صحافة دولية

أتلانتك: محاولة السعودية استخدام الحريري لمعاقبة إيران فاشلة

أتلانتك: السعودية ضحت بالحريري من أجل مواجهة متهورة مع إيران.
أتلانتك: السعودية ضحت بالحريري من أجل مواجهة متهورة مع إيران.

نشرت مجلة "ذا أتلانتك" مقالا للباحث في مؤسسة القرن الأمريكية ثاناسيس كامبانيس، يقول فيه إن السعوديين ضحوا برئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من أجل مواجهة متهورة مع إيران

ويقول الباحث إن "اللعبة اليوم في الشرق الأوسط هي الكشف عن لغز مكان الحريري، وهل هو سجين حقيقة أم رمزيا  لدى رعاته السعوديين؟ ففي لقاء جامد رتب في مكان غير معلن في العاصمة السعودية الرياض يوم الأحد، لم يقل الحريري الكثير ليخفف من مشاعر الخوف، وبأنه ليس رهينة لدى قوة أجنبية، وأكد أنه حر، وأنه سيعود قريبا إلى لبنان، وقال إنه يريد أن (تروق) الأمور في أي نزاع مع حزب الله، الجماعة الأكثر تأثيرا في حكومته".

ويشير كامبانيس، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "منذ أن طلب من الحريري الحضور للرياض، قبل أكثر من أسبوع، فإنه اختفى من الظهور أمام الرأي العام  بصفته مسؤول دولة، وبدأت الشائعات تنتشر حول مصيره، ففي الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر، قام بتقديم استقالة طنانة، أجبر على ما يبدو عليها، من العاصمة السعودية الرياض، ورفض الرئيس اللبناني ميشيل عون قبول الاستقالة، فيما اتخذ حزب الله، الذي كان هدفا لما ورد من اتهامات، موقفا حلل الحريري من الكلام الذي قاله كله، مشيرا إلى أن رعاته السعوديون كتبوه له".

ويعلق الكاتب قائلا إن "قيمة هذا كله وما يبدو أن المسألة الكامنة خطيرة جدا، فالسعودية بدأت تصعيدا محتملا قد يؤدي للتضحية بلبنان؛ من أجل مواجهة متهورة مع إيران".

ويلفت كامبانيس إلى أن "التأثير الخارجي الذي يسيطر على الشرق الأوسط كله لا يظهر أكثر منه في لبنان، ويقوم الجواسيس ورؤساء الدول بإصدار أوامر سياسية، ويشرفون على المعارك العسكرية، وأدت الدول الأجنبية دورا مهما وخبيثا ومحوريا في كل مناطق الصراع، من العراق إلى سوريا واليمن وليبيا، ولبنان قد تصبح المحور القادم للأسف". 

ويقول الباحث إن "الفصل الذي شاهدناه في الأسبوع الماضي ينقصه الخيال، ويكشف عن حس إمبريالي، وفيه ملامح الخطوات المتهورة التي شابت حركة القوى المتراجعة في المنطقة كلها". 

ويجد كامبانيس أن "السعودية مصممة على ما يبدو على انتزاع ثمن من منافستها إيران؛ بسبب الانتصارات الأخيرة التي حققتها في مجال السياسة الخارجية، ويظهر أن قادة الولايات المتحدة وإسرائيل مستعدون لبناء موقف قتالي، أحدهم يأمل من خلاله احتواء إيران وتوسعها، وينتج اصطفافا يجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وبنيامين نتنياهو". 

ويعتقد الكاتب أن "المشكلات في هذا النهج متعددة، أولها وأكثرها وضوحا هي أنه لن ينجح، فقوة إيران تعطيها قدرة على الردع بشكل يجعل من أي عملية وقائية حماقة أكثر مما كانت تبدو قبل عقد، ولا يمكن لأي سد عسكري محو حزب الله، كما تخيل المخططون العسكريون الإسرائيليون، ولا يمكن لأي (دفعة للوراء) أن تغير من التحالف القائم بين إيران والعراق وسوريا ولبنان، كما يعتقد مستشارو ترامب وابن سلمان". 

ويقول كامبانيس: "كما تشير النكتة الساخرة التي تنتشر في بيروت فإن السعودية مستعدة لمواجهة إيران حتى آخر لبناني، لكن النصف الثاني من النكتة هو أن الحرب الجديدة لن تضر بإيران، بل بالتأكيد ستقوم بتجديد شرعية حزب الله، وتوسع من مداه الاستراتيجي، حتى لو أدت إلى معاناة كبيرة للبنانيين".

 

ويضيف الباحث: "قد تكون الحرب توراتية، كما كشفت بعض العروض الصاخبة من إسرائيل، إلا أن الصخب والعنف سيطال الجميع، فلن يكون أصدقاء إيران وحدهم من يستهدفون". 

 

وينوه الكاتب إلى أن "التحرك السعودي نال الكثير من الانتباه؛ لأنه جاء مع حملة ابن سلمان ضد منافسيه في مكافحة الفساد المفترضة، ووجد الحريري نفسه في الشبكة السعودية، ويبدو ذلك مدهشا للوهلة الأولى، خاصة أن السعودية كانت غاضبة لسنوات طويلة على الحريري وكتلة المستقبل التي يقودها؛ بسبب مشاركته السلطة مع حزب الله بدلا من إعلان الحرب عليه، ولم تكن الرياض راضية عن موقف الحريري البراغماتي، وتعلم الدرس بطريقة صعبة بعد سلسلة من المعارك السياسية الدامية، ومواجهة شوارع قصيرة في بيروت عام 2008، كان فيها حزب الله الطرف الأقوى، وبدلا من مواجهة طويلة قرر الحريري، مثل بقية أمراء الحرب اللبنانيين، القبول بتعايش هش".

