كتاب عربي 21

في موازاة المعركة العسكرية ضد التطرف والإرهاب: مبادرة لبنانية لتعزيز الحوار

قاسم قصير
1300x600
1300x600
بموازاة المعركة العسكرية والأمنية التي يخوضها لبنان ضد المجموعات المتطرفة والإرهابية، تنطلق في بيروت يوم الخميس في السابع عشر من شهر آب/أغسطس الجاري مبادرة لبنانية إنسانية وحوارية من خلال عقد مؤتمر صحافي في نقابة الصحافة اللبنانية لإطلاق ملتقى الجمعيات الإنسانية، وتضم هذه المبادرة ست هيئات لبنانية تنشط في خدمة اللاجئين والنازحين والفقراء والمهمشين من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين،  دون أي تمييز طائفي أو مذهبي أو عرقي.

وتشارك في هذه المبادرة الهيئات التالية: المجمع الثقافي الجعفري للبحوث والدراسات الإسلامية وتعارف الأديان، جمعية سوا للتنمية، ائتلاف الجمعيات الخيرية في لبنان، مؤسسة السيد فضل الله للخدمات الاجتماعية، جمعية الإرشاد والإصلاح الخيرية الإسلامية، واتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية.

وقد تمت هذه المبادرة بدعم ورعاية من مؤسسة قرطبة في جنيف ووزارة الخارجية السويسرية والسفارة السويسرية في بيروت ، وهي تأتي حصيلة جهود حوارية استمرت طيلة الأشهر الاثني عشر الماضية ما بين اسطنبول وجنيف وبيروت، وهي جزء من سلسلة مبادرات حوارية إسلامية – إسلامية يتم العمل لإطلاقها في بعض الدول العربية من اجل تخفيف الاحتقانات الطائفية والمذهبية ولتعزيز التعاون والحوار في مواجهة التطرف والعنف.

وسيعقد المؤتمر الصحافي برعاية رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ومشاركة حشد كبير من الشخصيات الدينية والسياسية والدبلوماسية والهدف من ذلك إطلاق رسالة لبنانية قوية من أن مشروع مواجهة الإرهاب والتطرف لا يستكمل إلا من خلال العمل أيضا لمعالجة الأسباب الكامنة وراء نشوء هذا الإرهاب من فقر وظلم واضطهاد .

وتهدف المبادرة على الصعيد العملي،حسب الوثيقة التأسيسية للقاء،والذي اطلع عليه موقع "عربي21" :" إلى إيجاد فضاء حواري وإنساني في عالم يعيش فيه المسلمون بعيدا عن الخلاف ومن اجل ترقية الحوار وتمكين الناس للوقاية من العنف وترشيد المجتمعات نحو حياة حوارية وإنسانية أفضل".

وتشير الوثيقة حول الأسباب الموجبة لهذه المبادرة: "إلى انه نظرا للازمة الإنسانية التي يمر بها لبنان واستضافته لعدد كبير من اللاجئين والنازحين والحاجة الملحة لتقديم المساعدات الإنسانية فضلا عن احتياجات المجتمع اللبناني المضيف ، ولما كان العمل الإنساني يحتاج إلى أوسع حالة من التنسيق والتعاون بين المؤسسات والشخصيات الفاعلة، فقد قررت هذه المؤسسات القيام بمبادرات عملية فيما بينها من اجل خدمة كل الفئات المهمشة والمحتاجة، على أن يتزامن ذلك مع مبادرات حوارية وثقافية وإنسانية وعملية".

وقد اتفقت الهيئات المشاركة في هذه المبادرة على القيام بخطوات عملية وميدانية مشتركة لان ذلك يعزز التواصل الحواري ويقدم رسالة مباشرة ضد التطرف والعنف والإرهاب.

وهذه التجربة الجديدة تنضم إلى سلسلة مبادرات ولقاءات شهدها ويشهدها لبنان من اجل تعزيز الحوار والتواصل ولتحويل لبنان إلى بلد نموذجي للحوار الحضاري والإنساني، وكل هذه المبادرات ساهمت في تخفيف ومعالجة حالة الاحتقان الطائفي والمذهبي والسياسي التي عانى منها لبنان طيلة السنوات الماضية وخصوصا منذ الاحتلال الأمريكي للعراق ومرورا باغتيال الرئيس رفيق الحريري ووصولا لتداعيات ألازمة السورية على الواقع اللبناني.

ويمكن القول إن تحصين الوضع اللبناني الداخلي سياسيا وإعلاميا وشعبيا وثقافيا، ساهم إلى حد بعيد في دعم الحرب التي تخوضها المؤسسات العسكرية والأمنية في مواجهة التنظيمات المتطرفة سواء في الداخل اللبناني او في المناطق الحدودية.

ويضاف إلى ذلك قدرة الأطراف السياسية اللبنانية للتوصل إلى تسويات عملية لمعظم الأزمات السياسية التي عانى منها لبنان ولاسيما أزمة الفراغ الرئاسي ومشكلة قانون الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة لإدارة شؤون البلد.

وسيكون لبنان مجددا في الأيام المقبلة إمام تحديات جديدة في ظل المعركة التي ستخاض ضد تنظيم داعش في جرود القاع ومحيطها، لكن الوعي اللبناني للمخاطر القادمة والاستعداد العملي لمواجهة هذه المخاطر سيكون له دور كبير في تحصين لبنان من هذه المخاطر والتحديات وتحويلها إلى فرصة ايجابية للتعاون والحوار.

1
التعليقات (1)
نصر الدين بن حديد
الخميس، 10-08-2017 08:42 م
على المستوى الاستراتيجي، العنف الاهلي نتاج الجهل والخوف، ومن مهام هذه الحوارات طرد الخوف وابعاد شبح الجهل. الا ان طبيعة المجتمع في علاقة مع العمقين الثقافي والتاريخ، مع عمق للصراع الدموي الداءر، معطوف على التوسيع الطاءفي لمراكز النفوذ في لبنان يجعل مثل هذه المحاولات الحوارية، مجرد نقطة ماء في بحر، مطلوبة بغية ملء الفراغات، لكن تهددها رياح السموم الطاءفية....