كتاب عربي 21

"كرتونة" جماعة الإخوان.. و"كرتونة" جماعة السيسي!

سليم عزوز
1300x600
1300x600

قبل غزوه للكويت، كان من الشائع في الأوساط السياسية والصحفية في بلادي، أن النظام العراقي، من الذين يغدقون على عدد من الصحفيين والسياسيين والمثقفين ورجال الدين في مصر بالأموال الوفيرة، وكانت قصص تُروى في هذا المضمار دون أن نمسك دليلاً واحداً على صحتها، لكن التصديق كان يتم بالروايات المتواترة، وهي كلها روايات تنقل بالسماع، فليس هناك من شاهد شيئاً من هذا على قاعدة "المرود في المكحلة"!


لعل الرواية الوحيدة التي نستطيع أن نعتمدها، هي هدايا السيارات المرسيدس لرؤساء تحرير (كثير من الصحف)، ولا يمكن أن تكون سراً من حيث كونها دخلت مصر من المطار (قرية البضائع)، وبإجراءات رسمية، فقد تنازل عنها السادة رؤساء التحرير لصالح مؤسساتهم الصحفية.

 

وبعد غزو الكويت، وما أتاحه هذا من حرية الهجوم على النظام العراقي، أمكنني الوقوف على بعض المعلومات في هذا الموضوع الشائك، ومن المعروف أن نظام مبارك كان يسبغ حماية خاصة للنظام العراقي، انفرد بها هو والنظام السعودي، واستمرت مع الأخير حتى السنوات الأخيرة من حكم مبارك، لكن هذه الحماية سقطت بغزو الكويت، وانحياز النظام لصالح الجهة الأخرى، وتجريمه حد التخوين، للانحياز للموقف العراقي!


يوميات بعثي سابق:

كان قد صدر كتاب "يوميات بعثي سابق" لمؤلفه "سليمان فرحات"، عن دار الزهراء للإعلام العربي، وقمت بكتابة عرض للكتاب ونشره، ويتضمن تلميحاً لشيء من هذا؛ عن الذين كان يدفع لهم النظام العراقي، فالمؤلف وقد هرب من مصر للعمل في العراق في نهاية عهد السادات، بعد أن نقل إليه رئيس حزب التجمع "خالد محيي الدين" أنه قد يتم القبض عليه، إذ كان من القيادات المحلية لهذا الحزب اليساري، وإن قرر أن يبقى بعيدا عن السياسة في بلاد الغربة، فقد وجد نفسه متورطاً في عضوية حزب البعث، لتتم ترقيته، وعندما جاء لمصر هارباً في عهد مبارك، تم اعتقاله ليس لالتحاقه بالبعث ولكن لهروبه منه، ولم يكن يمكنه أن يصدر مثل هذا الكتاب قبل غزو الكويت، فكان الغزو وانقلاب النظام على صدام حسين فرصة لنشره.


وبعد العرض جاء الرجل، الذي لم أكن أعرفه، ليشكرني، وكانت فرصة وقد التقيت لأكثر من مرة، لأن أسأله عن تفاصيل ما كان يتردد في هذه الفترة عن كشوف النظام العراقي، وكان متحفظاً للغاية، لكن مع الإلحاح، تحدث في تفاصيل قليلة عنها، وإزاء هذا التحفظ كان يعنيني أمران، الأول كيف تتم عملية الدفع في هذه السرية التامة، فنرى دخانا دون أن نأنس ناراً؟.. ولعلنا قد اهتدينا في الأخير، عن الحديث عن الإجراءات المجردة، وقال إن – على الأقل في وجوده، أو في الجانب الذي كان يخصه – فإنه كان يتعاقد مع الكتاب أثناء زيارتهم لبغداد للكتابة في الصحف العراقية، بمكافأت خيالية، كل حسب تقدير النظام لامكانية الاستفادة منه، ثم يكون دفع مقدم لهذا التعاقد، قد يكون قيمته بالكامل، وفي النهاية لن يتم سؤاله إن لم يلتزم بالكتابة، وفهم أنه غطاء لتمرير عملية الدفع والتمويل، تراعي الشكل المحترم للعلاقة.

