ملفات وتقارير

ما سر تمسك أوروبا بالاتفاق النووي مع إيران.. ماذا لو انهار؟

ردود فعل أوروبية قلقة من الإجراءات التي أعلنها الرئيس الإيراني بشأن الاتفاق النووي ومهلة الـ60 يوما- أ ف ب/ أرشيفية
ردود فعل أوروبية قلقة من الإجراءات التي أعلنها الرئيس الإيراني بشأن الاتفاق النووي ومهلة الـ60 يوما- أ ف ب/ أرشيفية

توالت ردود الفعل الأوروبية القلقة من الإجراءات التي أعلنها الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم الأربعاء، بشأن الاتفاق النووي، وأعلنت كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا تمسكهم بالاتفاق النووي مع إيران.

وقالت وزيرة الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان: "ليس هناك أسوأ من خروج إيران من الاتفاق النووي والأوروبيين يريدون إبقاء الاتفاق حيا".

وأكد متحدث باسم الحكومة الألمانية أن بلاده: "تريد الإبقاء على الاتفاق النووي وستقوم بالتزاماتها ما دامت إيران تقوم بالتزاماتها"، مؤكدا أن "انتهاك ولو جزء من الاتفاق النووي غير مقبول". وتابع: "سنتشاور الآن مع شركائنا الأوروبيين حول كيفية المضي قدما فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني".

واعتبر وزير الدولة بوزارة الخارجية أمام البرلمان البريطاني، الأربعاء، "إعلان طهران خطوة غير مرحب بها"، قائلا: "إذا توقفت إيران عن تنفيذ التزاماتها في الاتفاق النووي، ستكون هناك بالطبع عواقب". وأضاف: "لا نتحدث في هذه المرحلة عن إعادة فرض العقوبات، ولكن يجب أن نتذكر أنه تم رفعها مقابل القيود النووية".

وبعد عام من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 بين إيران والدول الكبرى، أعلنت طهران، اليوم الأربعاء، تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق، ووقف تصدير اليورانيوم المخصب والماء الثقيل.

 

اقرأ أيضا: تصعيد إيراني بشأن "النووي".. وروحاني يحذر من رد صادم

"مهلة روحاني"


وأمهل الرئيس الإيراني الدول الموقعة على الاتفاق النووي، 60 يومًا لتنفيذ تعهداتها بشأن الحفاظ على مصالح بلاده في الاتفاق، وإلّا فإن طهران ستشرع بزيادة مستوى اليورانيوم المخصب.

وتم إبلاغ القرار رسميا صباح الأربعاء في طهران لسفراء الدول التي لا تزال موقعة على الاتفاق (ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا)، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان.

وأكد روحاني، في كلمة خلال اجتماع الحكومة الإيرانية، اليوم الأربعاء، بثها التليفزيون الرسمي، أن طهران لا تريد الانسحاب من الاتفاق النووي، ومستعدة للمفاوضات النووية، محذرا في الوقت نفسه من "رد صارم" إذا أحيل الملف النووي مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي.

وفي تعليقه على تمسك الأوروبيين ببقاء الاتفاق النووي حيا، قال محمد صالح صدقيان مدير مركز الدراسات الإيرانية في طهران، إن الاتفاق النووي لم يتم بين الجانبين الإيراني والأمريكي وإنما كان بين إيران ومجموعة دولية أعضاء في مجلس الأمن الدولي.

 

"اتفاق أمني"

وأكد في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن الأوروبيين ينظرون إلى الاتفاق النووي باعتباره اتفاقا أمنيا وليس اتفاقا في المجال النووي، ويعتقدون أن انهيار الاتفاق النووي يعني انهيار الأسس الأمنية التي يستندون إليها في التعاطي مع إيران.

وأضاف: "كما يعتقد الأوربيون أن إيران تستطيع أن تلعب دورا في الكثير من المجالات التي تخص منطقة الشرق الأوسط، وأن إيران ساهمت كثيرا في مواجهة الحركات الإرهابية العراق وسوريا، ويمكن الاستفادة من دورها في مواجهة الإرهاب وتنظيم الدولة".

وأشار إلى أن الأوربيين يعتقدون أيضا أن إيران يمكن التفاهم معها من أجل إدارة الكثير من الملفات الأمنية في المنطقة، أبرزها محاربة الإرهاب ومكافحة المخدرات ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وهي القضايا الثلاث التي تتأثر بها الأوضاع الأمنية والسياسية الأوروبية.

