MEE: هذا الداعم الحقيقي لترامب وإسرائيل داخل البيت الأبيض

تحدث موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عن الداعم الحقيقي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والاحتلال الإسرائيلي داخل البيت الأبيض.

وقال الموقع في تقرير ترجمته "عربي21" إن "الصهيونية المسيحية تتمتع بنفوذ كبير داخل البيت الأبيض، وعلاقتها بكل من إسرائيل وترامب"، مشيرا أن "عضوة الكونغرس عن الحزب الديمقراطي إلهان عمر، أدلت بتصريحات انتقدت فيها استخدام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية أيباك، المال للتأثير على العلاقات الأمريكية مع إسرائيل".

وذكر الموقع أنه "على الرغم من التأثير السلبي الذي تبع تصريحات عمر على بعض اليهود الأمريكيين، إلا أنه برزت فئة للدفاع عن هذه النائبة، بحجة أن الهجوم عليها كان حيلة متعمدة لتغيير منحى النقاش الحقيقي المتمثل في دعم الحكومة الأمريكية لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية".

ونقل الموقع عن المحامي والناشط الحقوقي، جوناثان كُتّاب، قوله إن "ردة الفعل العنيفة إزاء تصريحات عمر عزّزت في الواقع من وجهة نظرها"، مؤكدا أن الذين دافعوا عن عمر كشفوا ضمنيا أن هناك أطرافا مؤثرة أخرى مؤيدة لإسرائيل عدا عن جماعة الضغط "أيباك".

من جهتها، قالت لارا فريدمان، رئيسة "مؤسسة السلام في الشرق الأوسط" التي يقع مقرها في العاصمة واشنطن: "عندما يوجّه النقد ضد من يمارسون الضغط من أجل دعم إسرائيل أو سياساتها، يفترض الناس أنهم يهود، على الرغم من أن الدعم لإسرائيل اليوم يتأتى من الصهاينة المسيحيين وأمثالهم، أكثر مما ينبع من أيباك ومجموعات الضغط اليهودية الأخرى".

 

اقرأ أيضا: هآرتس: لماذا لم يعد نتنياهو في حاجة إلى "أيباك" بعد الآن؟

وذكر الموقع أن المسيحيين الإنجيليين البيض يشكلون 76 بالمئة من إجمالي الطائفة الإنجيلية في الولايات المتحدة، والتي تمثلّ ربع الناخبين الأمريكيين، ووفقًا لاستطلاع أجرته "مؤسسة أبحاث الدين العام"، في أواخر سنة 2018، يتمتع الرئيس دونالد ترامب بنسبة تأييد تبلغ 71 بالمئة بين الإنجيليين البيض، وتتميّز هذه الطائفة بمواقفها المحافظة فيما يتعلق بقضايا الهجرة، والتغير الديمغرافي، وتغير المناخ.

حيال هذا الشأن، يقدّر دونالد فاغنر، الأستاذ المختص في الدين والدراسات الشرق أوسطية بجامعة نورث بارك في شيكاغو، أن حوالي 15 إلى 18 بالمئة من الإنجيليين الأمريكيين هم من الصهاينة المسيحيين الأصوليين، ويؤمن أتباع الصهيونية المسيحية بأن دولة إسرائيل الحديثة هي جزء من النبوءات الموجودة في الكتاب المقدس، وأن مصير الولايات المتحدة مرتبط ضمنيًا بمصير إسرائيل، وينتمي كبار المسؤولين في إدارة ترامب، بما في ذلك نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو، إلى الطائفة الإنجيلية.

وأضاف الموقع نقلا عن جوناثان برينيمان، المسيحي الأمريكي من أصول فلسطينية الذي يعمل في كنيسة مينونايت بالولايات المتحدة الأمريكية، أن "تحيز الكونغرس الأمريكي لإسرائيل، خاصة في صفوف الجمهوريين، ينبع من الاعتقاد الديني للصهيونية المسيحية للإنجيليين أكثر مما يتعلق بالمجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، وهي مسألة واضحة وجلّية في سياسات الرئيس ترامب"، ولا يعتبر تأثير اللوبي الصهيوني المسيحي في السياسة الأمريكية بالأمر الجديد.