 

وربما شاع هذا الأمر، لدرجة أن البعض عندما تعرض عليه الكتابة لصحف بلدان بعينها، فيظن أنها القيم التي أرساها النظام العراقي، وقد انتقلت لهذا البلد أو ذاك، فعندما يجد القيمة المقررة للكتابة في حدودها الطبيعية، تأخذه العزة بالإثم، لأنه يكون قد منى نفسه بأحلام استيقظ منها عند أول تحويل!
قرأت لأحدهم هجوماً على الدولة، التي سبق وأن أشاد بها، مما دفعني لتقصي الحقيقة، ووقفت على أسباب الأزمة، فالذي طلب منه الكتابة هو مسؤول الرأي بالصحيفة ومندوباً عنها، وليس مندوباً عن حزب البعث العربي، فعرفت أين تكمن المشكلة، ومن أين جاء الخلط وسوء الفهم؟!


أزمة الغرفة:
عموماً، لم تكن كل عمليات الدفع لشراء الكتاب وغيرهم تتم دائماً بهذا الشكل، الذي رواه لي البعثي السابق، فهناك قصص تروى تتجاوز هذا الجانب الذي ربما كان اختصاص صاحبنا فقط، وهناك حكاية استمعت لتفاصيلها من مقرب من مصادرها، فقد حدث أن استضاف النظام العراقي عدداً من رؤساء التحرير، إلا أن واحداً منهم فقط كتب مقالاً يهاجم فيه قيام بعض الأنظمة بشراء الكتاب، ونشر المقال وهو هناك، وقد لامه زملاؤه على عملية "التجريس" هذه، فالتلميح كان يقترب من التصريح بأسمائهم، وسألوا كيف يكتب هذا وهو مثلهم؟ فأنكر وكان صادقاً، فقد كان استثناؤه محرضا لكتابته لهذا الهجوم، وقد عرفوا السبب بعد ذلك!


لقد عادوا إلى الفندق ليجد كل منهم حقيبة في انتظاره وقد وضعت داخل غرفته، لكن صاحبنا كان قد طلب في اليوم الأول نقله لغرفة أخرى، ولم يكن المسؤول عن العملية يعلم هذا، فوضع له حقيبته في غرفته الأولى، وتم تدارك الأمر!


وتظل هذه الرواية أيضاً كلام، حتى وإن نقلت لي من واحد ممن له علم من الكتاب، قد تكون له دوافع لروايتها، فليس هناك دليل يمكن الإمساك به، سوى على قاعدة لا دخان بغير نار!


لقد حدث غزو الكويت، وانقلب الكتاب الذين كتبوا عن "أسد العرب"، و"حامي البوابة الشرقية"، والزعيم المفدى، إلى "الكذاب بالصوت والصورة"، و"لص بغداد"، و"حرامي البعث"!


وقد تعامل النظام العراقي مع هذا الانقلاب في المواقف، بذكاء حاد، فبعد أن نشرت تسريبات أن أهل الحكم في العراق سينشرون قوائم بأسماء من دفع لهم العراق، من الذين باعوه بالرخيص، وكنا صحفيين صغاراً فانتظرنا القارعة، لكن نقل عن الرئيس صدام حسين نفيه لوجود مثل هذه القوائم، ونفيه أن يكون قد قام بتمويل أحد من الكتاب الصحفيين، وكان تصرفاً ينم عن حنكة سياسية عالية، فمن سيقبل التمويل من نظام سبق وأن فضيح ممولين سابقين!


وذلك على العكس من الزعيم الليبي، الذي وقف في مؤتمر حاشد بعد مقتل السادات، ليعلن عن خيبة أمله؛ ذلك بأن اليسار المصري نصب عليه.. "هات مصاري لنعمل انقلاب نظام السادات الخائن والعميل.. خدوا مصاري.. هات مصاري لنعمل انقلاب على السادات الخائن والعميل .. خدوا مصاري. وفي الأخير من قتلوا السادات هم ناس تانية ما خدوا مني مصاري"!


فعندما وصله نبأ اغتيال السادات، كان القذافي يتصور أن من اغتاله هم رجاله في مصر، ولعل الشعور بالخيبة هو ما دفعه لهذا الإعلان، وقد وقفت يسارية وهي تردد سيادة الأخ القائد، فقال لها خلاص يا فلانة، وباشارات تحمل معاني كثيرة، فسكتت!


