ملفات وتقارير

الذكرى الثالثة للاتفاق السياسي الليبي.. ما الذي تحقق؟

تم توقيع الاتفاق في مدينة الصخيرات المغربية في السابع عشر من ديسمبر من عام 2015- أ ف ب
تم توقيع الاتفاق في مدينة الصخيرات المغربية في السابع عشر من ديسمبر من عام 2015- أ ف ب

يشهد الشهر الجاري الذكرى الثالثة للاتفاق السياسي الليبي الموقع بين أطراف النزاع هناك، بعد حوار سياسي استمر لأكثر من عام، وسط تساؤلات عن مصير الاتفاق، وأهم البنود التي تم تنفيذها منه، وسبب عرقلة تنفيذ باقي البنود.

وتم توقيع الاتفاق في مدينة الصخيرات المغربية في السابع عشر من كانون أول/ ديسمبر من عام 2015، بعد جولات حوارية موسعة في عدة دول، وبرعاية أممية، وجاء الاتفاق بمثابة دستور بين الأطراف الليبية للانتقال إلى مرحلة الانتخابات، والاستفتاء على الدستور، وانتخاب رئيس للبلاد.

ما مصيره؟

ورغم مرور 3 سنوات على التوقيع على الاتفاق الذي اعتبرته الأمم المتحدة المرجعية الوحيدة للدولة الليبية، إلا أن هناك عدة تساؤلات حول ما وصل إليه هذا الاتفاق ومستقبله، في ظل الحديث عن انتخابات برلمانية ورئاسية، ومع ظهور اتفاقات أخرى برعاية دولية.

واستطلعت "عربي21" آراء مراقبين وناشطين ليبيين حول رؤيتهم للاتفاق السياسي بعد مرور 3 سنوات على توقيعه.

"ولادة صعبة"

من جهته، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي، إبراهيم صهد، أن "الاتفاق السياسي كانت ولادته صعبة، وتعرضت صياغته الأخذ والرد، ولهذا جاءت مواده بالكيفية التي خرج بها، ولم يحظ الاتفاق بقبول البرلمان والمؤتمر الوطني وقتها، لكن المؤتمر قرر تضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري بسبب تعنت البرلمان".

وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "البرلمان ظل يراوح بين إقرار الاتفاق مع التحفظ على بعض المواد، خاصة المادة الثامنة، وبين القول بعدم اعترافه بمخرجات الاتفاق، بما فيها المؤسسات التي نتجت عنه، ونسي مجلس النواب أنه يستمد شرعيته من هذا الاتفاق"، حسب قوله.

وحول الإنجازات، قال صهد: "المحطات كثيرة، ومنها تشكيل المجلس الرئاسي خارج الوطن، ثم تمكنه من الدخول إلى البلاد، والشروع في محاولة أداء مهامه، وعلى رأسها تشكيل الحكومة التي لم يمنحها البرلمان الثقة، ورغم ذلك يظل الاتفاق هو المرجعية للدولة مع غياب إقرار الدستور".

"اتفاق معقد وميت"

من جهته، قال رئيس مؤسسات المجتمع المدني بإقليم فزان (الجنوب الليبي)، فرحات غريبي، إن "الاتفاق السياسي وُلد ميتا، ولم يتم تضمين الإعلان الدستوري من قبل مجلس النواب، وهذا إجراء قانوني يفترض أن يتم، وإن المشكلة كلها كانت حول المادة الثامنة".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "أزمة المادة الثامنة المتعلقة بتعيين المراكز القيادية، ومنها تعيين القائد العام للقوات المسلحة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، ما زالت هي المشكلة، كما أن الحكومة التي شكلها رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، لم تعتمد من البرلمان، لذا فالاتفاق السياسي كله لم يضف للأزمة الليبية إلا مزيدا من التعقيد"، حسب تعبيره.

"صمام أمان"

لكن الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد، أشار إلى أن "الاتفاق السياسي رغم تنفيذه جزئيا بسبب تعنت البرلمان وعدم إيفائه بالتزاماته، إلا أن هذا الاتفاق كان صمام أمان من مشروع العسكرة، خاصة في المنطقة الغربية، وساهم بشكل كبير وتدريجي في انطفاء حالة الاحتراب والقتال".

وأضاف لـ"عربي21": "كما أن الاتفاق مثّل مرجعية قلّصت مجال الخلاف السياسي، وضيّقته وحصرته في هذا الاتفاق، الذي لا يزال هو المرجعية الوحيدة المتاحة في العملية السياسية المعترف بها دوليا، وسيظل كذلك إلى حين وجود مرجعية أخرى تأتي عن طريق الصندوق الانتخابي"، وفق رأيه.

ورأت الناشطة الليبية في المجتمع المدني، غالية بن ساسي، أن "كل الأجسام الموجودة الآن تأخذ شرعيتها من هذا الاتفاق الذي لم ينفذ من بنوده إلا إيجاد هذه الأجسام، لكن حدث مؤخرا حلحلة لبعض الملفات، منها قانون الاستفتاء على الدستور، الذي يوجد خلاف حوله أيضا، ورغم ذلك لم يحسم المجتمع الدولي الأمر في ليبيا حتى الآن"، حسب تصريحات لـ"عربي21".

"إنجازات وعراقيل"

وقال مدير منظمة "تبادل" الليبية (مستقلة)، إبراهيم الأصيفر، إن "أبرز ما حققه الاتفاق السياسي هو إبعاد شبح الصراع المسلح عن العاصمة طرابلس، وتجنيبها ويلات القتال، وكذلك إنهاء الكثير من بؤر التوتر المسلح في ليبيا، والانتقال إلى طاولة المفاوضات والصراع السياسي".

وحول فشل تطبيق باقي البنود، قال لـ"عربي21": "السبب هو تعنت أحد أطراف الصراع، ومن خلفه الدول الإقليمية والدولية، ومحاولة التصعيد العسكري، لكن رغم هذه الصعوبات يظل الاتفاق هو المرجعية الدستورية الوحيدة في ليبيا حتى يتم إقرار الدستور ومن بعده الانتخابات"، كما رأى.

"حلم حفتر"

الناشط السياسي الليبي محمد خليل، رأى من جانبه أن "سبب عرقلة تنفيذ بنود الاتفاق الليبي هو الجنرال حفتر، الذي يرفض الانصياع للسلطة السياسية، ويريد أن يكون فوق السلطات ليحقق حلمه ورغبته بالتفرد بحكم ليبيا"، حسب كلامه.

وتابع: "أما مصير الاتفاق السياسي، فأعتقد أنه سيستمر، لكن سيتم تهميش كل الأجسام مقابل تعزيز دور المجلس الرئاسي حتى يوصل بالبلاد لمرحلة الانتخابات وتسليم السلطة إلى جسم منتخب"، كما قال لـ"عربي21".

 

اقرأ أيضا: هل سينهي الملتقى الوطني الجامع مراحل ليبيا الانتقالية؟‎


التعليقات (0)