في سنة 2018، كتب جوزيه بيلايو، الباحث في السياسة الخارجية، في مقال له في "المجلة الفلسطينية الإسرائيلية للسياسة والاقتصاد والثقافة" أن "السياسة الحزبية لصالح إسرائيل تعود جذورها إلى رونالد ريغان، الذي جلب التحالف الصهيوني المسيحي إلى الحزب الجمهوري"، مضيفا أن هذا التحالف بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر "قد توطد للأسف، مما ساعدهم على رص صفوفهم بشكل أكبر بناءً على "خوفهم" من المسلمين".

 

اقرأ أيضا: زعيم الديمقراطيين بالشيوخ يؤيد إلهان بشكل صادم وينتقد نتنياهو

وأورد الموقع أنه خلال مقابلة أجرتها "شبكة بث المسيحية" في القدس يوم الخميس مع وزير الخارجية الأمريكي، عبّر بومبيو عن تأييده لما قاله مقدِّم برامج حول ترامب، الذي اعتبره مُرسلا من الله "لإنقاذ الشعب اليهودي من الخطر الإيراني" وقارنه بالملكة أستير، التي أنقذت أرواح اليهود من المجازر في الإمبراطورية الفارسية القديمة، وفقًا للإنجيل العبراني.

وعلى الرغم من أن الدعم الإنجيلي الأبيض لإسرائيل قد أثر بشكل تقليدي على كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إلا أن عدم الارتياح المتزايد مع التحالف بين ترامب والحكومة الإسرائيلية اليمينية يؤدي إلى طرح أسئلة صعبة من قادة الحزب الديمقراطي، الذين انسحب الكثير منهم من مؤتمر أيباك الذي يبدأ يوم الأحد.

وأضاف الموقع أن القس ماي إي كانون، المدير التنفيذي لكنائس السلام في الشرق الأوسط التي يقع مقرها في واشنطن، قد أكّد أن بعض الأصوليين المسيحيين باتوا متمسكين بشكل متزايد بأفكارهم لأنهم يشعرون "بالتهديد"، مضيفا "أننا نشهد زيادة في معاداة السامية، وارتفاعا في جرائم الكراهية نتيجة لذلك"، وعلى نحو مماثل، قال فاغنر إن المذبحة الأخيرة التي راح ضحيتها 50 شخصا في مسجدين في نيوزيلندا "تدل على خطورة هذه القضية، وإن العديد من المتفوقين البيض ينبثقون عن هذه الروايات المسيحية اليمينية".

من جهته، يدعم برينيمان قول فاغنر، موضحا أن "هذه الأيديولوجية في جوهرها متطرفة، لكنها منتشرة على نطاق واسع في الولايات المتحدة، ويستهجن أولئك الذين ليسوا جزءًا منها أن يتم تجاهل المعتقدات الصهيونية المسيحية إلى حد كبير"، ونتيجة لذلك، ليست أيباك الجهة الوحيدة في الولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل.

وبين الموقع أنه على الرغم من النفوذ الهائل الذي تتمتّع به أيباك في جذب السياسيين على غرار باراك أوباما وهيلاري كلينتون لإلقاء كلمة خلال مؤتمرات القمة السنوية الخاصة بها، إلا أنه لا يقارن بحجم منظمة "المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل"، التي تعتبر نفسها أكبر منظمة موالية لإسرائيل في الولايات المتحدة بما يربو عن خمسة ملايين عضو، كما تدعي هذه المنظمة أنها المجموعة المسيحية الوحيدة التي تعمل على تحويل ملايين "المسيحيين المؤيدين لإسرائيل إلى قوة مثقّفة وفعّالة لصالح إسرائيل".

 

اقرأ أيضا: إلهان عمر تهاجم مجددا "إيباك" وتحرج نتنياهو.. هذا ما قالته

وأشار الموقع إلى أن هذه المنظمة، التي أسسها جون هاجي سنة 2006، تدّعي أنها لعبت دورا قياديا "في الجهود المبذولة للحد من طموحات إيران النووية، وتعطيل حرب حزب الله وحماس الإرهابية ضد إسرائيل، وتعزيز قدرة الدولة اليهودية على الدفاع عن نفسها، والدفاع عن إسرائيل ضد حركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" المعادية للسامية".