 

ويبين كامبانيس أنه "عندما بدا للسعوديين أن الحريري غير قادر على منع حزب الله من إرسال مقاتليه إلى سوريا؛ للدفاع عن نظام بشار الأسد، قاموا بقطع الدعم عن الحريري بشكل أدى لإفلاس إمبراطورية الإنشاءات التي تملكها العائلة في السعودية، وقرروا قطع الدعم عن الجيش اللبناني، بشكل اعطى انطباعا أنهم خسروا لبنان لصالح حزب الله وإيران".

ويقول الكاتب: "الآن عاد السعوديون إلى المسرح اللبناني من جديد وبانتقام، حيث وصفوا حزب الله بأنه جماعة وكيلة عن إيران، وفي عبارات استقالة الحريري فإن الرياض تريد قطع الأيدي التي تمده بالدعم، وبهذه الطريقة قامت السعودية بتدميرالحريري بصفته حليفا حيويا وحولته إلى مجرد تابع لرعاته غير قادر على التحرك خارج المملكة دون إذنهم، ولم يقبل بن سلمان أن يقدم استقالته على تراب أرضه بل من الرياض، ولو كان الحريري حرا، كما أكد في مقابلته المتخشبة يوم الأحد، لكان الآن في بيروت، وحتى حلفاءه وجدوا صعوبة في تصديق أن هناك مخاطر على حياته تمنعه من العودة، في الوقت الذي أكدت فيه السلطات الأمنية اللبنانية أنها لا تعرف عن وجود خطط لاغتياله".

ويرى كامبانيس أن "السعوديين أشعلوا نار الحرب، متجاهلين الطريقة الحقيقية التي يمكن من خلالها مواجهة إيران، من خلال استراتيجية وتحالفات طويلة الأمد، وبناء جماعات وكيلة ومحلية قوية، وتحالف إقليمي واسع قائم على التشارك في المصالح والقيم وأهداف قصيرة الأمد، وما تفضله السعودية اليوم هو الرد العسكري على التغيرات الاستراتيجية، وهو نهج كانت نتائجه سيئة بسبب الخطأ الفادح في قراءة الواقع".

 

ويوضح الباحث أن "السعوديين أصروا في اليمن على معاملة الحوثيين على أنهم أداة إيرانية وليس بصفتهم قوة محلية، وبدأوا بحرب فاشلة  لسحقهم، وكانت النتيجة المروعة هي توريط السعودية وحلفائها، ومن بينهم الولايات المتحدة، في جرائم حرب ضد اليمنيين".

ويفيد كامبانيس بأن "الحريري حاول عمل توازن بين السيدين الاثنين -سادته السعوديين، الذين أصروا على مواجهة حزب الله، ومصالحه السياسية في بلد مستقر- وبدا في يوم الأحد غير مرتاح، وبدا في بعض الأحيان هو والمذيعة التي تقابله من محطته التلفازية ينظران إلى خلف الكاميرات، وبدا في بعض المرات كأنه يريد التراجع عن استقالته والتفاوض مع حزب الله، خارجا عن النص الذي وضعه له السعوديون، وفي النهاية لن تؤدي استقالة الحريري إلى وقف قوة حزب الله، بل على العكس فهي تنفعه، فهو لا يحتاج الدولة اللبنانية لتقوية شرعيته".

ويذهب الباحث إلى أن "واحدة من النظريات التي أدت إلى استقالة الحريري هي أن السعوديين كانوا يريدون تعبيد الطريق أمام هجوم على لبنان، ودون تحالف قوي ستقوم إسرائيل بشن هجوم بذريعة توسيع حزب الله ترسانته العسكرية في مرتفعات الجولان وجبال القلمون، حيث يمكن لمقاتليه مهاجمتها، ولو افترضنا أن هذه النظرية صحيحة، وأن هناك رغبة من قادة المنطقة لمعاقبة إيران وتمزيق حزب الله، حيث ستقود إسرائيل الطريق، إلا أنه لا توجد هناك أي ضمانات لأداء هذا الدور مع السعودية بعد العملية الفاشلة في اليمن، وقراءتها الخاطئة للواقع هناك، وستسيء قراءته في لبنان". 

 

ويرى كامبانيس أنه "حتى لو لم تنجح السعودية في إشعال حرب مباشرة مع إيران تحرف الميزان لصالحها، فإنها ستؤدي إلى حروب بالوكالة". 

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "لو كان الحريري قائدا مخلصا لرفض الاستقالة، أو لأصر على تقديمها من بيروت، لكنه سياسي فاشل يتلاشى نوره، ومن هنا فإن محاولة السعوديين استخدامه لمعاقبة إيران ستفشل".

التعليقات (1)
مُواكب
الخميس، 16-11-2017 04:42 ص
الطريقة الصحيحة لِمُواجهة ايران الشيعية هي في توحد السنَّة تحت قيادة اسلامية سنية. لكن السعودية تُلاحق وتضطهد أهل السنة وتتآمر عليهم وتصنع لهم الطواغيت أمثال حفتر والسيسي. التنافس مع ايران قديم قِدَم ثورة الخميني وأسبابه معروفة. لكن أغرب ما يتداوله المحللين هو إعتقادهم أنَّ السعودية دعمت المعارضة السورية، نعم ! لقد دعمت المعارضة ولكن ليس بالقدر الذي يُمكنها من حسم النزاع. وعندما بدى الحسم قاب قوسين أو أدنى، توافد على موسكو كبار المسئولين الإيرانيين والسعوديين والإمارتيين الذين أبرموا صفقة التدخل الروسي في سورية. تنافس السعودية وايران ليس أكثر من ضجيج يحتاجه ابن سلمان لِصرف الأنظار عن عربدته في الداخل السعودي.