءل: "كيف نتوقع أن تمنح الدولة أجرا عادلا للطبيب؟ ولدينا من الشواهد ما يؤكد أنها لن تفعل ذلك"، ودلل على قوله بأن "هناك مادة في القانون تنص على تحمل وزارة الصحة نفقات الدراسات العليا للأطباء العاملين فيها، ورغم ذلك لا يتم تطبيقه، أضف إلى ذلك أن موازنة الصحة لا تطبق في الدستور، وترفض الدولة حصول الأطباء على بدل عدوى ملائم لهم".
 
واستهجن شعبان أوضاع الأطباء، قائلا: "الطبيب في قاع السلم الاجتماعي في مصر، والأصل أن يكون هناك فصل بين العمل الحكومي والقطاع الخاص، ومنذ فترة طويلة ننادي بأن يتفرغ الأطباء في عملهم، سواء أكان حكوميا أم خاصا، لكن لا بد من منحهم أجورا عادلة تساعدهم على التفرغ لعملهم ودراستهم وأسرتهم".
 
هجرة الأطباء
 
الباحث في برنامج "الحق في الصحة" بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الطبيب أيمن السبع، استبعد "تطبيق القانون عمليا"، وقال لـ"عربي21" إن "القانون يستحيل تطبيقه مثل قوانين كثيرة توضع دون الأخذ في الاعتبار آليات التنفيذ، فنقابة الأطباء بها مواد في لائحة آداب المهنة تنص على منع أن يعلن الطبيب عن خدماته من خلال وسائل الإعلام، ورغم ذلك لا يتم تطبيقها".
 
وأعرب عن خشيته من أن يؤدي إقرار مثل هذا القانون إلى "أن يهجر الأطباء القطاع العام إلى القطاع الخاص"، مشيرا إلى أن بوادرها بدأت في الظهور حتى قبل طرح هذا القانون، من خلال إضراب الأطباء عن التقدم للتكليف (خدمة يؤديها الطبيب حديث التخرج لمدة عام)، وهناك اتجاه عام لتصعيد فكرة أن العمل العام داخل القطاع الصحي تواجهه مشكلات كبيرة" .
 
لافتا إلى أن "المقترح يتعارض مع قدرات موازنة الدولة التي تفتقر للموارد"، متسائلا عن جدوى "وضع أو دراسة قوانين تفتقر لاستراتيجية حقيقية، ويشوبها قصور في الطرح، وغير فعالة، وغير قابلة للتنفيذ"، مستبعدا أن تقوم الدولة "بمنح الأطباء أجورا عادلة تكفل لهم حياة كريمة".
 
وأكد السبع أن "عدد الأطباء المصريين الذين يعملون بالخارج أكثر من عدد الأطباء المسجلين بالنقابة، ما يؤكد ما ذهبنا إليه من عدم وجود قوانين تكفل للطبيب حقوقه الكاملة، سواء المعيشية أو التعليمية".
 
القانون يخدم الأطباء
 
من جهته، قال عضو لجنة الصحة ببرلمان السيسي، خالد هلالي، "لـ"عربي21": إن "مشروع القانون لم يتم عرضه على لجنة الصحة بالنواب بعد"، مشيرا إلى أن "القانون ذاته عُرض على اللجنة من قبل ولم توافق عليه".
 
وأكد أن مشروع القانون "يصب في مصلحة الأطباء، فالكثير منهم لا يرغب في العمل طوال اليوم بين القطاعين العام والخاص، ويريدون عملا واحدا يكفل لهم مقابلا ماديا يناسب مؤهله ودراسته، والأخطار التي يواجهها".
 
ولكنه أعرب عن اعتقاده بأن مشروع القانون "لا يصب في مصلحة المواطن العادي، الذي يتلقى العلاج في المستشفيات والعيادات الخاصة، التي تستقطب أطباء مهرة وبارعين"، مضيفا: "إذا تفرغ جميع الأطباء للعمل بالحكومة وتركوا العمل الخاص، فما ذنب المرضى في القطاع الخاص".
التعليقات (0)