قضايا وآراء

الإخوان المسلمون 2020: كيف وإلى أين؟ (1)

هاني الديب
1300x600
1300x600
بعد سلسة مقالات "منطلقات الحركات الإسلامية تحت المجهر"، ألحّ عليّ كثير من الأصدقاء والقرّاء أن أنتقل من العام إلى الخاص، أو من الحديث عن الحركات الإسلامية عامة، إلى تخصيص بعض المقالات أتناول فيها منطلقات حركة "الإخوان المسلمين" في وطننا العربي، من خلال رؤيتي الشخصية وتحليلي للواقع. وقبل أن أشارك تلك الأفكار، أودّ التأكيد على عدة أمور:
 
أولاً: لا ينبغي قراءة هذه المقالات قبل قراءة السلسلة التي سبقتها والمنشورة على موقع "عربي21" على مدار الشهور الثلاثة الماضية، بعنوان: "منطلقات الحركات الإسلامية تحت المجهر: من نحن وماذا نريد"، فهي مكملة لها منطلقة مما أسست له.
 
ثانياً: رغم خبرة الكاتب التي تناهز أربعين عاماً في العمل الإسلامي، إلا أني أقتبس فيما أطرحه من كتابات علماء أجلاء لهم تجارب حركية، كالغزالي والقرضاوي والريسوني والشنقيطي والغنوشي وغيرهم، إضافة إلى ما توفر من مراجعات الحركة الإسلامية في بلدان متعددة، وخلاصات نقاشات دارت في ندوات أقيمت لمناقشة هذا الموضوع وغيره مما يتعلق به، مع نُقول أخرى من مقابلات شخصيه ولقاءات مع كثير من قيادات العمل الإسلامي على مختلف انتماءاتهم.
 
ثالثاً: عنوان هذه الرؤية "الإخوان المسلمون 2020" لأني أرجو نقاشها على قطاع واسع داخل أروقة جماعة الإخوان في عالمنا العربي، على مدار هذه الفترة، أملاً في الخروج بتصور ناضج لرؤية مستقبلية بحلول عام 2020م أو قبلها. فإن مشاركة قواعد أي حركة في صياغة رؤيتها يعتبر أهم عنصر في بناء تلك الرؤية، أخذاً بموقف الصحابي الجليل العباس بن عبادة الأنصاري حين سأل قومه - من باب التأكيد - في بيعة العقبة (أتدرون علام تبايعون هذا الرجل؟).
 
رابعاً: تنطلق الرؤية مما أسس له الإمام البنّا، وقد آثرت أن تكون تجديدية لا ترقيعية، فلا مجال لمناقشة نصوص المؤسس وقوفاً على مبانيها وألفاظها، أو اعتبار التجديد أنه إعادة إنتاجها والتفنن في تفسير مواقفه التي صنعتها ظروف معينة، أو أقواله التي كانت نتاجاً طبيعياً في أزمنة محددة، إنما هو تجديد الرؤية الحركية في إطار الضوابط الشرعية، فالمعصوم صلى الله عليه وسلم قال: "أنتم أعلم بأمور دنياكم". فالاجتهاد هو الأصل في كل عصر ومستجداته، خاصة حين يتعلق الأمر بالمصالح المرسلة التي تقع خارج إطار الحلال والحرام وما يتعلق بهما من درجات الأحكام.
 
خامساً: توخت صياغة هذه الرؤية أن تكون بعيدة عن ضغوط الواقع، فلا هي وضعت للهروب من وطأة تضييق أمني ولا كانت نتيجة ضغط من هذا القبيل، كما أنها ليست تنازلاً من أجل البقاء، كما أنها ليست إملاءات خارجية ولا مناورة لمعالجة مشكلة سياسية آنية في قُطر ما.
 
سادساً: يبقى هناك طيف أو شريحة أو فئة من المجتمع المسلم تعادي الإخوان المسلمين بشكل مبدئي حتى لو كف الإخوان عن أداء الصلاة. ومنهم من يكره الإسلاميين جميعاً، بل ربما يعتبر بعض هؤلاء منافقين يظهرون الإسلام ويبطون غير ذلك! لكن هذا لا يمنع الاستفادة من التجارب حتى لو كانت مريرة، أو كما يصنفها البعض إخفاقات مؤلمة مرت بها جماعة الإخوان على مدار العقود الماضية، كما لا يمنع الاستفادة من النجاحات الباهرة التي حققتها الجماعة في أصعدة متعددة وبلدان كثيرة.

سابعاً: أي رؤية حين تلقى اتفاقاً أو قبولاً ربما تكون صالحة لعقد أو عقدين من الزمان، لكن إعادة النظر فيها مطلوب بين الحين والآخر للتأكد من صحة المسار، مع التأكيد على أنها اجتهادات بشرية في إطار المباح وليست نصوصا مقدسة.
 
أخيراً: إن احتياج كاتب المقال لمقدمة - بلغت في ذاتها حد مقال مستقل - تبني على ما سبق وتمهّد لما يلي، دليل على تحفظ أو تخوّف من ردود أفعال رافضة لكل ما ومن يقترب مما يعتبره البعض "مقدسات"، وأتحدث هنا عن مئات الألوف ممن لا يعوزهم الإخلاص وهم يرددون: "إنَّا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون"، أو "مقاومة التغيير" التي تتمترس بادعاء "هذه جماعتنا، ومن أراد أن يغير أو يجدد فليؤسس غيرها كما شاء" وهذا محض هراء لكنه صاخب!!
 
فجماعة الإخوان لم ولن تكون أبداً ملكاً لعدد من أعضائها كبر أو نقص، بل أزعم أنها أصحبت شأناً عاماً وليست ملكاً خاصاً ولو لأعضائها جميعاً، فالملايين - من غير أبنائها - الذين ناصروا تلك الحركة على مدار عقود في شتى أرجاء العالم وتحملوا الأذى بسبب هذه النصرة وفي سبيل تحقيق أهداف سامية آمنوا بها، لهم أيضا حق في رسم مستقبل هذه الحركة. وعليه فمن البديهي ألا يكون لقيادة الحركة حق الوصاية الفكرية الحصرية عليها، حتى يعتبرهم البعض أصحاب الحق دون غيرهم في تفسير كلام الإمام البنا، أو الخروج عنه حيثما بدت لهم المصلحة، وما الموقف من العمل الحزبي ببعيد.
التعليقات (1)
اينشتاين
الخميس، 29-03-2018 04:48 م
السؤال ، أيها الطبيب ، ماذا تريدون أن تصنعوا بجماعة الإخوان ؟ هل تريدونها بديلا لواقع المسلمين في عالمهم المتخلف ؟ أم تريدونها بديلا عن أنظمة الاستبداد ؟ ماذا تريدون تحديدا ، وهل رسمتم لذلك مسارا يتناسب مع الأهداف ؟ مثل هذا يصعب مقاربته على المباشر ، فالحركة كانت وإلى اليوم هي محل اهتمام ، أولوية الإخوان أن يهتموا فعلا بحركتهم ورصيدهم ومنطلقاتهم وما يربون إليه من داخل بيت الإخوان وانطلاقا من داخل عقولهم ، أما العرض على المباشر فلن يجدي نفعا .