كتاب عربي 21

ينبطحون.. ويسرقون الانتصارات

سيف الدين عبد الفتاح
1300x600
1300x600
من الخطورة حقا أن نشهد موقفا مركبا في تلك الأحداث التي شهدها المسجد الأقصى والتي نتجت عن تراكمات صار يحترفها العدو الصهيوني بكل بجاحة وصلف وغرور، إنه وبشكل يومي تقريبا يطلق قطعانه من المستوطنين على ساحات المسجد الأقصى ينتهكون حرمته ويغلقون أبوابه كل ذلك برعاية حصرية من جيش الكيان الصهيوني، الذي صار ليس فقط متواطئا مع تلك القطعان من جحافل المستوطنين ولكنه يدعم ويؤيد ويحمي هؤلاء بالسلاح في مواجهة هؤلاء العزل الذين ينافحون عن القدس والأقصى بكل طاقاتهم وبأجسادهم يرابطون على أبوابه ويحفظون حياضه وحرماته.

وفي مشهد آخر نرى قادة الدول العربية لا يحركون ساكنا ولا يقومون بأي تصريحات جدية في مواجهة هذه الأحداث التي تنتهك الأقصى والقدس، فها هي لجنة القدس معطلة وهؤلاء أصبحوا يستكثرون كلمات الشجب والاستنكار صارت الكلمات تتحشرج في حناجرهم لا يستطيعون قولها، ولا يستطيعون دفعا مع كل انتهاك بالمسجد الأقصى، فصار الكيان الصهيوني يتبجح في خطابه مؤكدا ومبررا أنه لا يفعل ما يفعل إلا في ظل رضا أنظمة عربية وأنه يقوم بتلك السياسات في ظل موافقة على كل ما تفعله إسرائيل من إجراءات، يقوم الإعلام الإسرائيلي بجملة من التسريبات هنا وهناك لتؤكد عملية تواطؤ كبرى من جانب تلك النظم لقضاء مصالحها، ولا ترى في بوابة الرضا الإسرائيلي إلا جواز مرور لتمرير تلك المصالح من أقصر طريق وبسكوت مطبق على الجرائم الإسرائيلية وجرائم الجيش الصهيوني التي أصبحت طقس شبه يومي.

وها هي الجامعة العربية تصمت صمت القبور ممثلة في أمينها العام، وما هو بالأمين على مصالح الأمة العربية بل هو الموظف الذليل الذي لا يملك حيلة ولا يقدم رؤية وصارت الجامعة العربية ونأسف لقول ذلك جيفة وجثة هامدة لا تقوى على الحراك ولا تقوم بأي أمر ما من شأنه أن ترد كل تلك الانتهاكات والجرائم الصهيونية على أرض فلسطين من تهويد للقدس ومن أنفاق تحفر ومن حائط البراق المدعى وهيكل سليمان الزائف وكل تلك الأساطير التي تبني إسرائيل على قاعدة منها غصبها واحتلالها ومزيدا من عربدتها، فهل هناك من نادى في جامعة العرب بمواجهة لإسرائيل أو لحفز أي مشروع قرار للحفاظ على ما تبقى من فلسطين التي قدمتها إسرائيل قطعة قطعة على أعين زعماء مزعومين.

وها هو الكيان الإسرائيلي يجعل تلك القاعدة التي يندى لها الجبين وتؤكد أن العرب لا يقومون بأي دور في حماية قبلتهم الأولى وحرمهم الثالث بل يتغاضون ويتغافلون، وعن كل الاتهامات يتغاضون ولا يحركون ساكنا، بل هي نظم صارت مع سطوتها واستبدادها تمنع تلك الشعوب من احتجاجها وإعلان غضبها والتي تجد ألف سبب وسبب لمواجهة هذا الكيان الغاصب الذي صار يمرح ويسرح في أرض فلسطين بلا ضابط ورابط، يبني المستوطنات ويقضم الأراضي ويهوّد بيت المقدس ويفعل الأفاعيل، وهؤلاء الزعماء لا يكلفون خاطرهم بمجرد كلام بل يمنعون كل احتجاج وأي كلام، فإذا ما خرجوا واجهوهم كما تقوم قوات الاحتلال بمواجهة هؤلاء الذين يحمون الأقصى بصدورهم وأجسادهم فصارت حكومة الاحتلال تنصب في حكومات احتلال في بلادنا العربية تنوب عنها وتتواطأ معها لتمرر احتلالها وغصب الحقوق وكل ما يتعلق بفلسطين التي لم يعد منها إلا القليل وهنا تحققت القاعدة أن مستحيلات إسرائيل صارت ممكنات وأن ممكنات العرب صارت مستحيلات.