النفط مقابل الغذاء:

الملف الوحيد، الذي عرف به الناس فيما يخص النظام العراقي هو قوائم النفط مقابل الغذاء، الذي نشرته جريدة "المدى" العراقية، بعد احتلال العراق، والعثور على أسماء لصحفيين وكتاب وسياسيين حصلوا على هذه الكوبنات، وقد راعني عند النشر أن من وردت أسماءهم كانوا معي عندما زرت العراق في المرة الوحيدة، وقد عدت بعد عشرة أيام مع بعضهم، لا شئ في أيدينا يلفت النظر، فقد عدنا كما ذهبنا، واتصلت بأحدهم، عندما تفجرت الفضيجة، لأساله لماذا أنا بالذات لم يعرضوا علي شيئا من هذا، وتفاصيل القصة رويتها في كتابي "شر البلية.. في السياسة والذي منه"، وليس هذا المقال عن التمويل والمتمولين، فهى مجرد مقدمة طالت كثيرا عن حدود المقدمات!


ما علينا، فالنظام العراقي كان ممول محترف، فلم يضبط متلبساً بتمويل الناس وتجنيدهم، إلا عندما حدث ما هو غير متوقع بسقوطه، والاستيلاء على وثائق الدولة العراقية، بل إن الغزاة لم يعثروا على القديم من عمليات التمويل فكلها وقائع حديثة، فالقديم كله في علم الغيب!


وعندما تم احتلال الكويت، ولم يكن القوم لهم سابقة أعمال في هذا المضمار ولابد من أن يسايروا منافسهم النظام العراقي في هذا الصدد، تصرفوا على سجيتهم، فالدول التي تملك خبرة في الدفع معروفة، وهي التي تحكم بأنظمة تملك مشروعات تراها قابلة للتصدير وتحكم بحكام يبحثون عن الزعامة خارج حدود دولهم، ويعد الرئيس جمال عبد الناصر من أوائل الحكام الذين عرفوا عملية شراء الذمم والولاءات، فمول صحفا من بابها، وكتاباً بالاسم!


وقبل الغزو، كان المعلن من الكويت أنه منارة ثقافية، تعيش فيها قمم ثقافية مصرية، وأنها تعيش تجربة سياسية واعدة، وشهدت نهضة صحفية على يد مصريين، من أمثال أحمد بهاء الدين ومصطفى شردي ومحمود المراغي!


وكلها مشروعات محلية، أصحابها لا يشغلهم تصدير نموذجهم في الحكم والإدارة، ولا يوجد طموح لأهل الحكم للعب أدوار خارج حدود دولتهم الواعدة، لكن ماذا يفعلون وقد حل بهم البلاء، ولابد من مسايرة خصمهم، لكن لعدم وجود سابقة في أعمال البيع والشراء، فكنا نتندر على ما يفعلون في العلن، أو في شبه العلن!


وقد ذكرني مشهد "كراتين الاستفتاء" بحرفية القوم في بغداد وبدائية الكويتيين بعد الغزو!


الفوز بالزيت والسكر
كان خصوم الاخوان يسخرون منهم، بحجة أنهم يفوزون في الانتخابات بالزيت والسكر، ومن خلال شراء الناخبين واستغلال فقرهم ببعض السلع الغذائية، وراجت الدعاية حتى باتت من المعلوم بأداء الاخوان بالضرورة، وبرواجها لم يعد الاخوان أنفسهم ينكرون ذلك، في حين أنه لا دليل عليه، ثم إذا بمن يعايرهم يقوم بتقليدهم، ويتوسع في هذا لتصبح صورة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، هى هذه "الكرتونة" التي توزع على من جرى جلبهم لتشكيل زحام مصطنع أمام اللجان، ولإثبات التدافع الجماهيري، لكن سياسة "كرتونة" لكل ناخب، صبغت الموضوع كله بها، فصار "مولد" أو زفة الكراتين"، فتم إغراق السيوشيال ميديا بهذا المشهد الباعث على السخرية، والدافع للشعور بالمهانة والابتذال!


