سياسة عربية

العراق يستعيد "حمرين".. وهذه آثار تنظيم الدولة بالحويجة

القوات العراقية أعلنت استعادة جبال حمرين الممتدة بين محافظتي ديالى وكركوك- أ ف ب
القوات العراقية أعلنت استعادة جبال حمرين الممتدة بين محافظتي ديالى وكركوك- أ ف ب
أعلن قائد الحملة العسكرية لاستعادة قضاء الحويجة جنوب غربي محافظة كركوك العراقية، السبت، استعادة قواته السيطرة على سلسلة جبال "حمرين" من تنظيم الدولة.

وتمتد سلسلة جبال حمرين على طول 45 كم من منطقة "الفتحة" جنوب غربي كركوك (شمال) باتجاه الحدود مع محافظة ديالى شرقا، وباتجاه محافظة صلاح الدين شمالا.

وقال الفريق الركن عبد الأمير يار الله، في بيان له إن "قوات من الفرقة المدرعة التاسعة في الجيش العراقي والحشد الشعبي سيطرت بالكامل على سلسلة جبال حمرين، بدءا من جسر زغيتون جنوب غرب كركوك حتى جسر الفتحة غربي المحافظة".

واعتمد تنظيم الدولة على مدى السنوات الماضية سلسلة جبال حمرين ذات الطبيعة الوعرة، ممرا رئيسا لنقل إمداداته العسكرية واللوجستية بين محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك.

بدوره، قال النقيب في الجيش جبار حسن، إن "12 عنصرا من تنظيم الدولة قتلوا خلال الساعات الماضية أثناء السيطرة على سلسلة جبال حمرين".

ولفت إلى أن "السلسلة الجبلية ضمن الحدود الإدارية لمحافظة ديالى ما تزال تشهد نشاطا لمسلحي التنظيم".

وأوضح حسن أن العملية العسكرية جرت بدعم من الطيران العراقي، الذي دمّر العديد من المضافات التابعة للمسلحين كانت منتشرة في الأودية التي يصعب على المركبات العسكرية الوصول إليها بسبب وعورة المنطقة.

مقابر جماعية

وعلى صعيد ذي صلة، فقد أفاد مصدر أمني عراقي، السبت، أنه تم العثور على 10 مقابر جماعية تعود إلى مدنيين وعسكريين، في قضاء الحويجة جنوب غربي كركوك.

وأوضح النقيب في شرطة كركوك حامد العبيدي أن "قوات مشتركة من الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي عثرت على 10 مقابر جماعية تضم رفات مدنيين وعسكريين من الشرطة قتلوا على يد عناصر تنظيم الدولة داخل قضاء الحويجة".

وأضاف العبيدي أن "المقابر تضم رفات العشرات، وتم إبلاغ السلطات المختصة للقيام بمهام رفع الجثث والتعرف على هوياتها لتسليمها إلى ذويها"، مضيفا أن التنظيم "أقدم على مدى الأعوام الماضية على تنفيذ أحكام الإعدام بحق العشرات من المدنيين وعناصر الشرطة ممن اتهمهم بالولاء للحكومة الاتحادية".

واستعادت القوات العراقية الخميس الماضي بشكل كامل مركز قضاء الحويجة جنوب غربي كركوك من سيطرة تنظيم الدولة بعد ساعات من اقتحامه.

وانطلقت حملة تحرير قضاء الحويجة في 21 أيلول/سبتمبر الماضي والتي تضمنت مرحلتين انتهت بتحرير القضاء ونواحيه الثلاث بالكامل، فيما لا تزال تواصل القوات الأمنية تحرير وتطهير بعض القرى الواقعة إلى الشمال من القضاء.

خسائر بملايين الدولارات

لا تزال آثار حكم تنظيم الدولة ماثلة للعيان في بلدة الحويجة التي استعادتها القوات العراقية، الخميس، فعلى مدخلها لوحة كبيرة تدعو إلى "الجهاد في سبيل الله" تقابلها أخرى تتوعد المدخنين.

هنا أيضا لجأ عناصر التنظيم إلى "سياسة الأرض المحروقة" عندما أدركوا أنهم موشكون على الهزيمة قبل مقتلهم أو فرارهم أمام تقدم القوات العراقية في محافظة كركوك الشمالية الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين بغداد وأربيل.

فأضرموا قبل فرارهم النار بآبار النفط المحيطة بالحويجة مخلفين أعمدة من الدخان الأسود الكثيف. "لقد سببوا خسائر تقدر بملايين الدولارات" وفق ما يقول سكان المنطقة ومقاتلون من فصائل الحشد الشعبي التي تشكلت في عام 2014 لمواجهة تنظيم الدولة الذي سيطر على ثلث البلاد في هجوم خاطف.

وتحولت مجموعة الأكشاك في السوق المركزية إلى كومة من الأنقاض جراء انفجار سيارة مفخخة، فيما رفعت قوات الحشد الشعبي راية حسينية محل راية التنظيم المتطرف السوداء.

وأحرقت كذلك الحقول الزراعية في المنطقة التي اشتهرت بإنتاجها الوفير والنوعي من الحبوب والبطيخ.

ومنذ استعادة القوات العراقية المدينة التي كانت تعد نحو 70 ألفاً من العرب السنة الخميس، بات السكان غير مرئيين.

جياع وحفاة 

وعلى الطرق المؤدية إلى وسط الحويجة، آخر مدينة عراقية تحت سيطرة تنظيم الدولة، شوهد قرويون يلوحون للسيارات والقوافل العسكرية العابرة طلبا للطعام. 

وقالت أم عماد وهي تذرف الدموع وترفع يدها لكل مركبة عابرة: "لقد مرت أربعة أعوام منذ أن رأينا شايا أو ملعقة سكر".

وأضافت: "أطفالنا يموتون من الجوع ويسيرون حفاة (...)  عائلات تنظيم الدولة وحدهم كانوا يزدادون وزنا لأنهم فرضوا علينا إعطاءهم أكثر من ربع محصولنا".

وتتكرر مشاهد الخراب داخل المدينة، حيث دمر مقر المجلس المحلي بشكل كامل، وأشعل حريق في المستشفى الواقع قبالته وبات خارج الخدمة ولا يجرؤ أحد على دخوله خشية تفخيخه.

وقال محمد خليل الناطق باسم الحشد الشعبي الذي سيطر على مستشفى الحويجة: "عندما سيطر الدواعش على المدينة استخدموا المستشفى، لكن عندما اقتربت القوات العراقية أرادوا حرق كل شيء حتى لا يستفيد أحد من البنى التحتية والمرافق العامة".

وفي داخل غرف المستشفى، تناثر الزجاج وأنابيب فحص عينات الدم على الأرض، فيما تبعثرت في غرف الممرضات الوصفات الطبية والنشرات وغيرها من الأوراق الإدارية التي تتضمن معلومات عن الحياة تحت سيطرة التنظيم المتطرف.

وعلى ورقة تحمل ترويسة "الدولة الإسلامية، ولاية كركوك"، يطلب قادة التنظيم من الموظفين توفير العلاج بأسرع وقت "للأخ عادل، الجندي في القوات الخاصة".
التعليقات (0)