مقالات مختارة

العيد مع عمران

عبد الرحمن الراشد
1300x600
1300x600

يحتفل الباكستانيون بالعيد وبرئيس وزراء جديد. عمران خان كان لاعب كرة شهيرا، وشخصية محبوبة عندهم. لكن للسياسة مهارات مختلفة عن الرياضة، والدين لعبة رابحة للبعض، وهو هنا يحاول أن يلعبها، رغم خلفيته كليبرالي وعلماني. يهاجم في الخطب العلنية الغرب والنموذج الغربي في حين أن له ولدين من زوَجته السابقة اليهودية البريطانية. وقد طلب منهم عدم الحضور معه في حفل أداء القسم، مع توليه منصب رئيس الوزراء خوفا على حياتهم. كل شيء في حياته الأولى غربي، كان يلعب في الأندية الإنجليزية وخريج جامعة أكسفورد.

أيضا، مثل عدد من رؤساء العالم الثالث، يسوق مناصروه عنه أخبارا وصورا شعبية. فقد ألغى الغداء الفاخر في حفل التنصيب، قائلا إنه يريد تخفيض عجز الميزانية، ووعد ببيع سيارات المسؤولين الحكومية. الصورة تعطي عنه انطباعا إيجابيا يتناسب مع وعوده الانتخابية، ويتناقض مع صورة رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي حكم عليه مؤخرا بالسجن عشر سنوات، بتهمة الفساد.


وتبقى باكستان بلدا مهما، فهي ثاني أكبر بلد إسلامي في السكان بعد إندونيسيا، وهي قوة نووية، وعندها ثامن أكبر جيش في العالم. مهمة في الحسابات الإقليمية، حيث إن التنافس حاد بين السعودية وإيران على استمالتها، وكذلك دوليا بين الصين والولايات المتحدة.

 

ومع أن الحديث يتكرر حول علاقة عمران خان القريبة من إيران، استنادا على تصريحات سابقة له، إلا أننا لا نستطيع الحكم على السياسيين وهم خارج السلطة. ومهما قيل فإن علاقة باكستان بالسعودية، وبقية دول الخليج، عميقة وراسخة بغض النظر عمن يحكمها. ولا ننسى أنه كان يقال الشيء نفسه عن رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو، لكنها أثبتت أنها لم تنحَز إلى الكفة الإيرانية أبدا.

 

فالسعودية، عدا أنها قلب العالم الإسلامي، فيها أكبر جالية باكستانية خارج بلادها، وميزانها التجاري معها أكبر. ولا ننسى أنها تشترك وباكستان في علاقة خاصة مع الولايات المتحدة. أما العلاقة مع إيران فلم تعد حتى خيارا مسموحا به، نتيجة العقوبات الأميركية التي لا يمكن لرئيس الوزراء أن يتجاوزها.


وبغض النظر عن الاعتبارات الداخلية التي كانت تدفع رئيس الوزراء الجديد إلى التصريح بها، فإن المأمول هو تطوير العلاقة أكثر مع باكستان، ومنحها دورا أكبر في حل القضايا الإقليمية، مثل أفغانستان، والضغط على إيران لوقف تدخلاتها في باكستان نفسها وفي المنطقة.


التنازع المستمر على مناصب قيادة الدولة، وبسببه انتهى معظمهم إما في الحبس أو القبر، لا شك أنه أضعف مكانة باكستان خارجيا، وأشغلها داخليا، وأنهكها اقتصاديا. وأمام خان، مستفيدا من كونه جاء من خلفية مختلفة عن بقية الرؤساء السابقين، فرصة في تطوير مكانة بلاده في الخليج، وتحسين ميزان مدفوعاتها واقتصادها بتنفيذ برنامج إصلاحي حقيقي، وذلك بالتعاون مع دول مثل حلفائه في الخليج، والانخراط في مشاريع مفيدة للجانبين، وقابلة للاستمرار.

 

ولسنا قلقين من إيران الآن، فهي لا تستطيع الحصول على ما يكفي حاجة أسواقها من البنزين مع أنها دولة منتجة للنفط. لدى حكام طهران اليوم ما يشغلهم والقادم أعظم. في هذه الظروف المتغيرة، على باكستان أن تلعب دورا أهم، وهي بالفعل قوة إقليمية كبرى، إن تضاعف الضغط على إيران حتى تغير من سياستها الخارجية. هذا سيرفع من الدور الباكستاني في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، لكنها، إن امتنعت، فلن يكن بمقدورها أن تلعب دورا معاكسا.

 الشرق الأوسط اللندنية

3
التعليقات (3)
من سدني
الأربعاء، 22-08-2018 04:03 ص
على زعماء باكستان الابتعاد عن دويلة ال سعود ودويلة الإمارات لعلها تسلم من الخراب
مُواكب 2
الثلاثاء، 21-08-2018 05:40 م
كل من يُدقِّق بما يفعله آل سعود، منذ الملك المُؤسس وحتى الأمير الطائش، ابن سالمان، يجد أن هؤلاء الأشرار كانوا ولا يزالون يُشكلون الطابور الخامس في بحث هذه الأمة عن نفسها. السعودية أصبحت اليوم رمزا حيَّا للفساد والإفساد . مُواطني السعودية يحملون أوزار هؤلاء الطُغاة من آل سعود. لِأن كلمة " سعودي " باتت رديفة لكلمات: خيانة، تآمر، مكر، خداع، غدر.. الخ. لكن أسوأ الأعداء ليست السعودية وحدها، بل طابور المثقفين المُدافعين عنها، الذين يُسموها " قلب العالم الإسلامي " وهي في حقيقة الأمر شوكة قاتلة في قلب العالم الإسلامي السني.
مُواكب
الثلاثاء، 21-08-2018 10:53 ص
يُريده الأُستاذ الراشد أن يُقدم خدمة أُخرى للنظام السعودي من خلال تسميته له " قلب العالم الإسلامي" فهل السعودية التي تُبيد الشعب اليمني المسلم السني، والسعودية المُتآمرة على شعب مصر، والسعودية التي أجهضت ثورة شعب سورية، والسعودية التي تتآمر مع ايران ضد أهل السنة في العراق، هل هذه السعودية المُتصهينة الماسونية هي قلب العالم الإسلامي؟ مالك يا أُستاذ راشد! كيف تحكم؟ فساد السعودية وافسادها في أركان المعمورة جعل منها مركز الثقل لِحزمة أعداء أمَّتنا الإسلامية السنية .