صحافة دولية

كيف لطموحات الغاز السعودي أن تحدث تغييرات جيوسياسية بالمنطقة؟

حققت السعودية نجاحا مبدئيا في بيع أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال إلى سنغافورة- جيتي
حققت السعودية نجاحا مبدئيا في بيع أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال إلى سنغافورة- جيتي

نشرت مجلة "ذا غلوباليست" الأمريكية تقريرا تحدثت من خلاله عن طموحات المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بمضاعفة صادراتها من الغاز الطبيعي من خلال استغلال العقوبات الأمريكية المسلطة على إيران.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السعودية تسعى لزيادة صادراتها ومواردها المالية وتضييق الخناق على قطر وإيران في المنطقة، وتحقيق طموحها بأن تصبح القوة الإقليمية الأكبر في الشرق الأوسط. 

وتعود محاولات السعوديّة من أجل تصدّر مبيعات الغاز الطبيعي إلى سببين؛ أولهما تنويع الاستهلاك والتصدير المحلي في المملكة، وثانيها الاستفادة من العقوبات الأمريكية ضد إيران التي تهدف إلى تغيير سياسة الجمهورية الإسلامية.

وفي الواقع، لقد حققت السعودية نجاحا مبدئيا في بيع أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال إلى سنغافورة، التي تمثّل مركز التجارة في آسيا والمحيط الهادئ، أكبر سوق للغاز الطبيعي المسال في العالم.

وأوردت المجلة أن هذه المبيعات تكشف النقاب عن طموحات شركة النفط الوطنية السعودية "أرامكو"، التي تسعى إلى أن تصبح لاعبا رئيسيا في مجال الغاز من خلال عقد شراكات مع المنتجين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في منطقة القطب الشمالي الروسي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، زار وفد من أرامكو باكستان لمناقشة مبيعات الغاز من أجل معالجة نقص الطاقة في الدولة الواقعة في جنوب آسيا، بينما تعرّف المستثمرون الأجانب على حقول الغاز الخاصة بها.

وذكرت المجلة أن المملكة تتطلّع إلى أن تصبح دولة مصدرة للغاز خلال السنوات الخمس المقبلة، بعد اكتشافها مؤخرا لاحتياطيات كبيرة في البحر الأحمر. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن المملكة تخوض بالفعل مناقشات مع دول خليجية أخرى حول بناء خطوط أنابيب الغاز الطبيعي وستشرع قريبا في إجراء دراسات حول فعاليّتها.

 

اقرأ أيضاالسعودية تعلن اكتشاف كميات كبيرة من الغاز بالبحر الأحمر

ونوهت المجلة بأن هذه المناقشات لن تشمل قطر أو إيران، اللتين تعتبران من أهم المنتجين في المنطقة والعالم. ولا تخدم هذه الخطّة مجهودات السعوديّة من أجل تقليل اعتمادها على صادرات النفط وتنويع اقتصادها فحسب، بل تساعدها أيضا على الاستفادة من ضعف إيران نتيجة حملة "الضغط الأقصى" التي شنّتها إدارة ترامب ضدّها. وفي هذا الصدد، ذكرت الإدارة الأمريكية أنها تعتزم خفض صادرات الطاقة الإيرانية إلى الصفر من خلال إلغاء الإعفاءات التي أصدرتها سابقا لثمانية مشترين، من بينهم الصين، والهند، وتركيا، واليابان، وكوريا الجنوبية.

وأضافت المجلة أن تنويع الصادرات القطرية يمثّل عاملا أساسيا لقدرتها على صد المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية التي تقودها ضدها السعودية والإمارات منذ 23 شهرا والتي تهدف إلى إجبارها على تغيير سياساتها، كما هو الحال في إيران. في المقابل، لا تقدم المواقف الراسخة لكلا الطرفين أي فرصة لحل النزاع في أي وقت قريب.

وأكدت المجلة أن سعي السعودية إلى هدم النظام الإيراني عوضا عن تغييره سيسمح لها بتقويض النتائج الإيجابية لمشروع ميناء جابهار التابع لإيران المدعوم من طرف الهند، الذي يقع على بعد 70 كيلومترا على طول ساحل بحر العرب عن ميناء كوادر، المدعوم من الصين في إقليم بلوشستان الباكستاني. كما تعهدت السعودية ببناء مصفاة تكلفتها 10 مليارات دولار في مدينة كوادر. وتشير خطط تطوير صناعة الغاز التي وضعتها السعودية إلى أنها لن تتمكّن من تحقيق مبتغاها إلا بعد عقد من الزمن.

ونقلت المجلة عن الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أمين ناصر، أنه يتوقع استثمار 150 مليار دولار في قطاع الغاز السعودي على مدى السنوات العشر المقبلة. ويتوقع ناصر أن إنتاج الغاز سيرتفع من 14 مليار قدم مكعب، الذي يمثّل معدلا قياسيا، إلى 23 مليار قدم بحلول سنة 2030.

وأضاف ناصر: "إننا نتطلع إلى الانتقال من إرضاء المَرافق الخاصة بهذا القطاع في المملكة، الذي سيتحقّق خاصة مع زيادة الطاقة المتجددة والنووية، إلى تصدير الغاز ومشتقاته. وقد مُنح فريق الغاز الدولي التابع لأرامكو منصة واسعة للاطلاع على عمليات الاستحواذ على الغاز على امتداد سلسلة التوريد بأكملها. وهو ما يمنحهم سيطرة مالية كبرى بقيمة مليارات الدولارات".

وذكرت المجلة أن المملكة أعربت عن رغبتها في الاستحواذ على حصة بقيمة 30 بالمئة من مشروع الغاز الطبيعي المسال الخاص بشركة نوفاتيك الروسية. ومن شأن هذا الأمر أن يمكّن السعودية من التفاوض على صفقات طويلة الأجل وبيع البضائع في السوق الفورية أو زيادة التوريد المحلي. كما تتطلع المملكة إلى شراء أصول الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.

وفي الختام، أشارت المجلة إلى أن الصفقة السعودية الروسية في القطب الشمالي لن تؤدي إلى تعزيز مكانة المملكة فحسب، بل ستُقوي علاقتها مع روسيا من خلال إدارتهما المشتركة لإمدادات النفط العالمية. 

وفي هذا العالم الذي تزداد فيه القومية الاقتصادية، لا تحظى طموحات الغاز السعودية بالترحيب العالمي. في المقابل، تحوم بعض الشكوك حول ما إذا كانت إدارة ترامب ستنظر بشكل إيجابي إلى الاستثمارات السعودية، إلا أن بعض المحللين يُنذرون بإمكانية حدوث عكس ذلك.

اقرأ أيضا: "قطر للبترول" تعلن اكتشاف حقل ضخم للغاز قريبا من مصر


 

التعليقات (0)