واعتبر صدقيان أن ما قاله الرئيس الإيراني اليوم ليس تصعيدا، وإنما عملا بنصوص المواد 26 و36 من الاتفاق النووي التي تعطي الحق لإيران اتخاذ الإجراءات التي أعلنت عنها اليوم، لافتا إلى أن إيران لا تريد التصعيد والإجراءات التي تم إعلانها اليوم سوف تدخل حيز التنفيذ بعد مهلة 60 يوما، بمعنى أن إيران أعطت فرصة زمنية للدول الأعضاء بالاتفاق النووي للقيام بالتزاماتها والعمل على صمود الاتفاق النووي وبقاءه حيا.

 

اقرأ أيضا: قلق أوروبي من المهلة الإيرانية بشأن "الاتفاق النووي"

"رفع الحصار"


وتابع: "طهران ألقت الكرة في ملعب الدول الأعضاء بالاتفاق النووي، وإذا لم تلتزم هذه الدول بالتزاماتها فإيران قالت بأنها سوف تخصب اليورانيوم بنسبة أكبر"، مستطردا: "روحاني قال إن هناك التزامات وحقوقا، وبالتالي يجب أن تنفذ الالتزامات والحقوق، ولا يمكن أن تنفذ الحقوق بدون التزامات، والاتفاق يلزم الدول الموقعة عليه أن تعمل على رفع الحصار عن إيران، ووضع آلية للتبادل المالي بين الجانبين، والعمل على عدم مضايقة إيران ببيع نفطها".

وحول انعكاس الإجراءات الإيرانية على الوضع الداخلي بالبلاد وخاصة فيما يتعلق بالحياة المعيشية للمواطنين، خاصة مع هبوط الريال الإيراني إلى مستويات قياسية جديدة، قال صدقيان إن الإيرانيين قد يملكون انتقادات للنظام السياسي في مجال الحريات أو في مجال الاقتصاد أو أي مجال آخر، لكنهم يتفهمون أن هناك ذرائع تتمسك بها الولايات المتحدة.

وأضاف: "من الغباء الأمريكي أنهم يعتقدون أن الضغط الاقتصادي على إيران قد يدفعهم إلى الثورة ضد النظام السياسي، ويخطئ من يظن أن المواطن الإيراني سوف يستمع إلى ما يقوله جون بولتون أو مايك بومبيو أو دونالد ترامب".

وهبط الريال الإيراني في السوق السوداء، اليوم الأربعاء، إلى مستويات قياسية جديدة، وذلك مع تزايد التوترات بين طهران وواشنطن. وجرى تداول العملة الإيرانية عند 155 ألف ريال للدولار، بعدما كانت مطلع العام الجاري عند 11.2 ألف ريال للدولار.

 

اقرأ أيضا:  على وقع تصاعد التوتر مع طهران.. بومبيو في بغداد بشكل مفاجئ

 

"العصا والجزرة"


ومن ناحيته قال الخبير في شؤون النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، إن أوروبا تقاوم الموقف الأمريكي المتشدد إزاء الملف النووي والانسحاب من الاتفاق الذي تم توقيعه مع إدارة أوباما صيف 2015، لأسباب سياسية وأخرى اقتصادية.

وقال إسماعيل في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن "أوروبا تفضل سياسة العصا والجزرة مع إيران بينما واشنطن تلجأ للعصا الغليظة في التعامل مع إيران، ولهذا فرضت عقوبات اقتصادية قاسية على إيران مثل منعها من تصدير النفط كليا، أي صفر صادرات".

وأضاف: "الاتحاد الأوروبي يسعى منذ بداية 2019 أن يؤسس قنوات جديدة موازية للتعامل التجاري مع إيران وإيجاد آليات جديدة لتحويل واستلام الأموال ولكن هذه المحاولات لم تنجح، كما أن مؤتمر وارسو الذي عقد في شباط/ فبراير الماضي لأخذ موقف موحد تجاه إيران وعارضته فرنسا واعتبرت أن هدف المؤتمر هو خلق انقسام في صفوف الأوروبيين".

وأكد إسماعيل، أن هناك فرصا كبيرة في قطاعات النفط والغاز تريد الشركات الأوروبية استغلالها في إيران، معتبرا أن أخطر خطوة قد تتخذها إيران حيال انهيار الاتفاق النووي هو التدخل في الملاحة البحرية خاصة ناقلات النفط التي تعبر مضيق هرمز وأيضا باب المندب.

وأردف: "إيران تهدد بإغلاق مضيق هرمز باستمرار وتتراجع قبل الوصول إلى الهاوية خوفا من الرد الأمريكي، ولا شك أن أسواق النفط تعتبر هذا التوتر عاملا جيو سياسيا خطير من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط باتجاه 80 دولارا، وإذا ارتفعت أسعار النفط لمستويات عالية فإن إدارة ترمب ستكون أول من يصرخ احتجاجا".

التعليقات (0)