صحافة دولية

"قتلنا الجميع من رجال ونساء وأطفال".. يقول جندي بالموصل

ماذا يحفي إعلان الانتصار بالموصل وراءه؟ - أ ف ب
ماذا يحفي إعلان الانتصار بالموصل وراءه؟ - أ ف ب
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا؛ تحدث  فيه عن المرحلة الأخيرة من المعركة ضد تنظيم الدولة، التي أصبحت "وحشية" بجميع المقاييس، حيث تلقّى الجنود العراقيون تعليمات بقتل أي شيء يتحرك.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الجنود العراقيين يطلقون النار على كل شيء يعترض طريقهم. وفي هذا السياق، قال أحد الجنود: "لقد قتلنا الجميع، تنظيم الدولة، والرجال، والنساء، والأطفال".

ويقول الموقع إن المئات من الجثث ما زالت مدفونة تحت حطام المباني المهدمة، وأنقاض تلك المدينة التاريخية التي كانت تعج فيما مضى بالحركة.

وأشار الموقع إلى أن رائحة الجثث المتحللة أصبحت تطغى على المكان نظرا لارتفاع درجات الحرارة. وقد تركت عمليات القتل الأخيرة بصمات واضحة، إلا أن البعض يبدو حريصا على تغطيتها وإخفائها. ففي الأسبوع الماضي، عمدت الجرافات إلى جرف المنازل المهدمة وطحنت الجثث التي لا تحصى ولا تعد، غير أن العديد من الجثث بقيت ملقاة بين الحطام.

وقال أحد المسؤولين في الجيش العراقي لوكالة "فرانس برس" إن "هناك العديد من الضحايا في صفوف المدنيين بين الجثث، فبعد الإعلان عن تحرير الموصل من قبضة تنظيم الدولة، أُعطي أمر بقتل أي شيء أو أي شخص يتحرك". وفي سياق متصل، صرح أحد الضباط أنه على الرغم من علمهم بأن ما يقومون به خاطئ، إلا أن عليهم اتباع الأوامر.

وحيال هذه المسألة، برر بعض الجنود العراقيين ذلك بأن سجون بغداد مكتظة بالسجناء، ولم يكن بإمكانهم اعتقال المزيد من عناصر تنظيم الدولة. في المقابل، نفى قائد الجيش العراقي كل تلك الادعاءات وقال إن السجون متوفرة لكن تقرر تغيير طريقة التعامل.

وبيّن الموقع أن عدسات الصحفيين التقطت صورا لأسرى تنظيم الدولة وهم يُجرون في أزقة شوارع المدينة القديمة المهدمة، من قبل جنود القوات الخاصة.

وتجدر الإشارة إلى أن الجيش العراقي صادر بطاقات الصحفيين التي تخولهم دخول الموصل، وأمرهم بالمغادرة.

ونقل الموقع عن أحد القادة العسكريين قوله: "في الوقت الراهن، لا يوجد قانون يحكم  هذه المنطقة، فكل يوم أرى أننا نرتكب نفس الأخطاء التي اقترفها تنظيم  الدولة.  فعندما كان الناس ينزلون إلى النهر للحصول على المياه لأنهم كانوا يموتون من العطش، كنا نقوم بقتلهم".

وأفاد الموقع أنه على مشارف الضفة الغربية لنهر دجلة، انتشرت جثث الذين قتلوا خلال الغارات الجوية أو المعارك، أو أعدموا، أو توفوا بسبب الجوع والعطش، وبعضهم كان مرميا على الشاطئ، بينما كان البعض الآخر يطفو فوق المياه الزرقاء. ومن بين هذه الجثث يوجد الكثير من جثث الأطفال الصغيرة.

وأورد الموقع أنه في 17 من تموز/ يوليو، أظهر فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي؛ مروحيات عراقية تستهدف المدنيين اليائسين الذين يحاولون الفرار عن طريق السباحة عبر النهر الكبير. في المقابل، كان الجنود العراقيون يرفعون راية النصر والعلم العراقي فوق أكوام الأنقاض والجثث، غير متأثرين بمشاهد الموت والجثث الملقاة في كل مكان.

فقد أثرت وحشية هذا الصراع الذي طال أمده، ووحشية العدو؛ سلبا على مشاعر الجنود وأفقدتهم إنسانيتهم، بحسب الموقع. فخلال المعارك الطاحنة، ظلت القوات العراقية تتعرض للهجمات من قبل مسلحي تنظيم الدولة، الذين يختفون تحت الأنقاض أو المباني المنهارة، حيث كانوا يطلقون النار على الجنود أو يلقون القنابل اليدوية عليهم.

فعلى سبيل المثال، اقترب جندي من جثة عنصر موال لتنظيم الدولة، إلا أن ذلك المسلح كان يتظاهر بالموت، حيث أطلق النار على الجندي من مسافة قريبة، عن طريق مسدس كان يحمله. ولذلك، يتم إطلاق النار على أي شيء يتحرك تحت الأنقاض.

وأشار الموقع إلى أن الجنود العراقيين اكتشفوا يوم الخميس الماضي ثمانية أنفاق يختبئ بداخلها العديد من عناصر التنظيم، وذلك من خلال إجراء مقابلات مع النساء والأطفال الذين فروا.

كما قال الموقع إن آخر المدنيين الخارجين من الأنقاض يشبهون إلى حد كبير ضحايا معسكرات الاعتقال النازية، حيث أفاد الكثير منهم أنهم لم يأكلوا لمدة أسبوعين وكان بعضهم على شفا الموت. ومن بين هؤلاء الضحايا نذكر الطفل الإيزيدي، الذي نقل إلى المستشفى الميداني، حيث عولج من الجفاف الشديد وسوء التغذية. والجدير بالذكر أن عناصر تنظيم الدولة قد قتلوا الآلاف من الإيزيديين، بتعلة أن إيمانهم يقوم على عبادة الشياطين، بينماأسروا الآلاف من النساء والأطفال.

وأفاد الموقع أن الجرافات تقوم بالمناورة فوق الأرض لإغلاق أي فتحات مريبة، وذلك لمنع نشاط تنظيم الدولة المحتمل. وفي الاثناء، أمست الحيوانات في المدينة القديمة تقتات على بقايا الجثث. وللحد من رائحة الجثث المتحللة، أشعل الناس النارفي بعض المناطق.

ونوه الموقع إلى أن الطريقة التي جابت بها الجرافات فوق الأنقاض والجثث، ذهابا وإيابا، تشير إلى أن عدد ضحايا النزاع الأخير في الموصل لن يُعرف أبدا. وبالتالي، إن مدينة الموصل القديمة الأنيقة أصبحت الآن مقبرة واسعة، وهي مثال عن أحد أكثر الصراعات التي لا ترحم في القرن الحادي والعشرين.
1
التعليقات (1)
محمد
الإثنين، 31-07-2017 12:12 ص
لعنت الله علي حشد وحشي