ملفات وتقارير

مصر تسعى لاجتماع ثلاثي بشأن سد النهضة وإثيوبيا تتعلل بوضع السودان

رسلان:  الأوضاع الداخلية في السودان لن يكون لها تأثير يذكر على تطورات أزمة سد النهضة- الأناضول
رسلان: الأوضاع الداخلية في السودان لن يكون لها تأثير يذكر على تطورات أزمة سد النهضة- الأناضول

تسعى الحكومة المصرية لعقد اجتماع ثلاثي جديد لاستئناف المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي وكسر حالة الجمود التي تشهدها الأزمة، بحضور وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا، بحسب ما نقلته صحيفة "العربي الجديد" عن مصادر دبلوماسية رسمية في وزارة الخارجية المصرية.

 

ويقول مراقبون إن أديس أبابا تستغل الأوضاع غير المستقرة في السودان للتهرب من أي اجتماعات ثلاثية حول السد، وهو ما أغضب المسؤولين المصريين الذي طالبوا الجانب الإثيوبي بضرورة عقد لقاء جديد خلال أيام.

وجاءت هذه التطورات في ظل استعداد أديس أبابا لبدء ملء خزان السد في غضون أشهر قليلة، وتحديدا في موسم الفيضان الذي يحل في الصيف المقبل، بحسب خبراء تحدثوا لـ"عربي21".

وكانت الحكومة الإثيوبية قد أعلنت، يوم الأربعاء الماضي، أن الأحداث التي يشهدها السودان لن تؤثر على خططها لاستكمال مشروعها القومي العملاق.

وقال وزير المياه الإثيوبي فريهوت ولد هانا "إن التطورات الأخيرة التي جرت في السودان لن تؤثر بشكل أساسي على مصير المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان بشأن سد النهضة".

جدير بالذكر أنه تم تأجيل اجتماع على مستوى وزراء الري في القاهرة قبل أسبوعين، بسبب أحداث السودان، وفقا لما أعلنته الحكومة المصرية.

ويشهد السودان حاليا حالة من الاضطراب السياسي بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير، إثر احتجاجات شعبية، وتولى مجلس عسكري انتقالي مقاليد الحكم لمدة عامين.

وكان وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبدالعاطي، قد أكد قبل أسبوعين أمام أعضاء لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب أن المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي مستمرة، وليس هناك تطور جديد بها، مشددا على التزام مصر بالتوصل إلى اتفاق عادل يحقق مصالحها إلى جانب مصالح إثيوبيا.

وتأجلت جولة مفاوضات ثلاثية، كان من المقرر انعقادها في شباط/ فبراير الماضي، بالخرطوم، بناء على طلب إثيوبيا بمشاركة وزراء الخارجية والمياه ورؤساء المخابرات في الدول الثلاث.

ورغم الاجتماعات العديدة التي عقدت على مدار السنوات الخمس الماضية، إلا أنه لم يتم حتى الآن الوصول إلى حل يرضي الدول الثلاث، حيث تخشى مصر من تأثر حصتها السنوية من مياه النيل بسبب السد، بينما تقول إثيوبيا إن السد هدفه توليد الطاقة، ولن يمثل ضررا على السودان ومصر.

"إنقاذ ما يمكن إنقاذه"

وتعليقا على هذه التقارير، قال رئيس برنامج دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية، هاني رسلان، إنه كان من المقرر عقد اجتماع تشاوري ثلاثي بين وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا هذا الشهر، لكن الأحداث المتلاحقة في الخرطوم أدت إلى تأجيله لأجل غير مسمى.

وأضاف رسلان، في تصريحات لـ"عربي21"، أن مصر تريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولا تريد أن تطول المدة أكثر من هذا في ظل اقتراب أديس أبابا من الانتهاء من بناء السد تماما.