هل شاهد أحد منكم "كراتين الاخوان"؟!
لقد عشت حياتي في الصعيد، وعندما انتقلت للقاهرة لم أفقد علاقتي بمسقط رأسي، ولم أر الاخوان يوزعون هناك السلع الغذائية على الناس، ولم أسمع بذلك، وفي محيطي بالقاهرة لم أر القوم يوزعون "كراتينهم"، ولم أسمع بها، وقد شاركت في خمس استحقاقات انتخابية بعد الثورة، ولم أر "كرتونة" واحدة  بالقرب من اللجان، أو في البعد منها، واكتشفت أننا نتعامل مع "كراتين الاخوان" على أنها من المسلمات، فسألت أهل الذكر لكي أعرف حقيقتها!


توجد داخل جماعة الإخوان، لجنة اسمها لجنة البر، يرأسها الشيخ عبد الرحمن البر (فك الله أسره) وهى لجنة تقوم على توزيع السلع الغذائية على قوائم معدة من الفقراء، فيقومون بتوزيع هذه السلع على الناس بمناسبة شهر رمضان، أو أي مناسبة أخرى، وليس بمناسبة الانتخابات!


وهذه المعونات في جانب منها مقدم من موسرين ليسوا من الإخوان، ربما يريدون إبراء ذمتهم، فقد يدفعون لمن لا يستحق، فيكون الخيار المريح بالنسبة لهم هو أن يدفعوا للاخوان لأنهم يعرفون مصارف الزكاة والصدقات، ويعرفون مستحقيها، وفي النهاية هم يتحملون المسؤولية أمام الله عز وجل!


ثم إن هذه "الكراتين" لا توزع في العلن، ولكنها قد تصل للناس ليلا رفعاً للحرج، وقد يكون البديل هو "كوبون" مدفوع الثمن مقدما، يتم استلام به السلع المطلوبة من "محل بعينه"، فلأن القوم خبرة، فلا ابتذال هنا ولا اراقة لماء الحياء، وهناك لوم يقع على الإخوان بأنهم لم يكونوا يتخيرون من يستحقون صدقاتهم، لأن كثيرين منهم لم يكونوا يذهبون للتصويت لهم، ومنهم من كان بعد الانقلاب يتعرف على الاخواني، وتثبت لديه الصفة، بأنهم من كانوا يقدمون لهم المعونات، والتي تتجاوز السلع الغذائية، إلى المساعدات العينية والخدمات الطبية، فوشوا بهم!


ومهما يكن، فالذين يتحدثون عن زيت الاخوان ودقيقهم، لم يروه، فلم يجهر الاخوان بالأمر، لكن جماعة السيسي هم جهروا، حتى صار الأمر مبتذلاً، وأصبح هذا هو عنوان الاستفتاء الأبرز، بجانب حشود الرقص مقابل "كرتونة"، فصرنا أمام رشاوى انتخابية يجرمها القانون، بل ويدينها الخُلق القويم، لتنتقل بالحكم إلى منحدر المسخرة و"قلة القيمة"!


لقد قام حزب الأجهزة الأمنية "مستقبل وطن" بتوزيع "كراتينه" باسم عبد الفتاح السيسي؛ إذ كتبت عليها هذه العبارة: "مبادرة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.. حياة كريمة لشعب عظيم"، ولا نعرف بالتالي ما اذا كانت المبادرة هى في حياة كريمة لشعب عظيم، أم أن "كرتونة لكل صوت انتخابي" هى "مبادرة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي"!


لقد أعلن المستشار القانوني لعبد الفتاح السيسي المحامي "محمد أبو شقة"، أنه سيقاضي حزب "مستقبل وطن" لاهانته للسيسي، فهل تصرف الحزب من تلقاء نفسه؟، وهل يمكنه أن يتصرف على هذا النحو بدون توجيه أمني إن لم يكن توجيها رئاسياً؟، فربما كان أولوا الأمر من هذا الحزب لم ينتبهوا لهذه الدعاية بالغة الإساءة، ضمن جملة المساخر في هذا اليوم، فكان الإعلان عن تقديم بلاغ في الحزب، وهل يحتاج السيسي إلى تقديم البلاغ وكأننا في دولة القانون؟!


