مقالات مختارة

إلا التّدخل الأجنبي.

رشيد ولد بو سيافة
1300x600
1300x600

تواترت خلال اليومين الأخيرين تصريحاتٌ لمسؤولين في أمريكا وأوروبا تُقحم نفسها في الشأن الجزائري، وتقدِّم دروسا في الاحتجاج والتظاهر وكيفية التعامل معها، وبدأ الإعلامُ الدولي الثقيل يركز على الجزائر عبر بلاطوهات ليلية تشرِّح الوضع وتستضيف المحللين والمراقبين، وتتكهن بتدهور قريب للأوضاع في الجزائر، في مشهد يشبه ما حدث مع دول عربية كانت آمنة ومستقرّة، فحوّلها التدخل الأجنبي في شؤونها إلى رماد وخراب، تحت يافطة إحلال الديمقراطية.


لكن يخطئ من يعتقد أن الشعب الجزائري سينساق وراء المخططات التي تريد إغراق البلاد في الدماء، وقد أظهر عبر حراكه السلمي الذي جاء رفضا للعهدة الخامسة أنه قادرٌ على إدارة السجال مع النظام القائم دون تدخل أو استعانة أو استشارة أو استقواء بالأجنبي.


إلا أنّ هذه الحقيقة يجب ألا تدفع المجموعة التي تريد فرض العهدة الخامسة على الجزائريين، إلى التمادي في تجاهل صوت الشارع، والمضيِّ في مسار 18 نيسان/أبريل بالرغم من أن الجزائريين عن بكرة أبيهم خرجوا رفضا له، وإن فعلت ذلك فهي تغامر بأمن الجزائر واستقرارها، وتستدعي التدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية.


إن مستوى الوعي الذي أظهره الشباب المتظاهر هو صمام الأمان، وقد رأينا كيف تفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي مع التصريحات الأجنبية التي تدعو إلى احترام حق التظاهر، وهي التصريحات التي فُهمت في سياق التدخُّل السافر، لأنه إلى الآن لم تقم السلطات الأمنية بقمع المظاهرات، بل إن مظاهر الالتحام والاحترام المتبادل بين المتظاهرين وقوات الأمن كانت بادية للعيان، وبعض الصدامات البسيطة التي حدثت خلال مظاهرات 1 آذار/مارس، حدثت بعد انتهاء المسيرات، بسبب تدخل بلطجية ومنحرفين لتشويه المظاهرات، بعد أن أذهلت الجميع في تنظيمها وسلميتها ورقيِّ المشاركين فيها.


لا نريد دروسا من أحد، وعلى العالم أن يدرك أن الجزائري بطبعه لديه حساسية من الخارج، وكل من يستقوي بالخارج سيكون عميلا وخائنا في نظر الجزائريين جميعا، سواء كان ضمن دائرة صنع القرار، أم كان مندسا بين المتظاهرين ومؤيدا للحراك.


الحراك الشعبي بدأ جزائريا، وسيستمرُّ وينتهي جزائريا، ولا دخل للأجانب في شؤوننا الداخلية، وإذا أراد الأمريكيون والفرنسيون تقديم الدروس فليبدؤوا بأنفسهم، لأن مظاهراتنا كانت أرقى وأكثر تحضُّرا من مظاهراتهم، وقد رأينا ما فعلته حركة “السترات الصفراء” في فرنسا، كما أن رجال أمننا وجيشنا هم أبناء الشعب، ولن يتورَّطوا في قمع مظاهراته، وتكفي تلك المشاهد التي تناقلتها وسائل الإعلام خلال المسيرات.

 

عن صحيفة الشروق الجزائرية

0
التعليقات (0)