قضايا وآراء

هواجس إسرائيل الأمنية.. قراءة في خطاب الحملة الانتخابية

نبيل السهلي
1300x600
1300x600

بعيدا عن نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي الحادي والعشرين التي فاز بها اليمين الإسرائيلي، وفي قراءة متأنية لحملة تلك الانتخابات التي جرت في التاسع من شهر نيسان (أبريل) الجاري، يمكن تلمس حساسية الأمن بالنسبة للمجتمع "الإسرائيلي"، فحزب الليكود الذي يتزعم اليمين الإسرائيلي أكد منذ بداية الحملة الانتخابية على الهواجس الأمنية التي تواجه "إسرائيل"، نظرا لأنها تؤثر بشكل مباشر على اتجاهات عملية التصويت في الانتخابات. وثمة تصريحات من قبل نتنياهو إبان الحملة الانتخابية تشي بضرورة الإبقاء على الجهوزية العسكرية "الإسرائيلية" الكاملة لشن حرب محتملة على قطاع غزة.

 

قضية الأمن "الإسرائيلي" تعتبر في سلم أولويات الاستراتيجية "الإسرائيلية"، وكذلك بارومتر المجتمع "الإسرائيلي"، الذي يعتمد إلى حد كبير على الهجرة اليهودية من دول العالم


ويلحظ المتابع أيضا تركيز كافة الأحزاب، بما فيها حزب "أزرق أبيض" اليميني المستحدث من قبل جنرالات إسرائيليين، على شعارات انتخابية تمحورت بشكل رئيسي على ضرورة تحقيق الأمن الدائم لجميع مواطني "إسرائيل".

 

وأكدت وسائل الإعلام "الإسرائيلية" بأن الحملة الانتخابية تضمنت نداءات  من قبل كافة الأطياف السياسية الإسرائيلية بضرورة الرد بحرب "إسرائيلية" ضروس على أي تهديد فلسطيني، في وقت شددت الخطابات على أهمية العمل من أجل نقل السيادة المطلقة الإسرائيلية على المستوطنات في عمق الضفة الغربية والقدس، وذهب نتنياهو إلى أبعد من ذلك حين أكد خلال الحملة الانتخابية بأنه سيسعى إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية بدعم من إدارة ترامب .

تفاقم العنصرية 
 
أما حزب البيت اليهودي، فقد ذهب في حملاته إلى أبعد من ذلك، حيث أكد بعض رموزه إلى حاجة إسرائيل لوجود عسكري دائم وكثيف في الضفة الغربية، وذهب البعض إلى رفع شعارات تدعو إلى طرد الأقلية العربية من أرضها، وفي المقدمة منهم الإرهابي أفيغدور ليبرمان.

وعلى الرغم من الحديث المتكرر خلال الحملة الانتخابية الأخيرة في خطابات كل من أحزاب العمل، وميرتس، حول ضرورة عودة المفاوضات مع الطرف الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية وفق حدود وتوصيفات محددة من قبل الأحزاب المشار إليها، لكن اللافت التوافق الكبير على أهمية تحقيق الأمن والحفاظ على القبضة الفولاذية العسكرية لإسرائيل. 

 

السلطات الإسرائيلية اعتقلت نحو 800 فلسطيني خلال فترة الحملة الانتخابية الإسرائيلية


ويمكن الجزم بأن قضية الأمن "الإسرائيلي" تعتبر في سلم أولويات الاستراتيجية "الإسرائيلية"، وكذلك بارومتر المجتمع "الإسرائيلي"، الذي يعتمد إلى حد كبير على الهجرة اليهودية من دول العالم، بغية فرض التوازن ثم التفوق الديموغرافي الكمي بشكل مطلق على العرب في داخل حدود فلسطين التاريخية. وفي هذا السياق تعتبر الاقتطاعات للأمن من الموازنة الإسرائيلية السنوية العامة مؤشراً له دلالته .

ويرى متابعون للشأن "الإسرائيلي" بأن الهواجس الأمنية الأساسية لـ "إسرائيل" تتثمل أضلاعه، بالتخوف من استئثار إيران خيارا نوويا، فضلا عن قناعة إسرائيل امتلاك حركة "حماس" لقدرات عسكرية كبيرة في قطاع غزة رغم الحرب الإسرائيلية الشرسة والحصار المديد على قطاع غزة، ناهيك عن خطر المقاطعة الشعبية والرسمية العالمية المتنامية لإسرائيل، خلال السنوات الأخيرة بعد انكشاف صورة إسرائيل العنصرية .

الأسرى الفلسطينيون وتحشيد الكراهية 

كشفت الهجمة الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات والإجراءات التي مارستها سلطات الاحتلال خلال الحملة الانتخابية الإسرائيلية بأنها استخدام خبيث وممنهج من قبل نتنياهو لقضية الأسرى في الدعاية الانتخابية عبر الإمعان بالتصعيد ضدهم. 

وفي هذا السياق أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين بأن السلطات الإسرائيلية اعتقلت نحو 800 فلسطيني خلال فترة الحملة الانتخابية الإسرائيلية لعام 2019 التي امتدت من 22 شباط  (فبراير) حتى 9 نيسان (أبريل) الجاري. 

وأضافت الهيئة: "إن اعتقال هذا العدد من المواطنين الفلسطينيين يعد تصعيدا إسرائيليا خطيرا آخر في سياق حملات الأحزاب الإسرائيلية وزعمائها المتطرفين في تحشيد الكراهية والانتقام من الفلسطينيين واعتقالهم وتضييق الخناق عليهم بشكل يومي، حيث احتل ملف الأسرى الفلسطينيين حيزاً واسعاً في دعايتهم العنصرية واستخدام آلام المعتقلين كورقة انتخابية". 

وتابعت الهيئة: "إن الهجمة الإسرائيلية بحق الأسرى في المعتقلات والإجراءات التي مارستها سلطات الاحتلال خلال الحملة الانتخابية الإسرائيلية تكشف استخدام الأسرى في الدعاية الانتخابية عبر الإمعان بالتصعيد ضدهم".

الثابت أن التنافس بين الأحزاب "الإسرائيلية" المختلفة قد تركز خلال حملة انتخابات الكنيست 21، على رفع شعارات تحقيق مزيد من الأمن للإسرائيلين، والعمل على ترسيخ فكرة يهودية الدولة، حيث تعتبر تلك القضايا حاسمة وجوهرية بالنسبة للناخب الإسرائيلي وبالتالي صوته في الانتخابات، وكذلك لصيرورة إسرائيل كدولة أقيمت على حساب الشعب الفلسطيني وأرضه قبل اثنين وسبعين عاما (1948 ـ 2019) .

كاتب فلسطيني مقيم بهولندا

التعليقات (0)