بدوره أعلن الحزب أن من يسيئون إليه هم الاخوان، وأنه سيقاضيهم، دون أن يذكر نوعية الإساءة التي لحقت بشرف الحزب، ولحقت بدوره في "العملية السياسية"!


المقطوع به أن عبد الفتاح السيسي لن يتخذ إجراء حقيقيا ضد الحزب المذكور، لأن ما جرى متفق عليه، فقد رأى الحكم القائم وأنصاره أن يستدعوا تجربة الإخوان في الحشد، فلم يأخذوا منها سوى العنوان الرائج بأن الناس كانت تصوت لهم وثمن الصوت هو "كرتونة" السلع الغذائية، فابتذلوا المشهد، وجعلوه مسخرة مكتملة الأركان.


إنه التقليد الأعمى!   

6
التعليقات (6)
محمد حماد
الأربعاء، 24-04-2019 06:17 ص
لا فض فوك يا أستاذ
مجدى ابراهيم حزين
الأربعاء، 24-04-2019 12:57 ص
الثماني سنوات أهم إنجاز للسيسي الأحد 27/أغسطس/2017 سيد على .. موقع فيتو أتمنى أن يبادر الرئيس السيسي بقطع الطريق على المتهافتين والإعلان عن احترام الدستور الذي تم انتخابه، وفقًا لنصوصه وتأكيد رفض تعديل النص الخاص بمدد الرئاسة لتظل أربع سنوات بحد أقصى دورتين، وفي ظني سيكون تمسك الرئيس بالرحيل بعد انقضاء الثماني سنوات من أهم إنجازاته السياسية، وسيدخل التاريخ كرجل مصلح بالقضاء على نظرية الفرعون الذي لا يرحل بصورة طبيعية عن كرسي الحكم، خاصة أن الرجل أطال الله في عمره سيبلغ الثامنة والستين في عام 2022، وقد أمضى منها نحو 15 عامًا أشغالًا شاقة في إدارة الدولة المصرية في أحرج أيامها ونجح بإقتدار في تثبيت أركانها والحفاظ عليها من التفتت والفوضى والانقسام، وأعاد لها الهيبة والاحترام والعلاقات الدافئة في المحيط العربي والأفريقي والدولي. وأرجو مخلصًا لصالح الرجل ألا يستمع لترزية القوانين وفرقة صناع الفرعون بتزيين تعديل الدستور لمد الفترة الثانية، خاصة أن التاريخ يعيد نفسه وهم أنفسهم الذين زينوا الأمر للسادات في تعديل الدستور لمدد أخرى ولم يستفد منها، وكانت فرصة لمن جاء بعده وكانت هي نقطة الضعف التي قضت على مبارك بالقضاء في المنصب 30 عامًا، فتوحد مع الدولة وانتشرت مقولة لا يوجد بديل، مما أدى لتجريف الكفاءات وانهيار الأحزاب السياسية، وأطلق يد أجهزة الأمن في تشويه أي بديل محتمل، حتى جاء زمن على المصريين ونصبوا محمد مرسي رئيسًا فقد كان الإخوان هم الأكثر استعدادًا عكس كل الأحزاب والمؤسسات الأخرى التي كانت ترى في طرح البديل خيانة للنظام وجرم يستحق اللعنة، وربما لهذا تحوط كتبة الدستور حصنوا التعديل المتعلق بالرئاسة ونصت المادة 226 على أنه لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو بمبادئ الحرية أو المساواة ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات.. أي أن تلك المادة وضعت حظرًا نهائيًا على رئيس الجمهورية والبرلمان، وأي محاولة مهما كانت منطقية ولها مخرج ومبرر دستوري ستعتبر تحايلا وانتهاكًا في أول اختبار للدستور، الذي لم يجف الحبر الذي كتب به، وانتهاكًا لسيادة القانون ودولة المؤسسات، ويصل الأمر لبعض الفقهاء الدستوري إلى أنهم يعتبرون اللعب في تلك المادة انقلابًا دستوريًا، خاصة إذا تم ذلك في عام الانتخابات، ثم إن