كتاب عربي 21

أجندة احتلال إماراتية صارخة في اليمن

ياسين التميمي
1300x600
1300x600
تنساق أبو ظبي في اليمن نحو أجندة أقل ما يقال فيها أنها خاصة وجانبية، قياساً بالأهداف المعلنة للتحالف، والأسوأ منها أن هذا الانسياق يتم بصفاقة واستعلاء وبمبالغة ظاهرة في إلغاء السلطة الشرعية ودورها.

فعلى نحو مفاجئ نفذت أبو ظبي الخميس الماضي، عملية عسكرية في شبوة انتهت بفرض السيطرة على معظم مدن المحافظة بما فيها العاصمة "عتق" إلى جانب سيطرتها على الأهداف الأساسية لهذه الحملة وهي المنشآت النفطية الرئيسية التي تضم ثاني أهم منشأة لتسييل الغاز الطبيعي في الجزيرة العربية والواقعة في منطقة بلحاف على بحر العرب.

ولكي تنجز مهمة كهذه بدون تداعيات جانبية، بالغت في إظهار أنها تقوم بما تقوم به من أجل محاربة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وأنها تقوم بذلك بإسناد من القوات الأمريكية.

وركز الإعلام الإماراتي على المشاركة الأمريكية بشكل مكثف، وتطوع السفير الإماراتي المثير للجدل في واشنطن إلى تأكيد حقيقة الشراكة القائمة بين بلاده وواشنطن في أحدث عملية عسكرية لقوات بلاده في شبوة.
السلطة الشرعية ورئيسها والحكومة هما الطرف الذي غاب عن هذه العملية ولم يُخطَرْ بها من الأساس على الأرجح، لأن أهداف الإمارات لم تعد متسقة ليس فقط مع المصالح الوطنية لليمنيين، ولكن أيضاً مع الرئيس الشرعي الذي دخل التحالف إلى اليمن بناء على طلبه.

المملكة العربية السعودية هي الأخرى لم تكن موجودة، ولم نسمع ما يشير إلى مباركتها هذه العملية، وهذا هو الذي يفسر لماذا بالغ الجانب الإماراتي في إبراز الدور الأمريكي في هذه العملية التي تطغى أهدافها السياسية والاقتصادية عما سواها من الأهداف.

شاهدت فيديوهات عن جانب من الدخول الاستعراضي لقوات "النخبة الشبوانية" وهي أحدث نسخة من التشكيلات العسكرية اللاوطنية التي تشرف على تأسيسها الإمارات بناء على مرجعيات قبلية وجهوية.

لم يكن في مدينة عتق وهي عاصمة محافظة شبوة ما يستدعي دخول هذه القوات أو انتشارها في المدينة فالأوضاع مستتبة والقوات الحكومية تنتشر وتفرض الأمن فيها بشكل جيد.

لكن ذلك حدث وتدفقت العربات العسكرية الحديثة وسط إطلاق كثيف للنيران والأعلام الانفصالية، وعلى الفور باشرت هذه القوات بالتموضع وفرض السيطرة الأمنية في المراكز الحيوية، فيما كان الطيران الحربي يحلق في سماء المدينة، وهي المراسيم ذاتها التي شهدتها بقية المدن.

إن أبو ظبي ترد بهذه العملية على قرارات الرئيس هادي التي أطاحت بمحافظ شبوة السابق الموالي لأبو ظبي، وعضو المجلس الانتقالي الجنوبي "الانفصالي" وتفعل الشيء نفسه في محافظة أرخبيل سقطرى.

أقول ذلك لأنه في شبوة تتمركز وحدات عسكرية تخضع للسلطة الشرعية وتشكل نواة الجيش الوطني اليمني، وتخوض معارك يومية ضد الانقلابيين الذين لا يزالون يتمركزون إلى الشمال الغربي من شبوة، ويحاولون تحرير هذه المناطق وإنهاء سيطرة الانقلابيين على خط الإمدادات المفتوح الذي يبدأ من بحر العرب وينتهي في صنعاء.

لا أعتقد أن خط الإمدادات هذا سوف يُستهدف من قوات أبو ظبي ومرتزقتها، فالشركات التي تعمل ليل نهار في تهريب الأسلحة والمشتقات النفطية تقوم بذلك انطلاقاً من مكاتبها في دبي.

سبق لأبو ظبي أن دعمت حملة منسقة خدعت الكثيرين منا قبل أن يتبين لنا أنها تريد أن تحمل سلطنة عمان وزر التورط في أعمال التهريب المتواصلة لصالح الانقلابيين.

لم تكن أبو ظبي تستهدف التهريب المتواصل للانقلابيين، بل كانت تستهدف إبعاد سلطنة عمان من مناطق نفوذها في محافظة المهرة الواقعة على الحدود الشرقية للبلاد، حيث تتداخل المصالح اليمنية والعمانية على نحو بالغ التعقيد في هذه المحافظة وفي محافظة أرخبيل سقطرى كذلك.

هناك معلومات ذات مصداقية تتصل بمساعي أبو ظبي الحثيثة للاستحواذ على الغاز الطبيعي المسال، الذي يتم إنتاجه من حقول في مأرب الواقعة تحت سيطرة السلطة الشرعية.

أبو ظبي على الأرجح تفكر في الحصول على مصدر بديل للغاز القطري، لكن مهمة كهذه تبدو شاقة وغير متاحة في ظل التعقيدات القانونية ومن بينها العقود طويلة الأجل التي أبرمتها الحكومة اليمنية مع مستهلكين دوليين وفي مقدمتهم شركات في كوريا والهند.

لكن من الوارد أن أبو ظبي حينما تفرض سيطرتها على منشأة بلحاف الغازية إنما تريد أن تمارس ابتزازاً للحكومة الشرعية، ومصادرة حقها السيادي في استثمار الموارد الطبيعة للبلاد والإفادة منها في تحسين حياة اليمنيين.

سوف يستمر الإعلام الإماراتي بإظهار أن ثمة إنجاز آخر قد أنجزته بلاده في اليمن، لكن اليمنيين باتوا أكثر إدراكا أن الإمارات لا تعمل لصالحهم بل إنها تمضي بصلف شديد في تجاوز السلطة الشرعية، وتمرير مشاريعها التي تصطدم حتى مع المرجعيات الأساسية للحل.

بل إنها تريد تقويض هذه المرجعيات لكي تفرض ما تريد بما في ذلك إمكانية إعادة النظام السابق إلى واجهة السلطة في البلاد.

0
التعليقات (0)