قضايا وآراء

أساطير هدمتها الأزمة الخليجية

هاني بشر
1300x600
1300x600
تمر الآن عدة أشهر على اندلاع واحدة من أهم الأزمات الخليجية التي تمر بها هذه الدول منذ إعلان استقلالها قبل أكثر من أربعة عقود. 

وهي واحدة من الأزمات الكاشفة أكثر من كونها منشئة للمشاكل. إذ كشفت عن عدة أمور خطيرة في علاقة الأشقاء الخليجيين ببعضهم البعض والأهم من هذا أنها هدمت عدة أساطير ينبغي رصدها والتوقف عندها. 

أولى هذه الأساطير هي استفادة الشركاء الخليجيين من غزو الكويت وما ترتب عليه في الخليج والعراق من تداعيات لا يزال الجميع يدفع فاتورتها الباهظة حتى الآن. فالتدخل العسكري كان مطروحا بحسب حديث وزير خارجية ألمانيا سيغمار غابرييل لصحيفة "فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ" في يونيو الماضي الذي تحدث عن احتمال أن تتمخض هذه الأزمة عن حرب مشيرا إلى وجود الفرصة لنزع فتيل التوتر. 

وهناك حديث غير خفي عن الرغبة في تغيير النظام الحاكم في قطرـ الأمر الذي يشير إلى أن دولا مثل السعودية والإمارات لم تتعلم مما حدث في غزو الكويت من تغيير توازنات القوى إقليميا بشكل أثر على الجميع بشكل سلبي ليس أقلها الدخول المباشر للقوات الأجنبية للأراضي الخليجية وغزو العراق والتمدد الإيراني.

ثاني هذه الأساطير هي فكرة أن الإدارة الأميركية كتلة واحدة يتصدرها البيت الأبيض. وبالتالي يمكن لأي دولة أن تتصرف كما تريد إذا حصلت على ضوء أخضر من أي جهة في هذه الإدارة. 

ومن الواضح أن الإدارة الأميركية لم تكن على قلب رجل واحد فيما يخص هذه الأزمة ولا تزال كذلك، وأن الأمر به قدر كبير من الشد والجذب والنشاط الدبلوماسي الذي يمكن أن يغير المعادلة. 

فغياب الدبلوماسية الأميركية العلنية المباشرة في بداية الأزمة ثم حضورها مكثفا ممثلة في وزير الخارجية الأميركي تيرلسون وجولته المكثفة في دول الخليج وتوقعيه اتفاقا مع قطر يشير إلى أن نهر الدبلوماسي قد جرت فيه مياه كثيرة ولا تزال تجري حتى الآن، وهي الأسطورة التي لا تزال حاضرة في كثير من الملفات العربية الملتهبة ويتم اعتبار الرغبة الأميركية واجبة التنفيذ وغير قابلة للمواجهة والتغيير. 

بعبارة أخرى هذه الأزمة تفند حجة إلقاء عبء الفشل الدبلوماسي على عاتق الولايات المتحدة وحدها مع إغفال الإخفاق الدبلوماسي العربي، مع الإقرار بمسؤولية أميركا عن كثير من المشاكل ـ وبنظرة سريعة على مذكرات المسؤولين الأميركيين وتسريبات ويكيليكس يتبين أن القرار الأميركي بشكل عام ليس دائما قدرا محتوما وأنه يتغير ويتحور بناء على توازنات القوى وتصرفات الأطراف الأخرى.

ثالث هذه الأساطير هي تحكم الجغرافيا في مصائر الشعوب والدول. فالحصار الجوي والبري الذي مورس ضد دولة مثل قطر ليست لها منافذ متعددة كان كفيلا باستنزافها في أي عصر آخر.
لكنها أفلتت من هذه الحصار جويا وبحريا واستثمرت العلاقات الدبلوماسية مع تركيا وإيران في هذا الصدد. الأمر الذي يعني أن قدر الحدود الجغرافية ليس أمرا سلبيا في كل الأحوال وأنه يمكن التغلب عليه. بل إن الاتساع الجغرافي قد يكون عبئا استراتيجيا من ناحية أخرى لما يستلزمه من تأمين وحماية ومراقبة.

رابعا هي أسطورة أن المؤامرات والخطط السياسية قابلة للنجاح دائما، خاصة في إطار العلاقات الدولية. وقد أثبتت هذه الأزمة أن هناك دائما خطط ومؤامرات من الجميع والفكرة ليست إلغاؤها والتذرع بها وإنما التعامل معها وتجاوزها. فحين تهدد أربع دول عربية مهمة دولة أقل من معظمهم مساحة وتعداد سكاني وقدرات عسكرية ثم لا تنجح هذه الدول في فرض إرادتها، نعلم أن الأمر مرده لطبيعة إدارة المعارك الدبلوماسية والاستراتيجية وليس مقدار القوة الصلبة والناعمة التي يمتلكها كل طرف.

هذه مجموعة من الأساطير مذكورة على سبيل المثال لا الحصر والقوس مفتوح لإضافة المزيد من الأساطير الأخرى. ونتمنى أن تنتهي هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، فالعالم العربي ليس بحاجة لمزيد من المشاكل تصب الزيت على النار. 
1
التعليقات (1)
محمد حمدان
الإثنين، 04-09-2017 12:38 م
لماذا تزيفون وعي الناس وتقولون استقلال دول الخليج؟ هي كلها دول محتلة وانت نفسك ياكاتب المقال اثبت ذلك بالحديث عن سيطرة امريكا عليهم.