علاوة على ذلك، حرّضت هذه المنظمة الولايات المتحدّة على التخلّي عن تقديم المساعدات للفلسطينيين، كما أيّدت قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وأورد جوناثان كُتّاب أن "أيباك تستغلّ قوة وأعداد وأموال الصهاينة المسيحيين الإنجيليين لفرض مواقفها"، وعلى الرغم من أن أيباك ومنظمة "المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل" تعرفان بالعمل معا، إلا أنه لا يبدو عليهما التعاون في الواقع.

ونقل الموقع عن فاغنر أن منظمة "المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل" تبالغ على الأرجح في وصف حجمها وحجم نشاطها، لكن من العدل الاعتراف بوجود أصوليين مسيحيين أكثر في هذه البلاد من اليهود الداعمين لأيباك"، وتجدر الإشارة إلى أن منظمتي أيباك والمسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل لم ترد على طلب الموقع للتعليق.

وأورد الموقع أن سامانثا بروتمان، وهي مديرة عضوية منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" اليهودية الأمريكية التي تسعى للقضاء على التعصب وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، صرحت بأن المنظمات اليهودية التقدمية لم تعالج بشكل ملائم تأثير الصهيونية المسيحية.

وأضافت بروتمان "نحن بحاجة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام للصهيونية المسيحية، لأن معظم عملنا يركز على بناء مجتمع يهودي بديل ومستقبل يهودي بديل يتجاوز الصهيونية، لكنني أعتقد أننا بحاجة أيضًا إلى التركيز على التصدي للحركات والأيديولوجيات التي تقف في طريق الحرية الفلسطينية".

وأشارت بروتمان إلى أن منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" لم تركز اهتمامها على موضوع الصهيونية المسيحية كما يجب، لكن الوضع قد اختلف مؤخرا، إذ عقدت المنظمة ندوة تعليمية على الإنترنت حول هذا الموضوع، والتي كانت من أنجح الندوات على الإطلاق، وقالت بروتمان: "بالنسبة لي، هناك لغز يحوم حول سبب دعم الولايات المتحدة لإسرائيل بقوة، وسبب إنفاق الكثير من المال على إسرائيل وسبب حاجة السياسيين لتملّق الإسرائيليين".

 

اقرأ أيضا: بومبيو ينتقد حزب العمال ببريطانيا بسبب "معاداة السامية"

ونوه الموقع إلى أنه مثلما تتطلع منظّمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" إلى تثقيف أعضائها اليهود حول الصهيونية المسيحية، هناك عدد من المشاريع والمنظمات التي تسعى بدورها لإقناع الزعماء الإنجيليين والأمريكيين بتغيير موقفهم تجاه إسرائيل والفلسطينيين.

وفي هذا الصدد، صرّحت كانون، المديرة التنفيذية لمؤسسة "كنائس من أجل سلام الشرق الأوسط"، أن المؤسسة تأخذ بشكل روتيني المسيحيين الإنجيليين إلى إسرائيل والأراضي المحتلة "ليكشفوا لهم الحقيقة، من خلال مقابلة المسيحيين الفلسطينيين، ورؤية المستوطنات، وحقيقة الاحتلال العسكري".

وذكر الموقع أن فاغنر قد صرّح بأن الإنجيليين الأكبر سنا ما زالوا يدعمون إسرائيل بلا شك، مضيفا أنهم "سيقولون إن الله أعطى الأرض لإسرائيل، ولكن الإنجيليين الأصغر سنا متعاطفون إلى حد ما مع الفلسطينيين"، فضلا عن ذلك، تحتدم النقاشات بين المسيحيين الإنجيليين الأصغر سنا، حول معاملة الفلسطينيين والردّ العسكري الإسرائيلي غير المتكافئ على المقاومة الفلسطينية.

وفي السياق ذاته، أفادت بروتمان بأنها تعتقد أن جزءا من المشكلة يتمثّل في أن العديد من الإنجيليين المسيحيين لم يقابلوا على الأرجح العديد من اليهود الأمريكيين، "ومن المرجح أنهم يجهلون العدد الحقيقي لليهود الذين ينتقدون إسرائيل فعلا، والذين يدعمون تحقيق الحرية الفلسطينية، ولعل معرفة هذه التفاصيل سيغير رأيهم في الموضوع".