مقالات مختارة

فقط في سوريا الأسد: لا مازوت لا غاز لا كهرباء

فيصل القاسم
1300x600
1300x600

هل تعلم أنه وفي هذا الطقس القارص البارد المتجمد والأجواء الكانونية وفي عز الفصل الشتائي و»أربعينيته» الثلجية الشهيرة التي يعرفها كل مواطن سوري قديماً وحديثاً، وهي بالضبط موسم التجمد وتساقط الثلوج، والتي تصل فيها درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في بعض مدن وقرى سوريا الأسد و»الانتصارات» على الشعب، خاصة في المرتفعات الجبلية حيث الفقر والجوع والبطالة والحرمان واليأس ورائحة الدماء والموت الذي زرعته السياسات الطائشة والغباء السلطوي الأزلي وعنجهية ومغامرات وحماقات الحاكم الصبي الأبله الوريث، وحيث صار كل بيت بسوريا متشحاً بالسواد وتظلله الكآبة والأسى واللوعة والحرمان وفوق ذلك كله ينعدم تماماً، ولا توجد اليوم ولا نقطة مازوت للتدفئة أو جرة غاز، كما لا يمكنك أن ترى «لمبة» واحدة مضاءة في كل تلك البيوت المظلمة الكئيبة التي حولتها عصابات الأسد شاليش مخلوف إلى مقبرة حقيقية ودار موحشة مظلمة لعموم السوريين تنعق فيها البوم والخفافيش والغربان وتختفي منها كل مظاهر الفرح والسرور والهناء، حيث باتت حياة كل سوري مجرد كابوس يوم ورحلة يومية مع القهر والجوع والظلم والحرمان والمعاناة والبحث عن جرة غاز ونقطة مازوت يزرع من خلالها، علماً أن طبقة اللصوص والمافيا المخلوفية الأسدية الشاليشية تحتكر هذه المواد الضرورية وتخفيها عن أعين الشعب لتبيعها في السوق السوداء مستغلة الحاجة الماسة للمواطنين، ومع العلم تعيش حياة بذخ وفحش ورفاهية كالأباطرة وسط أفقر شعوب العالم قاطبة، وأصبحت تلك العصابات ورموزها من أغنى الأغنياء بالعالم، حيث فر محمد مخلوف مؤخراً بـ77 مليار دولار، ويعيش بها بحماية بوتين في ضواحي موسكو حياة الملوك والأباطرة والملوك العظام.. وفيما تئن وتعن وترن بنوك الغرب و»تنخ» من وطأة وحجم مئات المليارات المخلوفية - الأسدية - الشاليشية المنهوبة من دم وعرق ورقبة المواطن السوري التي كانت تنهب وتهرب للخارج وتكدس هناك على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان من النهب المنظم للثروة الوطنية وتوضع في تلك الحسابات القارونية المليارديرية...


وللعلم أيضاً فإن كل تلك المواد الأساسية متوافرة في السوق السوداء التي تسيطر عليها وتديرها وتحميها ذات العصابات التي تستورد البطاريات و»اللدات» والمولدات ولوازم الكهرباء وتبيعها بالأسعار العالية التي تحددها.


كما أن جرة الغاز الواحدة متوافرة في السوق السوداء التي يسيطر عليها المحافظ ومافيات كل محافظة أسدية وبسعر 10000 ليرة سورية، أي ما يعادل نصف راتب الموظف السوري تقريباً البالغ 25 ألف ليرة سورية. وتراهم يتحكمون بالحاجات الضرورية والأساسية للمواطن السوري المسكين ويبتزونه. وتحول الأمر في بعض وجوهه إلى ما يشبه سياسات العقاب الجماعي والقهر والإذلال الممنهج والإبادة الشاملة والجريمة المنظمة التي تقودها هذه العصابات الحاقدة المنظمة ضد عموم الشعب السوري الذي انتفض ذات يوم مطالباً بأبسط حقوقه من غذاء وحرية وكرامة وكبرياء وقليل من الكهرباء كبقية شعوب العالم التي تنعم وترفل بهذه الرفاهية البسيطة والتي لم تعد الحياة تعني شيئاً من دونها، لكن العصابات تستخدمها كوسائل ابتزاز وإذلال وقهر وتربح وتكسب وارتزاق وإثراء فاحش على حساب لقمة وهناء الموطن الغلبان الذي بات بلا حول له ولا قوة ولا يوجد من يشتكي له عجره وبجره وهمّه وهمومه سوى الله رب العالمين..


يا رب...يا رب.. يا رب: أنقذنا وارحم هذا الكائن المنكوب المدعو بالمواطن السوري... يا رب يا رب يا رب أفض وانعم علينا بقليل من الغاز والمازوت والكهرباء في هذه الأجواء والأنواء والأيام الثقيلة الحزينة.
الشعب لا يريد إسقاط النظام..... الشعب يريد المازوت... والكهرباء والغاز فقط لا غير.