في جوف هذه المشاهد الانبطاحية التي تدل على هوان ووهن دول العرب التي صارت تتقرب لإسرائيل بكل ما تطلب وما لا تطلب، بدا هذا التواطؤ فاضحا واضحا تراه كل عين ومع ذلك لا ترى أي أمر يمكن أن يشكل أي أمل في هذه النظم لمواجهة هذا الغصب الإسرائيلي والصهيوني في إطار صمت إقليمي ودولي لتقوم إسرائيل في كل مرة بتطوير أساليب عربدتها وكل أشكال اغتصابها، فها هو الكيان الصهيوني صار يصدر رسالاته الخبيثة والخطيرة التي تؤكد استباحته لأرض فلسطين حتى القدس والمسجد الأقصى، فنصب البوابات الإلكترونية ليراقب الدخول وأقام كل ما من شأنه مراقبة المصلين ومنع من شاء من دخول الأقصى ليصلي فيه حتى وإن كان يوم جمعة في صلاة جامعة، ويخير هؤلاء بين بوابات إلكترونية أو كاميرات مراقبة تنتشر في المكان في محاولة لإعلان الهيمنة الكاملة بعد كل مشاريعه التي التف بها حول الأقصى ومصليه وحاول من كل طريق أن يجعل كل هذا في إطار مشاريع تتعلق باقتسام الزمن واقتسام الزمان في محاولات حثيثة للتخفي والبروز في كل الوسائل التي يغتصب فيها الأقصى الذي يمثل رمزية كبرى في عالم العرب والمسلمين.

هنا وهنا فقط خرج المرابطون والمرابطات كما خرج الطفل من قبل يرمي الحجر في الانتفاضة الأولى، فحمى الوطن وأثار انتفاضة كبرى وها هم اليوم تنهض النسوة والشيوخ والعجائز لحماية الأقصى برباطهم الدائم رغم استهداف الكيان الصهيوني لهم بكل أشكال الاعتقال والتنكيل والاحتجاز والضنك حتى لو كانوا نسوة، يستبيح كل شيء في محاولة منه لفرض غصبه واحتلاله وطغيانه، لكن أهل فلسطين الذين علمونا أهم دروس المقاومة والممانعة يقومون وبدون تحريك من أحد ينشطون لحماية الأقصى والرباط على أبوابه، فإن منعوهم في مكان صلوا في مكان آخر، فمدوا مساحات الصلاة في كل نقطة وجعلوا كل الأرض حول الأقصى مسجدا يتناوبون صلاة بعد صلاة وكأنهم يؤكدون بشارة النبي عليه الصلاة والسلام باختصاص الأمة بأن جعلت الأرض لهم مسجدا، كان ذلك دفاعا عن رمزية الأقصى في عمل بطولي بكل المقاييس لا يقبل منهم التنازل أو التخاذل، إنه الأقصى تفتدى به الأرواح وتقدم فيه النفوس رخيصة وهو الكيان الصهيوني يضرب بكل قوة فيقتل البعض ويجرح المئات، ومع ذلك يخرجون فجر كل يوم إلى الأقصى يكبرون ويهللون يدعون ويتضرعون يؤكدون حماية الأقصى ولو استشهدوا في سبيله.

إنه درس المقاومة ومشهد المرابطة وعمل الممانعة يقوم به أضعف من في الركب نسوة وشيوخ وينضم إليهم كل قادر حتى يؤكدوا لكل صاحب سلطان لا يهتم إلا بالكرسي ولم يهتم بحرمات الأقصى خاطب ود ورضا إسرائيل ولم يكن له أي قول أو عمل لحماية الأقصى ومواجهة الغاصب الصهيوني، وحينما جد الجد واشتد وطيس المقاومة وأكد هؤلاء لا تنازل، لا بوابات إلكترونية، ولا كاميرات مراقبة، خضع هذا الأرعن نتنياهو ليسحب بعض من متاريسه وبواباته، ليؤكد هؤلاء على إنجاز غير مسبوق يؤكدون أنه من ضعفهم ومن قيمة ثباتهم تولد قوة تجبر الغاصب إلى أن ينتبه إلى أن في القادم انتفاضة كبرى.    

هكذا كان الأقصى وهكذا كانت القدس مقياسا و"ترمومترا" لقوة العرب ومقاومتهم، ثم يأتي هؤلاء الذين انبطحوا أمام ضعفاء الأمة مع ثبانهم قد انتصروا على صلف إسرائيل وطغيانها يأتي هؤلاء المنبطحون ليلعبوا الدور الزائف في ادعاء كاذب أنهم من اتصلوا وأنهم من ضغطوا حتى يتحقق هذا الإنجاز الكبير، كاذبون.. كاذبون، متواطئون.. مدعون، منبطحون.. مدلسون، فإنهم بذلك يحاول تلك اللصوص المتغلبة أن يسرقوا الإنجاز والانتصار فقط، الدنيا كلها تعرف أن المرابطات والمرابطين هم من كانوا وراء هذا الإنجاز الكبير ولا عزاء للمتصهينة العرب، للصوص الذين عهدناهم يسرقون كل انتصار ويحاولون أن يقطعوا الطريق على كل مقاومة.. ألا ساء ما يفعلون.
التعليقات (1)
سمير التميمي_فلسطين
الأربعاء، 02-08-2017 01:35 م
ذهب للجزار وطلب منه ان يذبح الخروف ويوزعه ثم خرج فامسك الجزار بالخروف وقال بسم الله عن روح ابي...فسمعه احدهم ولحق بصاحب الخروف وقص عليه ما قاله الجزار فرد عليه صاحب الخروف ربنا بيعرف مين دفع....لا تحزن يا استاذنا فربنا يعلم مين(دفع)