مقالات مختارة

جراب "الحاوي"!

أسامة عجاج
1300x600
1300x600

لا يخلو "جراب الحاوي المصري من ألاعيب"، ومنذ الآن وحتى يونيو القادم، موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، عليك انتظار المفاجآت. الأمور بدأت مبكراً، ولن تنتهي بالحملة العجيبة المنافية للعقل والمنطق، وعنوانها "علشان نبنيها"، والتي تدعو إلى إعادة انتخاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لفترة رئاسية قادمة.

البداية كانت بمحاولات جس النبض المحسوبة بدقة، حول إمكانيات تعديل الدستور، أو تحديداً بعض المواد الخاصة بمدة انتخاب الرئيس وصلاحياته، وكانت الاقتراحات تتحدث عن ست سنوات بدلاً من أربع، على أن ينفذ ذلك في الانتخابات الرئاسية القادمة، ويبدو أن الأمر لم يلق استحساناً داخلياً، وجوبه بتحفظ من دول مهمة ومؤثرة، لها ملاحظات على ملف الممارسات السياسية والديمقراطية في مصر، فأصابت الحملة بالسكتة القلبية، ولَم يعد أحد يتحدث عنها لا من قريب أو بعيد، مع عدم استبعاد عودة هذا المسار فجأة، إذا شكل البديل الوحيد المتاح لتجاوز فكرة إجراء انتخابات، ودعت إليه الضرورة من وجهة نظر النظام. 

وكانت الخطوة التالية، بدء حملات إعلامية منظمة، حول فكرة تناقض أبسط مقومات الديمقراطية، وفيها من الترهيب والتخويف الكثير، وتدور حول من يقدر على منافسة الرئيس السيسي؟ الذي لم يعلن بالطبع ولو تلميحاً أو تصريحاً، أنه سيطرح نفسه للترشح لدورة ثانية، ومن يجرؤ على الترشح؟ وسيل من الأسئلة حول نضوب الساحة من أي من المرشحين، رغم أن الانتخابات أمامها أشهر حتى فتح باب الترشح، ترافق ذلك مع حملات تشويه وهجوم من وسائل إعلام محسوبة على الأجهزة الأمنية لبعض معارضي النظام، رغم أنهم جميعاً من جماعة 30 يونيو 2013، وكانوا من مؤيدي الرئيس، وبعضهم كان في حملته الانتخابية، ولكنهم خرجوا إلى المعارضة في إطار النظام، احتجاجاً على سياساته أحياناً، وبعضهم لأنه لم يحصل على جزء من "تورتة النظام" نظير خدماته السابقة. 

ولجأت الأجهزة إلى "جراب الحاوي" لتخرج منها حملة "علشان نبنيها"، ستة أشخاص ليس بينهم أي قواسم مشتركة، ومنهم اثنان من أساتذة الجامعة، وثلاثة من أعضاء مجلس الشعب ورجل أعمال، بدأت بصفحة على "فيسبوك"، لتتحول إلى استمارة تحتاج إلى توقيع، تتضمن الأسباب التي تراها قيادات الحملة مبرراً لإعادة انتخاب الرئيس، وهي تطهير مصر من الإرهاب، وريادة مصر في القطاعات المختلفة، واستكمال المشروعات القومية، ومشروعات التعليم وبناء الإنسان، والقضاء على الفساد، وكلها أهداف عامة يمكن أن ينادي بها أي مرشح.

وبهذا الشكل تثير الحملة عشرات علامات الاستفهام، وبعضها بديهي جداً، أليست الحملة مخالفة للدستور وكل الأعراف السياسية. أولاً فتح باب الانتخابات لم يتم وما زال أمامه حوالي أربعة أشهر، وهي دعاية انتخابية لها توقيتات محددة، وهل أسلوب جمع استمارات التأييد بهذه الصورة، التي شارك فيها فنانون ونجوم مجتمع، تعتبر بديلاً عن العملية الانتخابية؟ وأليس من المجدي بذل ذلك الجهد أصلاً في حشد الجماهير المصرية، ودفعها إلى المشاركة الفعالة في الانتخابات؟ ولعل السؤال الأهم ما هي علاقة الأجهزة الأمنية بتلك الحملة، لدرجة أنها تتحرك بكل تلك السهولة في أنحاء مصر، ويتحدث المؤسسون عن إنشاء عشرات المقار في المحافظات المختلفة، دون أن يعترض أحد، سكوت الدولة وترحيبها يؤكد أن لها دوراً فيها، حتى دون الإعلان عن ذلك، كما تجري أمور كثيرة في مصر، وبمفهوم المخالفة، هل ستتمتع حملات معارضة لترشح الرئيس السيسي للانتخابات بنفس الدعم والمساندة من نفس الأجهزة، إذا تجرأ أحد وفكر فيها، أم أنه سيتم تنفيذ قانون الطوارئ على القائمين عليها.

هي أسئلة إجاباتها معروفة لأصغر مصري "وانتظروا ألاعيب جديدة من جراب الحاوي".

العرب القطرية

0
التعليقات (0)