قضايا وآراء

سباق عسكري إلى دير الزور

حسين عبد العزيز
1300x600
1300x600
مع الغموض الذي يكتنف مصير محافظة إدلب نتيجة غياب التفاهمات الإقليمية ـ الدولية، تبدو محافظة دير الزور على موعد مع إطلاق المعركة الكبرى ضد "تنظيم الدولة الإسلامية".
 
ثمة ثلاثة معطيات تؤكد أن المعركة اصبحت قاب قوسين أو أدنى، وأن المسألة مجرد توقيت ليس إلا:
 
ـ مواصلة "قوات سوريا الديمقراطية" تعزيز تواجدها العسكري في منطقة الشدادي جنوبي محافظة الحسكة قرب محافظة دير الزور، مع توجيه قائد "مجلس دير الزور العسكري" نداء إلى أبناء دير الزور الموجودين في تركيا، للالتحاق في صفوف قواتهم للتوجه إلى دير الزور.
 
ـ وصول قوات النظام السوري إلى أعتاب محافظة دير الزور عبر محور السخنة، ووصولها إلى بلدة معدان في أقصى الجنوب الشرقي لمحافظة الرقة.
 
ـ الانتصار السريع للقوات العراقية على التنظيم في قضاء تلعفر، وتصريحات وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس الذي قال إن "وادي نهر الفرات الأوسط ـ المحصور بين مدينة القائم غرب العراق ومدينة دير الزور شرق سوريا ـ سوف يُحرر في الوقت المناسب".
 
لكن المعضلة التي تواجه معركة دير الزور تكمن في القوى التي ستطلق المعركة، وفي الحدود الجغرافية المتاحة لكل طرف، فالمحور الأمريكي الُممثل بـ "قسد" و "مغاوير الثورة" أضعف من أن يطلق معركة دير الزور التي تعتبر أم المعارك ضد التنظيم في سوريا، في وقت يبدو المحور الروسي الممثل بقوات الجيش السوري والقوات التابعة لإيران قويا وقادرا على إطلاق هذه المعركة.
 
بالنسبة للمحور الروسي، لا يمكن التساهل حيال المحافظة بعدما انتزعت الولايات المتحدة السيطرة على معظم محافظة الرقة ومحافظة الحسكة، وهما المحافظتان اللتان تشتركان مع دير الزور في الثروات الزراعية والحيوانية والنفطية، فضلا عن ملاصقة دير الزور للحدود العراقية من جهة محافظة الأنبار، ما يجعلها الممر الجغرافي الأكثر حيوية بالنسبة للنظام وإيران.
 
أما بالنسبة للمحور الأمريكي ففيه الكثير من التعقيدات والثغرات، فـ "قسد" على سبيل المثال ليس لها أهداف استراتيجية في محافظة دير الزور، وهي إن شاركت في العملية العسكرية، فإنها تقوم بذلك تحت طلب أمريكي، في وقت تبدو القوى العسكرية العربية (مجلس دير الزور العسكري، مغاوير الثورة، قوات النخبة) أضعف من أن تطلق هذه المعركة، أو تحقق انتصارات عسكرية.
 
"مجلس دير الزور العسكري" لا يمتلك سوى مئات المقاتلين، ومعظمهم لم يخبر تجارب عسكرية كافية، في حين يعاني "مغاوير الثورة" من تشتت في عناصره المنتشرين في الحسكة، شمال محافظة دير الزور، وفي شرقي محافظة حمص، جنوب محافظة دير الزور.
 
أما قوات النخبة فقد انقسمت بعد انضمام جزء من عناصرها إلى "قسد" على خلفية استبعادها من المشاركة في العملية العسكرية، خوفا من حدوث صراع عشائري سني ـ سني ينعكس سلبا على سير المعارك، ذلك أن معظم عناصر "قوات النخبة" تنتمي إلى عشيرة الشعيطات التي تعرضت لعمليات قتل كبيرة على يد التنظيم الذي تحالف قبل سنوات مع عشيرتي البوكامل والبكير في دير الزور.
 
وبالنسبة لـ "قسد"، فعلى الرغم من قوتها الكبيرة ونجاعتها في المعارك ضد التنظيم، إلا أنها تعاني من مشكلة السيطرة على مساحات واسعة تضاف إلى مناطق سيطرتها، فهي لا تمتلك العديد البشري الكافي لذلك، وعليه يبدو أن دورها العسكري سيكون لوجستيا، أو على الأقل العودة إلى مناطق سيطرتها بعيد الانتهاء من معركة دير الزور.
 
كل هذه المعطيات تجعل الولايات المتحدة متشككة من نجاح العملية العسكرية في المحافظة، وهذا ما يفسر إلى الآن تأخير انطلاق المعركة، لكن الوقت يسير على عكس صالح واشنطن، إذ أن أي تأخير سيمنح المحور الروسي القدرة على تحقيق انتصارات، خصوصا مع اقتراب قوات النظام من الحدود الإدارية للمحافظة.
 
وأغلب الظن أن الولايات المتحدة تربط معركة دير الزور بالمعارك غرب العراق في نينوى والأنبار، فانتشار القوات الحليفة لها في مدينة الشدادي جنوبي الحسكة يوحي بأن الهدف الأمريكي هو شمالي محافظة دير الزور وجزء من شريطها الحدودي مع العراق، ومن دون فتح معركة الحويجة ومحيطها في العراق ستتعرض القوات الحليفة لواشنطن إلى هجوم عنيف من التنظيم.
 
كما تربط الولايات المتحدة معركة دير الزور بدخول قوات النظام إليها، كي لا يكون رد فعل التنظيم باتجاه القوات الحليفة لواشنطن فقط، ففي هذه الحال ستتشتت قوات التنظيم بين جبهتين، وسيكون التنظيم مضطرا إلى التركيز على الجبهة الغربية، أي جبهة النظام كونها الأكثر قوة وفاعلية.
0
التعليقات (0)