ملفات وتقارير

ما مدى جدية روسيا بنشر نظام أس300 في سوريا ومن سيتحكم بها؟

توتر ساد بين إسرائيل وروسيا على خلفية إسقاط الطائرة في سوريا- الأناضول
توتر ساد بين إسرائيل وروسيا على خلفية إسقاط الطائرة في سوريا- الأناضول

أثارت الخطوات الروسية المتسارعة في سوريا، والمتمثلة في تزويد النظام السوري منظومة "أس300" الدفاعية، تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين تل أبيب وموسكو وروسيا في سوريا، ومدى جدية الروس بنشر المنظومة في سوريا؟ خاصة أن الخطوة جاءت كرد فعل سريع على خلفية إسقاط الطائرة الروسية قبل أيام.

 

ومارست إسرائيل ضغوطا على روسيا لسنوات عدة، للحيلولة دون تزويد النظام السوري بأي منظومات متطورة للدفاع، وكانت تسجل نجاحا ملحوظا في تلك المساعي، إلا أن التطورات الأخيرة قلبت الموقف رأسا على عقب بقرار مفاجئ، بتزويد النظام بهذه المنظومة المتطورة.

 

توقيت مثالي

 

وفي هذا الصدد يقول المختص بالشأن الإسرائيلي، حسن مرهج، إن الجميع يعلم بوجود خط ساخن بين روسيا وإسرائيل، للتنسيق أثناء قيام الأخيرة، باستهداف نقاط عسكرية سورية أو إيرانية، إلا أن ما حدث تخطى الحدود الحمراء التي وضعتها روسيا في سوريا.


وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن الروس لم يقبلوا الخسارة الكبيرة التي أحدثها إسقاط الطائرة قبالة السواحل السورية، ورفضوا التفسيرات الإسرائيلية حول الحادثة.

 

اقرأ أيضا: لوتون: بوتين في خدمة الأسد على حساب علاقته مع نتنياهو

ورأى أن تسليم المنظومة الجوية الدفاعية "أس300" لسوريا، لا تعد خطوة ابتزازية لإسرائيل، وخاصة أن مشروع تسليم المنظومة متفق عليه منذ فترة طويلة، إلا أنها رأت في التجاوزات الإسرائيلية الأخيرة، فرصة سانحة وتوقيتا مثاليا للبدء بتنفيذ نقل المنظومة للنظام السوري.

 

رسائل سياسية


وفي السياق ذاته، رأى المختص بالشأن الروسي، ياسر النجار، أن روسيا أرادت أن ترسل رسائلها، بنشر المنظومة الدفاعية "أس300" في سوريا، وخاصة أنها ترى نفسها مسؤولة عن الملف السوري عسكريا وسياسيا أمام المجتمع الدولي.


وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أنه في السابق جرت العادة بأن إسرائيل كانت تنسق مع روسيا في أي ضربة جوية تستهدف التمركز الإيراني في سوريا، إلا أنها هذه المرة أعادت هجماتها ضد أهداف تتبع للنظام السوري، وغير استراتيجية، مما يدلل أن موسكو رأت أن تل أبيب بدأت بالتمادي وأرادت أن ترسل رسائل لروسيا.


وأضاف، أن القرار الروسي بتزويد النظام السوري بالمنظومة، كان ردا سياسيا ذا طابع عسكري، لكي تقول لإسرائيل إنك تجاوزت الخطوط الحمراء، وأرادت أن تجني من قرارها مكاسب سياسية.


من جهة أخرى، قال النجار، إن روسيا تسعى أيضا للتسويق لترسانتها الدفاعية، وإطلاق النظام السوري لقذائف "أس200"، دون تمييز بين الطائرات، أدى لإصابة الطائرة الروسية، ما أدى لإحراج روسيا كثيرا أمام هذه المنظومة غير المتطورة ولا تصنف بين الأهداف.

 

اقرأ ايضا: صحيفة: موسكو رفضت استقبال نتنياهو لتخفيف حدة التوتر

وحول نشر نقاط جديدة على طول الخط الفاصل في مرتفعات الجولان، قال مرهج، إن روسيا تهدف بنشرها المزيد من النقاط، إلى رغبتها في منع الانجرار لأي حرب تقدم عليها إسرائيل في الجنوب.

 

أوراق قوة


وأضاف، أن "روسيا في جعبتها الكثير من أوراق القوة، والإجراءات الأخيرة تحمل في طياتها رسائل ردع قوية لإسرائيل والولايات المتحدة، والتي تحمل معان كثيرة أهمها أن القطب الواحد بات الآن قطبين، وعلى الجميع احترام الوجود الروسي في روسيا".


وإن كانت إسرائيل قادرة الآن على إيقاف توريد المنظومة الروسية لسوريا، كما كان يحدث سابقا، فقد أشار مرهج إلى أن القرار الروسي بات واضحا، وتسلمت سوريا أجهزة التشويش، وخلال أيام ستكون منظومة أس300 متاحة.


واستبعد مرهج، أن تتمكن إسرائيل من إيقاف الصفقة، وعزى ذلك إلى أن تطورات الأوضاع في سوريا، ومنها التهديدات الأمريكية ضد سوريا، والرغبة الأمريكية بتأجيج الجبهة السورية، تفرض على النظام الروسي إعادة تفعيل بعض الخيارات التي كانت في السابق غير واردة، لإعادة التوازن الإقليمي والدولي.

 

توتر عسكري


وحول مستقبل التوتر الإسرائيلي الروسي، رأى النجار، أن موسكو لن تصل في تصعيدها مع إسرائيل لنقطة الصفر، مشيرا إلى أن التوتر مازال توترا عسكريا وليس ذات بعد سياسي.


وأضاف، أن الملاحظ المنابر العسكرية الروسية والإسرائيلية، هي التي مازالت تتصدر المشهد، فوزير الدفاع الروسي، هو الذي انتقد تقرير التحقيق الإسرائيلي في الحادثة، والرئيس بوتين تصريحاته كانت امتصاصية، وعلى الطرف الآخر ذات الأمر لدى الإسرائيليين.

 

اقرأ أيضا: خبير إسرائيلي: هكذا استغلت روسيا حادثة الطائرة لمصالحها

وأوضح أن ما يحدث هدفه ترك مساحة للحلول، بعد تحقيق روسيا للمكاسب السياسية التي يريدها.

 

أوراق تفاوض


ولفت إلى أن روسيا تريد استغلال ما سيتم مناقشته على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بين الجانب الأمريكي والروسي، واجتماعات وزراء الخارجية بين الدول المعنية باتفاق الأستانة، وموسكو ذاهبة إلى نيويورك، حاملة معها أوراقا سياسية تتفاوض عليها، مع جميع الأطراف، وهما تزويد سوريا بالمنظومة الدفاعية، وحادثة إسقاط الطائرة الروسية.


ونوه إلى أنه في عام 2013 كان من المقرر تسليم  موسكو منظومة "أس300" لسوريا، إلا أنها أرجأت ذلك بضغوط إسرائيلية وأمريكية.


وتوقع النجار، أن تقوم روسيا بتأجيل تسليم المنظومة، أو يتم تسليمه ضمن ضوابط تحت إشراف ومباشرة روسية، وعليه التحكم السوري أو الإيراني يصبح معدوما.

 

التعليقات (0)