قضايا وآراء

تيران وصنافير والوراق وماذا بعد ؟

حمزة زوبع
1300x600
1300x600
لا  يبدو لي أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي يقيم وزنا ولا اعتبارا للشعب المصري بأي حال، وربما يقوده غروره إلى أنه يظن أن الشعب الذي يعاني منذ وصوله إلى السلطة يموت حبا وعشقا فيه، وأنه أي الشعب راض كل الرضا عما يقوم به من أفعال يندى لها الجبين وآخرها الهجوم المسلح على جزيرة في النيل ليطرد منها أهلها تمهيدا لتسليمها إلى أمير أو شيخ خليجي يبدو أنه أعطاه كلمة ووعد في أيام الانقلاب الأولى.

لا يأبه السيسي بما يفعله سواء على المستوى المحلي أو الخارجي طالما أنه يأمن العقوبة من شعبه بعد أن قام بتكميم الأفواه مستخدما القوة المفرطة في مواجهة أي معترض مسالم، وطالما أنه يـأوي إلى ركن الكفيل والممول الخليجي وركن ترامب في البيت الأبيض الذي يعتقد أي ترامب أن السيسي ورقة استراتيجية يمكنه من خلالها تمرير صفقة القرن أو بيع سيناء وتسوية قضية فلسطين بالأرض.

 السيسي جلس مضجعا وخاطب مريده بأن هناك جزيرة كبيرة في نهر النيل تم الاستيلاء عليها وأمر قواته وجنوده بالهجوم عليها وإخلائها لأنها وكما قال تمثل أولوية عنده، والسبب أنها محمية طبيعية كما زعم وهو غير صادق بالمرة.

ثم اعتدل قليلا وقال إن مشكلة الصرف الصحي ستؤذي مياه النيل لو سكن الناس في هذه الجزيرة، ثم تمايل قليلا وتخيل نفسه شيخا في حلقة ذكر وقال إن هذه الأرض حرام حرام حتى ولو بنيت عليها مدافن.

نسي الجنرال أنه استولى وقواته على كل أراضي مصر ووهبها للقوات المسلحة لتبيعها بالجملة والتقسيط لمن هب ودب وآخر من اشترى هو السجين هشام طلعت مصطفى الذي اشترى حريته بأربعة مليارات جميه ليحصل على حريته ومعها مئات الأفدنة من أرض مصر لكن  الأموال لن تذهب للخزينة بل للجيش ولا ندري هل هي للجيش أم للجنرالات فليس ثمة وثيقة أو مستند أو حتى معلومة يمكن الحصول عليها في عصر التعتيم الإعلامي الذي يقوده جنرال الغبراء عبد الفتاح السيسي.

 ونسي الجنرال أن أباطرة السوق وملوك المال والأعمال المؤيدين له ولحكمه لديهم جزر أو بعض جزر في قلب النيل ومنهم محمد أبو العينين ومحد إبراهيم سليمان الوزير اللص السابق، وليس الأمر حكرا على رجال الأعمال بل إن الجيش المصري له مئات المنشآت الترفيهية والسياحية على النيل وفي داخله ولا أحد يستطيع أن يرفع صوته فوق صوت الدبابة التي داست على إرادة الشعب في انقلاب يوليو ولا تزال تدوس على منا تبقى من ركامة الشعب العظيم.

يعلم السيسي وهو يتحدث عن الحلال والحرام أنه يبيع الوهم ويستخدم الدين ويختبئ خلف جدار الحلال والحرام لكي يستر فضيحة بيع الجزيرة التي تقع وسط النيل لرجل أعمال أو لشيخ من آل زايد، ولم لا فكما باع تيران وصنافير وأسكتت قواته الجماهير فبمقدوره أن يسكت الناس في هذه الجزيرة التي باعها بالفعل في مقابل دعم مالي وسياسي ضخم قدمه له أولاد زايد.

اللافت أن أهالي الجزيرة انتفضوا وتراجعت قوات الأمن بمصفحاتها ولكن النية مبيتة والجنرال العنيد لا يمكنه الرضوخ ولا الاستماع لصوت الشعب ولا لأنات الصغار والكبار ، كما أن أتباعه وجنده من الشرطة والجيش قد فقدوا عقولهم وصاروا آلة قتل مبرمجة في يد الجنرال ولا أظن أن لديهم العذر أبدا إذا ما حانت ساعت الحقيقة ودقت ساعة الحساب فلا عذر هنالك ولا حجة.

 الشيء الإيجابي في مأساة بيع جزيرة الوراق هو ذلك الصمود الرائع للمواطنين كبارا وصغارا، ناهيك عن فهمهم لطبيعة ما يجري من تحركات لبيع الجزيرة للإماراتيين، وقد شاهدت أحدهم وهو يعلن أنهم على وعي بالمؤامرة وعلى وعي بحجم التضحيات التي سيدفعونها لمواجهة بيع هذه الجزيرة.

السيسي يبيع الأرض كما باع الوهم وبعض القوى السياسية لا تزال تصارع بعضها البعض هل نخرج الإخوان من الثورة أولا أم نبني التحالف معها ونخرجهم لاحقا.

 السيسي دمر البلاد وأفسد العباد وعاث في الأرض الفساد ومع ذلك فالبعض يراه رئيسا ويجب أن نعارضه سياسيا؟ ولا أدري من منحه صفة الرئيس سوى هؤلاء الحمقى أو الجشعين الذين تصوروا يوما ما أن إبعاد الرئيس مرسي سيعني بالتبعية وصولهم إلى السلطة ونسوا أن جنرالا جشعا يتربص بالجميع وأنه لن يترك أحدا يشاركه الحكم والسلطة.

 بيع جزيرة الوراق سيصب الزيت على نار الثورة المتقدة منذ سنوات، ولم لا فمعظم النار من مستصغر الشرر.
1
التعليقات (1)
سمير التميمي_فلسطين
الأربعاء، 19-07-2017 06:13 م
مقال رائع دكتور....كل الاحترام