سياسة دولية

سلطات النقل في لندن تمنع إعلانات مناهضة لـ"وعد بلفور"

مظاهرة سابقة نظمها محتجون ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي بلندن- أرشيفية
مظاهرة سابقة نظمها محتجون ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي بلندن- أرشيفية
منعت سطات النقل في مدينة لندن البريطانية، عرضَ إعلانات مناهضة لوعد بلفور الشهير، الذي تعهد فيه وزير الخارجية البريطاني "آرثر بلفور"، عام 1917، بدعمَ بلاده لمنح اليهود وطنا في فلسطين، وعبر كل من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومركز العودة الفلسطيني عن انتقادهما الشديد لقرار السلطات البريطانية.

"انتهاكا قبيحا"
وانتقد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأربعاء، قيام سلطات النقل في لندن بحظر إعلانات مناهضة لوعد "بلفور" الشهير ضمن حملة محلية في بريطانيا لمطالبتها بالاعتذار عن الوعد الذي أعطاه وزير خارجيتها قبل مائة عام لبناء وطن قومي لليهود في فلسطين.


واعتبر المرصد الذي يتخذ من جنيف مقرا له في بيان صحفي، أن خطوة منع الإعلانات تمثل "انتهاكا قبيحا لحرية التعبير وتظهر تأثير السياسة على الحقوق في أبسط صورها في المملكة المتحدة".

وقال المرصد إن "البعثة الفلسطينية في المملكة المتحدة نظمت حملة إعلانية أطلق عليها اسم "Make It Right"، تضمنت نشر إعلانات في المحطات الرئيسية للقطارات تحت الأرض وفي الحافلات تحضيرا للذكرى السنوية لوعد بلفور".

اقرأ أيضا: كاتب بريطاني: مئوية وعد بلفور فرصة لمراجعة مواقف بريطانيا

واشتملت الإعلانات على صور تظهر الفرق في حياة الفلسطينيين قبل عام 1948 وبعده (تأسيس دولة الاحتلال)، وكيف أثر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والمجازر التي ارتكبت في تلك الفترة على سلام وأمن الفلسطينيين والتهجير الذي حصل لعدد كبير منهم.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن سلطات النقل في لندن حظرت نشر الإعلانات المذكورة بحجة أنها "لا تمتثل لمبادئ الدولة"، وأنها تدخل تحت بند "الصور والرسائل التي تتعلق بمسائل الجدل العام والحساسية".

وذكر أن السلطات عمدت إلى حذف الإعلانات التي تم نشرها بشكل نهائي، من دون أن تُخطر وكالة الإعلان المعنية بذلك وهو ما لا يحدث عادة، بالإضافة إلى أن السلطات أبلغت المعنيين بأن الحملة لن تتم الموافقة عليها بعد تأخير طويل وبشكل غير معتاد.

وتتزامن هذا الممارسات مع تنظيم احتجاجات تطالب المملكة المتحدة التي رفضت الاعتذار عن وعد بلفور، بالعمل على النهوض بالحقوق الفلسطينية والاعتراف بالظلم والعواقب المستمرة لوعدها على الشعب الفلسطيني.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات البريطانية إلى احترام حرية الرأي والتعبير من دون مضايقة أو تقييد أو مصادرة، والتوقف عن إدخال الاعتبارات والتحالفات السياسة في التأثير على حقوق عموم البريطانيين وحقهم في وجود فضاء مفتوح لنقاش القضايا.

وطالب المرصد الحكومة البريطانية برئاسة تيريزا ماي بـ"انتهاج سياسة متوازنة إزاء القضية الفلسطينية وبما يتسق مع القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة والحق في تقرير المصير".

اقرأ أيضا: وقفة أمام سفارة بريطانيا ببرلين إحياء لذكرى وعد بلفور (صور)

وعقب المستشار القانوني للمرصد الأورومتوسطي إحسان عادل، بأن سلوك الحكومة البريطانية المذكور "مؤشر واضح على استمرار بريطانيا في تحيزها للاحتلال والاستعمار ورفضها العمل الفعلي من أجل حق أكثر من 11 مليون فلسطيني في العالم اعترفت الأمم المتحدة بحقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم".

ونبه عادل إلى أنه "بدلا من أن تضطلع بريطانيا بمسؤولياتها القانونية والسياسية في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وتصحيح خطئها بحقه وعدم الاستمرار في إعطاء الضوء الأخضر لممارسات الاحتلال المرفوضة أمميا، فإنها تعزز اليوم الحصانة التي منحتها لقوة الاحتلال عبر السنين ودعم مشروعها المتسق مع ما جاء في وعد بلفور".

"سياسة ازدواجية"
من جهته اعتبر مركز العودة الفلسطيني، حظر نشر الإعلانات المناهضة لوعد بلفور في ذكراه المئوية، قرارا خطئا اتخ\ته السلطات في لندن، وبعث برسالة احتجاج إلى السيد "صادق خان" عمدة مدينة لندن..

وعبّر مركز العودة في رسالة الاحتجاج لخان عن خيبة أمل كبيرة بسبب "وقف السلطات للحملة التي تنفذها البعثة الفلسطينية بهدف زيادة الوعي بآثار إعلان بلفور الذي انطلق من بريطانيا وكان مسببا أساسيا للتهجير القسري للفلسطينيين ولمئة عام من المعاناة حتى الآن".

ودعا المركز السلطات إلى التراجع عن هذا "القرار الخاطئ"، خاصة "وأنه اعتمد على اجتزاء نصوص قانونية من السياسة الإعلانية العامة التي تسمح بشكل واضح بنشر المواد التي تكفل حق الإنسان بالحياة والحرية والأمان".

واستهجن المركز قرار الحظر هذا "بينما سُمح سابقاً لشركة تبيع تقنيات عسكرية إلى إسرائيل بوضع إعلاناتها لمدة عام كامل في أشهر محطات القطار في وسط لندن، علما أن هذه منتجات هذه الشركة من الأصفاد والأغلال والرادارات ومناظير الرؤية استخدمت في معتقل غوانتانامو، وكذلك في الطائرات الإسرائيلية F16 التي دكّت القرى والبلدات الفلسطينية واللبنانية وحولتها إلى أنقاض".

واستنكر المركز أن تمارس سلطات النقل "سياسة ازدواجية في انتقاء المضمون الذي يسمح له بالعرض في محطات القطار والباصات وعلى متن مركباتها العامة، معتبراً أن هذا السلوك مرفوض ومدان، وأن على شركة مواصلات لندن أن تتراجع عن هذا الخطأ وتحترم حرية التعبير وتتعامل بمهنية وحيادية مع المضمون".

وطالب مركز العودة عمدة لندن "باتخاذ الإجراءات التي من شأنها ضمان حق كافة الجهات بالتعبير عن رأيها وممارسة نشاطها بدون انحياز أو تسييس للخدمات العامة، وطالب بالعمل على رفع الحظر الذي يضع قيوداً على الرواية الفلسطينية فقط، مذكّراً بأهمية أن تضطلع الحكومة البريطانية بمسؤوليتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية التي ساهمت برسم مسارها عبر منح وعد بلفور".
التعليقات (0)