الذين يقترحون ذلك يخونهم الذكاء السياسي وربما يحملون الرئيس والبرلمان ما لا يريدونه، ويضعون الجميع في وضع سياسي حرج ومأزق دستوري وانتقاصًا لإرادة الشعب الذي وافق في استفتاء عام.. ثم الأخطر من كل ذلك أن أحداث يناير والكوارث التي تلتها كانت بسبب بقاء مبارك في الحكم 30 عامًا، إضافة إليّ مصيبة محمد مرسي وجماعته التي عجلت برحيله والثورة عليه كانت بسبب التعديلات الدستورية التي اقترحها، ولا تزال التجربتان ساخنتين ودروسهما عظة لنا جميعا بألا نكرر نفس الأخطاء وننتظر نتائج مختلفة بغض النظر عن كل ما قيل بالنوايا الحسنة والظرف المضطرب عند وضع الدستور، ثم الأهم أنه لا يمكن الحكم على نصوص الدستور قبل تطبيقها، وهناك مواد كثيرة لم تختبر ومواد لم يتم تفعيلها لعدم صدور التشريعات المنظمة لها. والكل يعرف أن هذا الدستور تمت صياغته بعد ثورة 30 يونيو، وكانت محاولات الإخوان للمغالبة وليست المشاركة ماثلة في الأذهان، ولم يكن اختفاء الجماعة وشبح استيلائهم على السلطة كافيًا لتطمئن كل المؤسسات، فكان أن قامت المؤسسات بضغوط هائلة لتحصين نفسها من أي مخاطر محتملة في المستقبل، جاء ذلك في تحصين منصب وزير الدفاع من هوى السلطة وعندما نشب صراع بين لجنة كتابة الدستور والقوات المسلحة تم الاتفاق على أن تكون في باب الأحكام الانتقالية، وكذلك تم تحصين منصب شيخ الأزهر، وهكذا تحوط الدستور للمستقبل بالحفاظ على تلك المناصب الحساسة وحسم مسألة مدد الرئاسة، وبقي أن نعرف أن القريبين من أحداث كتابة الدستور يعرفون أن المواد التي يرفضها البعض الآن ويطالبون بتعديلها مثل مادة سحب الثقة من رئيس الجمهورية هي في الأصل عبارة عن مقترح أوصى به وزير الدفاع أيامها المشير عبد الفتاح السيسي حتى لا يتكرر ما حدث في 30 يونيو، بحيث تكون لدينا الأدوات الدستورية التي تمكنا من التغيير بأدوات ديمقراطية، وذلك تحسبًا للمستقبل، وتلك هي مهمة الدساتير بغض النظر عن محاولات فرق النفاق، ولكل هذا أناشد الرئيس قطع الطريق عليهم لأن أهم إنجازاته سوف تكون لخطة تسليمه السلطة لخلفه في يونيو 2022..
hamasa
الثلاثاء، 23-04-2019 07:47 م
يحكى أن صيدلى يدير عدة صيدليات وكان من الاخوان . كان يبحث فى الخفاء عن أصحاب الأمراض المزمنة والأدوية الشهرية ويقوم بعمل كشوف سرية لهم عن طريق الأطباء المعالجين ويقوم بصرف هذه الأدوية مجانا لوجه الله رغم أنه كان لا يعمل بالسياسة وعندما وشى به أحد المرضى المستحقين وزُج به فى غياهب السجن كان يتندر هذا المريض عافاه الله من مرض قلبه قائلا " ندور على خروف تانى " ناخذ من العلاج ثم نبلغ عنه ليذهب الى السجن |!!!!!!!!!!!!!!!!!! هذه حقيقة والله
بلاد الاسلام
الثلاثاء، 23-04-2019 09:04 ص
ليست النائحة كالثكلى ... لم يكن الاخوان يساعدون الناس من اجل انتخابات ولا غيرها كان هذا عملهم منذ نشأة الجماعة تطبيقا لتعاليم الاسلام العظيم .. والكل يشهد لهم بهذا حتى من يعاديهم باستثناء اعلام العهر والانحطاط
ابعمران محمد
الإثنين، 22-04-2019 11:52 م
أصبت اخي سليم جعل الله قلبك وقلمك سليمين