مقالات مختارة

هل يترشح الفريق شفيق ضد السيسي؟

جمال سلطان
1300x600
1300x600
من جديد، ترددت الأنباء وانتشرت بقوة عن قرار المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق الترشح في انتخابات رئاسة الجمهورية، المقرر إجراؤها منتصف العام المقبل 2018 في مواجهة السيسي، وأن شفيق سوف يعلن ترشحه من القاهرة وليس من أي مكان آخر، ومثل هذه الأنباء كانت تكررت من قبل، لكن هذه المرة من الواضح أنها تأتي من مصادر قريبة للغاية من الفريق شفيق، على الرغم من أن شفيق نفسه لم يعلن ذلك بوضوح أو بتصريح شخصي واضح، وهو يتعمد أن يترك الباب مواربا، مؤكدا بأن من حقه دستوريا كمواطن الترشح للرئاسة.

الاهتمام بموقف الفريق شفيق ينبع من كونه الشخصية الأكثر قدرة على منافسة السيسي في تلك المرحلة، والشخصية التي تملك عدة جوانب من القبول التي تتيح لها فرصة حقيقية للفوز بالمنصب، فهو شخصية عسكرية، وبطل من أبطال حرب أكتوبر، وبالتالي لا يملك المعسكر الآخر أن يزايد عليه، كذلك فهو الشخصية التي كانت تمثل القوى المناهضة للإخوان وللإسلاميين في انتخابات 2012، وأوشكت على هزيمتهم، رغم زخم ثورة يناير، وأنها كانت ضد التوجهات التي يمثلها معسكر شفيق وقتها، وحصل على أكثر من اثني عشر مليون صوت انتخابي، وهناك شكوك يطرحها حتى الآن تقول أنه كان فائزا بالانتخابات وأن أيادي غامضة تدخلت وغيرت النتيجة، وهو بذلك يغمز من السلطات التي كانت تدير البلاد وقتها، وعلى رأسها خصمه الأكبر المشير طنطاوي، كما أن شفيق يحظى بقبول واسع في المحيط الإقليمي وخاصة دول الخليج العربي، لأنه كان يمثل ـ بدرجة أو أخرى ـ امتداد لنظام مبارك الذي ارتبط بعلاقات مستقرة مع الخليج، كما أن المؤكد أن شفيق سيحظى بدعم القوى المدنية حتى المحسوبة على يناير والتي تبحث عن أي "منقذ" يغير ما يعتبرونه كابوسا سياسيا حل في مصر.

في مصر الآن، الأجواء السياسية والإعلامية والقانونية لا تجعلك تتفاءل بإمكانية أن تكون هناك انتخابات حقيقية، هناك مشاعر سلبية في دوائر الحكم تجاه فكرة الديمقراطية أو تداول السلطة، فكرة الانتخابات في حد ذاتها أمر معلق حتى إشعار آخر، على كل المستويات، من أول المجالس المحلية وحتى رؤساء الجامعات ورؤساء الهيئات القضائية وغيرها، هناك توجه عام ومخيف ضد الديمقراطية، وما الحديث عن المؤامرات التي تحاك لمصر والتحديات التاريخية ومحاولات إسقاط الدولة ولا صوت يعلو على صوت المعركة ضد الإرهاب إلا نوع من القصف المدفعي السياسي والإعلامي الذي يمهد لتمرير انتخابات 2018 بشكل آمن ورتيب، ويرعب أي "مغامر" يفكر في التقدم، وكل ذلك ما يجعل تصور عقد انتخابات جادة وشفافية وحقيقية على المنصب الأعلى والأخطر، منصب الرئاسة، تصورا بعيدا عن الواقع إلى حد كبير.

في حالة شفيق الأمر مختلف، لأن شخصية الفريق شفيق ليست من النوع الذي يخوض معارك استعراض سياسي، أو خدمات ولو بحسن نية للمنافسين، شفيق ليس حمدين، مع احترامي الكامل للصديق حمدين صباحي ورمزيته السياسية، وبالتالي فإذا قرر الفريق شفيق بوضوح ترشحه للرئاسة، فهذا يعني أن هناك قرارا من أعلى الدوائر بفتح الطريق أمام انتخابات رئاسية حقيقية بضمانات دولية وإقليمية، 

والفريق شفيق الذي لا توجد أي خطوط ود بينه وبين السيسي، والذي ظل في المنفى الاختياري أربع سنوات حتى الآن قلقا منه هو وليس من الإخوان، يحظى برعاية إماراتية كاملة، وثقة من أعلى الدوائر هناك، ثقة شخصية وثقة في القدرات، وكانت الإمارات ـ في البداية ـ تريد أن يترشح شفيق في 2014 وليس السيسي بعد الإطاحة بالإخوان، وهناك تصريحات علنية معروفة في هذا الشأن، والإمارات هي الداعم الأهم للسيسي والنظام بكامله حتى الآن، ويستحيل أن يعلن شفيق ترشحه ما لم يكن قد حصل على موافقة إماراتية على تلك الخطوة، وعندها سيكون هذا التحول مؤشرا على أن ثمة توافقا على التغيير في مصر.

شخصيا، أعتقد أن تلك التسريبات مجرد مناورات، وجس نبض، سواء من شفيق أو من داعميه، وفي تصوري أن التغيير في مصر مؤجل في تلك المرحلة؛ لأن الوضع في مصر مرتبط جوهريا الآن بحسابات إقليمية لا تقبل المجازفة ولا المخاطرة، حتى ولو مع شفيق، كما أن فرص نجاح شفيق تأتي من كونه مرشحا للتوافق والمصالحة الوطنية في مصر، وهذا يعني أن تشمل تلك المصالحة الإسلاميين، والإخوان أيضا، والأجواء الإقليمية الحالية لا تسمح بتلك الخطوة، بل تتجه عكسها وبقوة، ومن الوارد أن يكون تصعيد الكلام عن ترشح شفيق خطوة ضغط أو مساومة تمهد لاتفاق تسوية بينه وبين السيسي، يسمح بعودته إلى مصر وتأمين إقامته فيها سياسيا وأمنيا وقانونيا.

المصريون المصرية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل