سياسة عربية

"علشان تبنيها" بمصر: هكذا يتم ملء استمارات دعم السيسي

هل أطلقت الحملة دون علم السيسي فعلا؟ - أ ف ب (أرشيفية)
هل أطلقت الحملة دون علم السيسي فعلا؟ - أ ف ب (أرشيفية)
تتواصل في مصر حملة "#علشان_تبنيها" التي تدعم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لولاية رئاسية جديدة، وقد شارك في التوقيع على استمارات التأييد؛ نواب برلمانيون وإعلاميون وسياسيون ومشاهير الفن والرياضة.

ولم تعلن أي جهة وقوفها وراء هذه الحملة المجهولة التي تنظم جولات داخل مقرات المؤسسات الحكومية والشركات والمصانع والأندية، وسط تقارير عن الضغط على المواطنين لتوقيع استمارات دعم السيسي، فيما يكتفي القائمون عليها بالتأكيد على أنها مبادرة شعبية تطوعية غير مدعومة من أي جهة رسمية.

ويقول محللون مصريون؛ إن أجهزة أمنية تقف وراء الحملة وتوجه وسائل الإعلام التابعة للنظام بالترويج لها؛ لإيصال رسالة للرأي العام بأن السيسي يحظى بتأييد شعبي واسع ودعم من شخصيات بارزة في كل المجالات، للتغطية على التراجع الحاد والملحوظ في شعبيته في الأوساط الجماهيرية.

توقيع إجباري

وقال الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع، الأحد الماضي، إن القائمين على هذه الحملة يدخلون مقرات المؤسسات الحكومية والشركات العامة والخاصة، ويجبرون الموظفين فيها على التوقيع على الاستمارات. كما أكدت الناشطة السياسية سامية صالح، عبر "فيسبوك"، أن "أعضاء النقابات العمالية تعرضوا لضغوط للانضمام للحملة".

وبحسب تقارير صحفية، فإن الإجبار على توقيع استمارات الحملة لم يتوقف عند المواطنين العاديين، بل طال أيضا المشاهير الذين وقعوا عليها بـ"الأمر المباشر".

وقال رئيس حزب الكرامة محمد سامي، في تصريحات صحفية، إن حالة الخوف التي تسيطر على المصريين منعت أي شخص من الترشح لمنافسة السيسي في الانتخابات المقبلة، تفاديا للتنكيل به أو التعرض لحملات تشويه ممنهجة، واصفا حملة دعم السيسي بأنها مجرد "رياء ونفاق".

وتتشابه حملة "علشان تبنيها" كثيرا مع حملة "تمرد" التي انطلقت في نيسان/ أبريل 2013 ومهدت لانقلاب تموز/ يوليو 2013، وكذلك حملة "كمل جميلك" التي انطلقت في نيسان/ أبريل 2014 بدعم كبار رجال الأعمال والإعلاميين والسياسيين، لمطالبة وزير الدفاع، آنذاك، عبد الفتاح السيسي بالترشح للانتخابات الرئاسية، واتضح بعد ذلك دور جهاز المخابرات الحربية ودولة الإمارات في هذه الحملات، حسبما كشفت تسجيلات صوتية مسربة لمدير مكتب السيسي، اللواء عباس كامل.

مخالفة للدستور

إلى ذلك، قال معارضون إن هذه الحملة تعد مخالفة واضحة للدستور الذي يمنع بشكل قاطع القيام بأي دعاية انتخابية مباشرة أو غير مباشرة قبل انتهاء مدة الرئاسة القائمة بـ120 يوما على الأقل.

كما يحظر قانون الانتخابات استخدام المباني والمنشآت المملوكة للدولة في الدعاية الانتخابية بأي شكل من الأشكال، وهو ما لم تلتزم به حملة "علشان تبنيها" التي تزور المنشآت الحكومية لجمع التوقيعات للسيسي.

وأعلنت جامعتا بنها وطنطا مشاركتهما في الحملة، عبر جمع توقيعات من أعضاء هيئة التدريس والطلاب.

وفي هذا السياق، استنكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، جمال زهران، توقيع رئيس جامعة بنها على الاستمارة، وطالب بعزله من منصبه.

غير مستبعد

وتعليقا على هذه الحملة، قال الباحث السياسي جمال مرعي؛ إنها "تناسب تماما النظام القمعي الذي يحكم البلاد ويقتل أي فكر معارض ويغلق المناخ السياسي بكافة أشكاله"، معتبرا أن "وسائل الإعلام أصبحت أشبه بمؤسسة علاقات عامة تابعة للنظام" وليست لها أي استقلالية حتى تؤثر في المجتمع".

وأضاف مرعي، في حديث لـ"عربي21"، أن إجبار المشاهير على التوقيع أمر غير مستبعد، لافتا إلى العديد من النماذج التي تعرض فيها أشخاص للتنكيل والإطاحة بهم من مناصبهم بسبب مواقفهم السياسية.

وتابع: "هناك أيضا الكثير من الشخصيات العامة التي تتعامل مع السلطة بمنطق التأييد المطلق، حتى لو لم تطلب السلطة منها ذلك، وهؤلاء لا يحتاجون للإجبار على التوقيع بل تكفيهم الإشارة،، على حد قوله.

مجاملة للسيسي

من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية؛ أن حملة "علشان تبنيها" ربما تكون مجاملة من أحد رجال الأعمال المؤيدين للنظام، و"تم تدشينها دون علم السيسي نفسه"، على حد قوله.

وأضاف عطية لـ"عربي21"؛ أن هذه الحملة أضرت السيسي الذي كان يريده إطلاق حملته في العام القادم، "بحيث يكون قد هيأ الرأي العام للانتخابات، لكن مؤسسات إعلامية خاصة محسوبة على النظام هي التي سارعت بتدشين الحملة، وهناك تقارير عن أن السيسي مستاء من توقيت الحملة؛ لأنها بدأت في وقت مبكر عن انتخابات الرئاسة"، كما قال.

وحول إجبار المواطنين على التوقيع على استمارات التأييد، قال عطية: "لست متفاجئا بوجود مؤسسات تجبر موظفيها على التوقيع للسيسي؛ لأن هذه المؤسسات تنافق النظام طوال الوقت"، مؤكدا أن" ما يحدث هو ما يليق بالمرحلة التي نعيشها من فوضى سياسية وتدهور اقتصادي"، على حد وصفه.
التعليقات (0)