ملفات وتقارير

بعد تكرار التفجيرات.. من المسؤول عن تأمين الجنوب الليبي؟

البرغثي: سبب تكرارا أحداث الاشتباكات والفوضى في الجنوب هو اتساع الرقعة وخاصة الصحراوية هنا- جيتي
البرغثي: سبب تكرارا أحداث الاشتباكات والفوضى في الجنوب هو اتساع الرقعة وخاصة الصحراوية هنا- جيتي

تكررت التفجيرات في الجنوب الليبي التي استهدفت رجال شرطة وعسكريين يتبعون للواء خليفة حفتر، وسط تساؤلات عن دلالة تكرار هذه الحوادث المتشابهة، ومَن المسؤول تحديدا عن تأمين المنطقة الجنوبية.

وقام انتحاري بتفجير نفسه أمام مركز شرطة منطقة "غدوة" (جنوبي ليبيا)، بعدما شهدت المنطقة اشتباكات بين اللواء العاشر وكتيبة خالد بن الوليد التابعة لقوات "حفتر" وبين مجموعات مسلحة غير معروفة الهوية، أسفرت عن مقتل جنديين، وجرح ما يقرب من 15 من اللواء العاشر.

تحرير رهائن

من جهته، أعلن المتحدث باسم قوات "حفتر"، أحمد المسماري، أن قواتهم استطاعت تحرير 21 مختطفا كانت عناصر من مقاتلي "تنظيم الدولة" قد اختطفتهم في تشرين ثان/ نوفمبر الماضي.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يستهدف مسلحون قوات تابعة لـ"حفتر"، فقد هاجمت عناصر تشادية أواخر الشهر الماضي القوات المتواجدة في الجنوب، وقتلت بعض جنودها، وجرحت العشرات، واختطفت مجموعة من عسكريي "حفتر"، واستولت على بعض الآليات العسكرية، ثم انسحبت إلى عمق الصحراء.

في سياق آخر، قال وزير دفاع النيجر، كالا موتاري، إن "مجموعة من قطاع الطرق مخترقة من قبل "أصوليين" تسللوا من ليبيا، وقتلوا عشرة جنود من نيجيريا والنيجر، خلال عملية مشتركة على طول الحدود بين البلدين، حسب كلامه.

وطرح تكرار التفجيرات والفوضى الأمنية في الجنوب واتهامات النيجر تساؤلا حول: من المسؤول عن عملية التأمين هناك؟

أسباب الهجوم

من جهته، كشف وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي، أن "سبب تكرار أحداث الاشتباكات والفوضى في الجنوب هو اتساع الرقعة -خاصة الصحراوية- هنا، وكذلك حل الوحدات التي كانت مكلفة بحراسة الحدود؛ لعدم دعمها من قبل أي جهة رسمية في الدولة".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "المجموعات التشادية في الجنوب هي من قامت بالهجوم على قوات اللواء العاشر ومنطقة الفقهاء من قبل، وأنه تم ملاحقتهم من قبل "الجيش،" وتم تحرير المجموعة التي قامت هذه المجموعات باختطافها من قبل"، وفق معلوماته.

وفي رده على اتهام وزير دفاع النيجر لليبيا، قال البرغثي: "لا يوجد ما يؤكد كلامه من قوله بدخول قوات ليبية لحدوده، إنما هذه مجموعات متمردة تعمل ضد بعضها باسم المعارضة"، كما قال.

ثلاثي الفوضى

وأكد رئيس منظمات المجتمع المدني في الجنوب الليبي، فرحات غريبي، أن "الثلاثي: "داعش والعصابات التشادية وبعض فلول النظام السابق"، يجمعهم هدف واحد هو عدم وجود كيان للدولة، ومن ثم فلهم عدو واحد وهو "الحكومة"، التي تسعى إلى تكوين دولة لها سيادتها، سواء شرقا أو غربا".

وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن "هذا الثلاثي هم الخطر الكبير على ليبيا؛ لذا يجب توحيد المؤسسات الليبية من حكومات وجيش؛ لمواجهتها، والمسارعة في إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وبناء دولة تستطيع القضاء على كل العصابات الإجرامية"، حسب تعبيراته.

من يؤمّن الجنوب؟

ورأت الناشطة الليبية، هدى الكوافي، أن "تأمين الجنوب يجب أن يكون بيد الجيش الليبي وأبناء الجنوب بشكل خاص، وعلى حكومة الوفاق التركيز والاهتمام بتركيب كاميرات مراقبة للحدود الليبية".

وقالت إن "تحركات "داعش" لإحداث عنف وفوضى في الجنوب جاءت بعد حضور ونشاط أبناء المنطقة مع حكومة الوفاق ومع البعثة الأممية، خاصة أن الجنوب أصبح الورقة السياسية التي يريد أن يلعب بها المتصارعون على حكم ليبيا، ويبقى السؤال: من المستفيد؟"، حسب قولها لـ"عربي21".

"الرئاسي" هو المسؤول

لكن الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد، أكد أن "الفراغ الأمني في الجنوب يتحمل مسؤوليته المجلس الرئاسي الذي لم يتخذ إجراء حاسما حتى الآن بتكليف قوة لحماية وتأمين الجنوب، مضيفا لـ"عربي21": ويبقى التساؤل قائما حول ادعاء "حفتر" سيطرته على الجنوب وتواجد قواته فيها، وما كان وراء زياراته المتكررة إلى تشاد، وماذا قدمت، ويبقى تحرك بقايا داعش والمجموعات المسلحة خطرا يهدد الجنوب وليبيا عامة، ومسؤولية تقع على عاتق الرئاسي"، حسب رأيه.

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، أن "المستفيد من الأحداث في الجنوب هي فرنسا وحليفتها في ليبيا الإمارات، وهما يساعدان "حفتر" على استنساخ النسخة المصرية في ليبيا، وكذلك السيطرة على الجنوب".

وتابع: لـ"عربي21": "في الوقت الحالي، لا يمكن أن يتم تأمين الجنوب إلا من خلال قوات من الغرب الليبي، خاصة قوات المنطقة الوسطي، التي تمتلك المهنية والحرفية، كما أثبتت خلال حربها لـ"داعش" في سرت".

دعم إقليمي ودولي

الصحفي السوداني المهتم بالملف الليبي، عباس محمد صالح، رأى من جانبه أن "أحداث الجنوب قد تكون مقدمة لتدهور أكبر مستقبلا. وفي ظل ضعف حكومة "طرابلس"، فإن تأمين الجنوب يتطلب آلية إقليمية مدعومة دوليا".

وأضاف لـ"عربي21": "فالمجموعات من غير الدول التي تعبر الحدود بين جنوب ليبيا ودول الجوار الأخرى باتت تشمل عناصر جهادية، وسبق للمبعوث الأممي في ليبيا أن صرح بأن العناصر التي هاجمت مناطق في جنوب وغرب ليبيا بعضها قادم من نيجيريا، وهذا يتسق مع حديث وزير دفاع النيجر"، كما رأى.

استنزاف "الجيش"

وقال الناشط الليبي، فتح الله غيضان، إن "المعارضة التشادية وباقي عصابات الجضران وما تسمى الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا تتحرك في أغلب الجنوب، وهي الممول الفعلي للفوضى هناك، والهدف هو استنزاف قوات "الجيش" من قبل تخطيط الدول الداعمة للإرهاب، وتأمين الجنوب مسؤولية الجيش وفقط"، كما قال.

 

التعليقات (0)