ملفات وتقارير

هل تعترف فنانات "هوليود الشرق" بما وقع لهن من ابتزاز جنسي؟

لم تخرج بعد أي ممثلة لتعلن صراحة تعرضها للتحرش - أرشيفية
لم تخرج بعد أي ممثلة لتعلن صراحة تعرضها للتحرش - أرشيفية

بعد انطلاق مسيرة نسائية في هوليود ضد التحرش الجنسي الاثنين، على خلفية اتهام عشرات الممثلات لمنتجين ومخرجين وممثلين بالتحرش الجنسي بهن، وانتقال تلك الحالة إلى بليوود في الهند؛ انطلقت دعوات مماثلة في القاهرة "هوليود الشرق" لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسي.
 
وفي فضيحة هزت عرش هوليود، اتهمت عشرات الفنانات في أكبر مراكز صناعة السينما العالمية منتجين ومخرجين وممثلين كبار بمحاولة ابتزازهن جنسيا، ما دفع بعض الفنانات إلى رفع شعار (أنا كمان)، لتحفيز باقي زميلاتهن للاعتراف بما وقع بحقهن من جرائم.
 
وظهرت أسماء نجوم متهمين بالتحرش مثل (لوي سي كي، وكيفين سبيسي، وداستن هوفمان، وستيفن سيجال، والمنتج هارفي واينستين) وغيرهم، فيما ظهرت اتهامات مماثلة في (بوليوود) بالهند.
 
الكاتب الصحفي حمدي رزق، وفي مقال له بـ"المصري اليوم"، تحدث عن مسيرة هوليود، وقال إن "القضية بحاجة لنفرة مجتمعية، هوليوود نموذج ومثال"، وتساءل: "متى تنتفض القاهرة ضد الانتهاكات الجنسية المريعة، مدينة تغص بالديابة العقورة تجول في الطرقات تتلمظ للفريسة، تهين كرامتها، تجرح كبريائها، تنهش جسدها، تدمي نفسها، تعود جريحة من رحلة تحرش يوميا".
 
واعترف الناقد الفني طارق الشناوي، بشيوع الظاهرة في الأوساط الفنية المصرية، وقال في مقال له الأربعاء بـ"المصري اليوم"، إن الصورة الذهنية عند البعض التي توصم بها في العادة الأوساط الفنية في مصر (هوليوود) الشرق لا تختلف كثيرا عن تلك (الهوليوودية) أو (البوليوودية).


وتوقع الشناوي أن تظهر فنانات تعترف بما وقع بحقهن من جرائم تحرش جنسي، وقال: "لا أستبعد أن تشهد الحياة الفنية في مصر قريبا رفع شعار (أنا كمان)، ولكن يجب ملاحظة أن كل من تعلن أنها (كمان) ليست بالضرورة (كمان!)".
 
ويعد أشهر اعتراف حول التحرش بمصر؛ هو للإعلامية بثينة كامل، حينما قالت للإعلامي طوني خليفة، على قناة "القاهرة والناس"، منتصف 2015، أن بعض مذيعات التليفزيون المصري، قدمن تنازلات جنسية لبعض القيادات للوصول لمكانة خاصة في ماسبيرو، في عهد وزير إعلام مبارك صفوت الشريف.

 


وفي حلقة الثلاثاء، من برنامج "كل يوم" بقناة "أون"، اعترفت الفنانة التونسية هند صبري، للإعلامي عمرو أديب، بوقوع حوادث التحرش الجنسي في الأوساط الفنية العربية كما يحدث في هوليوود، معلنة عدم تعرضها لمثل هذه المواقف، مشيرة إلى خضوع بعض الفنانات إلى ضغوط وقوة المنتجين، مؤكدة أن هناك فنانات تستغل هذا الأمر للوصول للنجاح وأن شكل الفنانة وليس موهبتها قد يكون طريقها إلى النجومية.