وأكد أن العلاقات الطيبة بين المجلس العسكري الحاكم في السودان والحكومة المصرية يجعل إقامة هذا الاجتماع خلال أيام قليلة أمرا محتملا، خاصة أن المجلس قام ببعض الترتيبات الداخلية، وأصدر قرارا بتكليف وكلاء الوزارات بتسيير الأعمال لعدم الإضرار بمصالح البلاد.

وحول توقعاته لنتائج هذا الاجتماع الثلاثي المرتقب، أكد هاني رسلان أنه لا تبدو في الأفق أي علامات لتغير الموقف الإثيوبي، مشيرا إلى أن أديس أبابا منذ بداية الأزمة، وهي متمسكة بموقفها من المشروع، ولا تستجيب لأي مبادرات أو خطوات مصرية في هذا الشأن.

وأضاف أن الأوضاع الداخلية في السودان لن يكون لها تأثير يذكر على تطورات أزمة سد النهضة، موضحا أن الدور الذي كانت تحتاجه إثيوبيا من السودان قام به الرئيس السابق عمر البشير على أكمل وجه، ونجح في تمرير مشروع السد وإعطائه المشروعية القانونية والأخلاقية أمام للمجتمع الدولي، وأضعف الدور المصري كثيرا، حيث أظهر القاهرة بصورة الطرف المعزول في مواجهة التنسيق والتعاون القوي بين أديس أبابا والخرطوم.

وأكد أن البشير واصل حتى أيامه الأخيرة الإضرار بالموقف المصري في أزمة السد، حيث قام بمقايضة الحكومة المصرية لدعمه ومساندته في مواجهة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بتنحيه، مقابل تغيير موقفه من إثيوبيا، وهو الأمر الذي لن يؤثر كثيرا في الأوضاع القائمة الآن على الأرض.

"فات الأوان"

وحول التأثيرات المتوقعة لحالة عدم الاستقرار التي يمر بها السودان الآن، وتغيير نظام الحكم فيه، قلل رسلان من قوة هذا التغيير على طرفي الأزمة، مصر وإثيوبيا.

وأوضح هاني رسلان أنه على الرغم من التقارب الواضح بين المجلس العسكري السوداني والرئيس عبد الفتاح السيسي، إلا أن المجلس العسكري ما زال متخبطا في مفاوضاته مع المعارضة السودانية، ولم يمسك بعد بالملفات الاستراتيجية في البلاد، كما أنه لا يضع ملف سد النهضة على قائمة أولوياته الآن، بل يركز على تأمين البلاد، ومنع انزلاقها إلى حالة الفوضى.

وتابع رسلان: "أما على الجانب الإثيوبي، فإن أديس أبابا قد أخذت ما تريده من السودان، وأوشكت على الانتهاء من بناء السد، مشيرا إلى أن التقارير التي تقول إن إثيوبيا تستغل الأحداث في السودان للتسريع من وتيرة الأعمال في السد هي تقارير غير صحيحة؛ لأن الأعمال في مثل تلك المشاريع العملاقة لا يمكن تسريعها بقرارات مفاجئة، بل تتم وفقا لجداول زمنية معدة مسبقا".

وأكد أن أديس أبابا ستبدأ في الصيف المقبل البدء في ملء خزان السد، وفقا لما أعلنته من قبل، وأنها تخطط لبدء عمل التوربينات بشكل أولي نهاية عام 2020، لافتا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد حريص للغاية على الانتهاء من المشروع لتقديم نفسه للإثيوبيين باعتباره بطلا قوميا، ويخشى أي تأخير في إنجاز السد حتى لا تستغله المعارضة في إضعاف موقفه السياسي.

واختتم هاني رسلان تصريحاته بالقول إن "الأوراق التي بقيت في يد المفاوض المصري أصبحت قليلة للغاية، مشيرا إلى أن مصر راهنت منذ بداية الأزمة على مسار التعاون والتفاوض مع إثيوبيا، وتفادي أي صدام معها، لكن هذه الاستراتيجية لم تثمر أي نتيجة ملموسة حتى الآن، وأخشى أن يكون الوقت قد فات لإمكانية إحداث أي تغيير في الموقف الإثيوبي".

التعليقات (0)