 

عن صحيفة الشرق القطرية

2
التعليقات (2)
متفائل
الأحد، 06-01-2019 12:04 م
كان الأحرى بالسيد فيصل القاسم أن يتدبر مليا في الكلمات التي اختارها و سوقها ، والظاهر أن نسبة قرائها ، والحمد لله ، من السوريين معدومة ، لأن أي سوري يقرأ كلمات فيصل ، يمكن أن يتبادر إلى ذهنه أن القاسم هو ليس بفيصل القاسم ، بل هو ربما ابن فيصل أو ولي عهد القاسم ، لأن فيصل القاسم كان يخطب في السوريين من خلال قناة الجزيرة التي منحته الفرصة كاملة ، شجاعتهم و شهامتهم و إقدامهم ، ولم ير حاجتهم يومها إلى غاز أو مازوت أو حتى انزعاجهم من الشتاء وبرده الشديد ، هل عاد فيصل ولم يعد القاسم ، و لهذا السبب تحول اهتمام ثوار سوريا بالآلاف الذين عاشوا رفقة النساء والأطفال ، إلى البحث عن أسباب الرفاه والعيش الكريم ، ما هكذا يخاطب فيصل القاسم السوريين ، واعلم أن لا سوري واحد بقي في عداد العبيد ، و هذا هو الأهم الذي سيعطي الثوار يوما بعد يوم القدرة على الحضور التاريخي والأخلاقي المتفرد، و على هذا الأساس تتبلور الأفكار ويتبلور الإبداع من أجل تحرير بلاد الشام إلى غير رجعة ، فلا حدود بعدها تفصل بين أحرار فلسطين و سوريا والأردن و لبنان ، ولا مكانا واحدا يسع المتآمرين والمأمورين من قبل أمريكا و إسرائيل ، هذا زمان تساقط الأقنعة و تهاوي صروح الظلم والاستبداد .
ابو العبد الحلبي
الأحد، 06-01-2019 08:07 ص
عندما خرجت أمريكا من عزلتها و قرَرت أن ترث ممتلكات الاستعمار القديم (بريطانيا و فرنسا) ، كانت البداية في سوريا بانقلاب حسني الزعيم عام 1949 (الذي وصفه مايلز كوبلاند ضابط المخابرات الأمريكية بأنه لم يكن سوى أحد صبيان أمريكا). لم يدم حكم هذا الصبي طويلاً و انقلب عليه الشيشكلي ثم دخلت سوريا في سلسلة انقلابات . لحسم الأمر ، أوصلت أمريكا حزب البعث العلماني للحكم و كان هذا الحزب حصان طروادة الذي اختبأ به النصيريون ، بتخطيط من أمريكا ، ليتسللوا إلى الحكم و يخطفوه و برز في ذلك الضباط النصيريين (صلاح جديد و محمد عمران و حافظ الأسد) و كانت أمريكا تريد واحداً من هؤلاء ليكون رئيساً للجمهورية و كان الأرجح صلاح جديد . لكن حافظ الأسد قام بعمل "بطولي" و هو بيع الجولان عام 1967، فقام هنري كيسنجر بترشيحه للمنصب و بالفعل أعطوه إياه في نهاية عام 1970 . توقفت الانقلابات "الحقيقية" في عهد حافظ بدعم أمريكا القوي و استمر في الحكم 30 عاماً متواصلة حتى موته في عام 2000 . كان من المفروض، في نظام جمهوري، أن يستلم منصب الرئاسة أحد نائبي الرئيس أي إما زهير مشارقة (النصيري) أو عبد الحليم خدام (المحسوب على المسلمين) لكن مادلين أولبرايت أتت من أمريكا بقرار إعطاء الحكم لبشار (و لا أقول توريث لأنه يقال أن والده صلاح و أمه أنيسة). خدم بشار أمريكا برموش عينيه مثل حافظ و لم يترك لها هدفاً إلا و حققه و كان تصنيفه في المخابرات الأمريكية "عميل نشيط" . حين قامت ثورة شعب سوريا عام 2011، حدث زلزال عند صناع القرار في أمريكا و تقرر أن ينعقد مجلس الأمن القومي الأمريكي بشكل شبه مستمر من أجل سوريا فقط لا غير. قررت أمريكا قمع الثورة ، منذ يومها الأول ، بمنتهى القسوة و الوحشية و طلبت من عملاءها حكام إيران أن يرسلوا المليشيات الطائفية متعددة الجنسيات و اخترعت داعش و اخترقت صفوف الفصائل الثورية عن طريق مخابرات إقليمية معروفة و أوكلت للروس القيام بعمليات عسكرية و أمرت ابن زايد بتغطية نفقات الجيش الروسي كلها في سوريا. قام الأمريكان بتطبيق ما قاله أمير الشعراء "أحمد شوقي" في قصيدته "دمشق": وَلِلمُستَعمِرينَ وَإِن أَلانوا *** قُلوبٌ كَالحِجارَةِ لا تَرِقُّ . فحصل القتل و التدمير و التهجير و الحصار و التجويع و الإذلال بطريقة لم يعهد تاريخ البشر لها مثيلاً . و كان القصد تأديب شعب سوريا بدروس لا ينساها و تخويف الشعوب العربية من التحرك ضد الطرطور الناطور الموجود لديها. صحيح أن أمريكا تسمح لأذنابها بسرقة أموال شعوبهم ، لكن العبرة بمآل هذه الأموال فهي في النهاية تصل إلى الثقب الأسود في أمريكا ليبتلعها و لكن تعطي فتاتاً منه لبعض الأوروبيين . سواءً كانت بلدة في سوريا تحت سيطرة العصابة أو لم تكن ، هي في النهاية يسري عليها القانون الأمريكي و هو تحطيم شعب سوريا الذي هو محلَ استهداف . شئنا أم أبينا ، الثورة يجب أن تستمر و بإبداعات جديدة بعد تعلم دروس السنوات السبعة الماضية و ممنوع أن نستسلم حتى لو كانت أمريكا تواجهنا بشكل مباشر.