 


وإذا كانت تقاليد المجتمع المصري تمنع الفتيات من البوح بما وقع لهن من جرائم كان الصمت أحد أهم عوامل انتشارها لتصبح مصر بمقدمة الترتيب عالميا بين الدول في نسب التحرش وفي كثافة مشاهدة المواقع الإباحية؛ فما الذي يمنع فنانات مصر من أن تكشفن عما تعرضن له من جرائم على أيدي زملائهن من مخرجين وممثلين ومنتجين كما فعلت ممثلات هوليوود وبليوود؟
 
القيل والقال


وفي ردها على هذا التساؤل أكدت الفنانة المصرية ميرال كمال، على صعوبة الأمر على غير الحال في هوليود، وقالت لـ"عربي21": "لا أعتقد أن أَي أحد من الفنانين سيفعل شيئا"، موضحة أن "موقعنا كمنطقة عربية وتقاليدنا الشرقية تمنع أيا ممن تعرضن لهذا الأمر من الحديث وذلك منعا أيضا للقيل والقال".
 
اللوم لهن لا للجاني!


الناقدة الفنية الأردنية، إيمان نبيل، ترى أيضا أن الاعتراف بمثل تلك الجرائم يعد أمرا صعبا وبخاصة بالنسبة لنا كمجتمع شرقي، موضحة أنه لا توجد من تملك الشجاعة لمواجهة المجتمع بجرائم التحرش؛ فما بالك بفنانة لها جمهورها.
 
وفي حديثها لـ"عربي21"، أكدت نبيل أن التحرش أمر واقع بالوسط الفني، مضيفة هل يمكن أن يقنعني أحد أن بعض المنتجين والمخرجين لا يتحرشون؟ موضحة أن الفنانة هي من ستتعرض للوم في النهاية، قائلة إن "أي فنانة ستبوح بما تعرضت له من تحرش جنسي، سيقال لها على الفور: لماذا أنت بالذات؟ وما الذي جعلك تذهبين؟".
 
وترى نبيل أن بعض مما أسمتهم بـ"عديمات الموهبة المتمتعات بالجمال"؛ هن الأكثر عرضة للتحرش، وأن بعض من دخلن الأوساط الفنية كان مسلكهن نحو الشهرة هو هذا الطريق.
 
ورغم تأكيدها على أهمية فضح الفاعل حتى يتقي شره الباقون، إلا أن نبيل، أشارت إلى أن غياب المعلومات عن مثل تلك الوقائع يزيد من صعوبة كشف تلك الجرائم، مضيفة أن الجانب الإيجابي في الأزمة لابد أن يكون عقاب المتحرش.
 
وأشارت الكاتبة الصحفية، إلى أن مجال الإعلام أيضا به نسب تحرش، مضيفة: "ولكن هناك من تتعرض له ومن لا يمسها سوء"، موضحة أن "التحرش نسبي وما يعتبره البعض تحرشا ليس بتحرش عند الآخرين"، قائلة: "ممكن إنسانة تعتبر طلب مديرها تغيير الفستان أو لون الروج تحرش رغم أنه أمر وارد بحق من تعمل بالبرامج التليفزيونية مثلا".


تسيء لنفسها


وتساءلت عضو الهيئة العليا بشبكة إعلام المرأة العربية، الدكتورة نجوى عزيز، "هل حدث تحرش بالفعل بفنانات؟ وما هي الدوافع؟ وهل كان بموافقتهن أو رغما عنهن؟"، مؤكدة أنه "من الأمر المستحيل أن تعترف فنانة أنها وصلت للشهرة بعدما قدمت تنازلات"، موضحة أنها باعترافها "تسيء لنفسها قبل أن تسيء لمن تحرش بها".
 
عزيز، تحدثت لـ"عربي21"، عن انتشار الظاهرة في أماكن متعددة، مشيرة إلى "مشكلة الأستاذ الجامعي الذي ظهر له مقطع فيديو وهو يبتز الطالبات جنسيا مقابل النجاح"، مؤكدة أن "هناك أماكن كثيرة يحدث بها هذا الابتزاز ولا يفرق بين ممثلة مشهورة أو طالبة تسعى للنجاح أو موظفة تحلم بالترقي".
 
وأضافت أن الأمر "يتوقف على من تقدم التنازلات"، مؤكدة أنه "سواء كان من تعرضت للتحرش فنانة أو غير فنانة فإنه ليس من الصواب أبدا أن تصل أيا منها إلى ما تصبو إليه بهذه الطريقة".

التعليقات (0)