قضايا وآراء

لحن الطاغية والمحتل في الصفقة والمجزرة

نزار السهلي
1300x600
1300x600
يعترف الجميع في أوساط السوريين المقاومين لسفاحهم، بأنهم يعيشون مرحلة جديدة من النضال على ضوء المجازر المتتالية، التي تتركها هجمات الأسد وروسيا وإيران فوق أجسادهم. وهي بدأت منذ سنوات، حيث كانت تشتد وتخفت وتصمت ردة الفعل الدولية والإقليمية حيال هذه المذابح، والتي تُبث اليوم بشكل مباشر من أرض الحدث، ومن تحت حطام بيوت السوريين، مع مشاهد مأساوية وفظيعة لم تتكرر منذ الحربين العالمية الأولى والثانية؛ إلا على أيدي نظام يعجز المجتمع الدولي عن مواجهته، ويعجز عن تأمين الحماية لملايين السوريين من قاتل لا يعجز عن ممارسة هوسه الاستمرار بالجرائم.

هذه هي إدلب، مع بقية سوريا التي فرض عليها الطاغية وعصاباته أن تستقبل مآتم لا تنقطع وأحزانا أبدية. كل مشهد وكل صرخة ولمحة تعبر من خلف الكلام والصمت، تعطيه بعداً مأساويا، إضافياً، حين تخترق صواريخ وبراميل جبان قصر المهاجرين ظهور وقلوب الأطفال والنساء في مدن الشمال السوري، مع أن المآتم هي الصورة التي تغفو عليها إدلب وأريحا، وفي عينيهما بعض من بقايا صورة مأساوية عن حلب وحمص ودرعا ودير الزور، حين استفاق أهلها بعيون جاحظة دامعة من هول المجازر المتلاحقة.. يعود الأسد السفاح، كي يؤكد على حقيقة وجوده "الأبدي" كمزهق لأرواح السوريين، لكنه لا يكتفي بهذه الحقيقة، ويصر على عادته في تهجير وتشتيت واقتلاع الحرث والنسل، والقيام بكل أدوار الانحطاط البشري.

يبدو السوريين في إدلب، كما كل مدن وأرياف الشمال السوري، مكشوفي الظهر والصدر، ولسانهم يقول: إن بعضاً من الخلان والأهل تنكروا لهم ولمذبحتهم، وبعضهم يصرخ من صفقة قرنٍ، لكنه يتنكر لتنفيذ مذابح ضد أشقائه، وراح كثير منهم يبحثون عن أماكن لهم حول مآتم السوريين، ويذرفون دموع التماسيح على حسنات الممانعة. وقد دُبجت شعارات، وصيغت مواقف تحلل هذه المرحلة، وتحدد إجابات على أسئلة لا تقترب من النظام السوري ولا من موسكو وطهران، وكل العصابة.. إجابات تأتي وفق أسلوب خطاب سابق لا يحمل ما يعكس القدرة على هضم واستيعاب التغيرات التي نشأت بحجمها الحقيقي والكامل، ولا القدرة على توفير حلول تحمي البشر والحجر في سوريا.

ها هو الوقت يمر كالسيف، يحصد المزيد من الشهداء، ويخلف أعدادا متكاثرة من الجرحى، وأضعافهم من المشردين والهائمين بين شجر البلاد وصخرها وبحرها، بينما تشهد أروقة السياسة الدولية والإقليمية وقنواتها الدبلوماسية، والغرف المغلقة، لعبة تجفيف الدم السوري الذي نزف في كل بقعة. وما زال يتناسى العالم ويتجاهل عن قصد مجازر النظام اليومية التي من شأنها أن تقطع الجدل الدائر عن مسؤولية الأسد وداعميه في تل أبيب وموسكو وطهران عن المجازر، بل عن سياسة الإرهاب واستباحة الدم السوري؛، التي وجد فيها المناخ الملائم لتمرير صفقة أو صفقات القرن، والأسد وكل العصابة التي تشبهه هم أركانها في رقعة النظام العربي.

مهما بدا السفاح في دمشق عاتيا متغطرساً بصلف عصاباته من طهران وموسكو، يبقى دم السوريين، حتى وهو مستباح، له فعل الهزات الكبرى التي ترمي إلى سطح الأرض ما تختزنه داخلها، فيظهر رهط المنبطحين عند أقدام الممانعة ليدافعوا عن الجرائم في عموم سوريا، وعن الأسد المجرم لتزوير الوقائع.

يظهر رهط الموهومين بانتصار القاتل، للبحث عن زوايا يختبئون خلفها إلى أن تمر الثورة أو تُجهض ويقتل كل أبنائها، فيظهر نضال السوريين وكفاحهم أقوى من الجلاد والبراميل، ومن حالة الخديعة ونكران الأسى، فيكون لابن أريحا في سوريا ولابن دوما في فلسطين، ولابن إدلب والطيبة ودرعا.. أطنان من الأكاذيب وحصص من المحرقة ومن العنصرية والفاشية، وحصة أعلى من الدم، وحصتان من طاغية ومحتل؛ هما دليلٌ ناصع على "التوازن الاستراتيجي" الذي تحدث عنهما حافظ الاسد، مؤسس الرعب والانحطاط الإنساني في سوريا، وبفضله منح المحتل توازنه المنتج لما نشهده في كل لحظة.. المجزرة والصفقة في مقتلة السوريين هما التوازن الذي نشده لحن الطاغية في سوريا الأسد.
التعليقات (1)
ابو العبد الحلبي
الإثنين، 03-06-2019 05:23 م
نقترب كثيراً – كمثقفي شعب - من الوصول إلى تشخيص الداء في سوريا بشكل يصل إلى الجوهر نتيجة قسوة الأحداث و ربط السابق باللاحق . لا توجد لدى بشار و عصابته النصيرية أية ميزات ذهنية أو مهارات أو قدرات غير عادية ، و من يعرف هؤلاء عن قرب يدرك أنهم للتفاهة عناوين . المشكلة في سوريا أمريكية بامتياز أي أن أمريكا هي سبب الداء و أصل البلاء لما دار في سوريا منذ آذار 1963 و حتى هذا اليوم. لا يمتلك أبطال قرقعة المتة كفاءة إنشاء نظام يعجز المجتمع الدولي عن مواجهته أو مساهمة في نشوء مجتمع دولي يعجز عن تأمين الحماية لملايين السوريين. من قام يشل المجتمع الدولي هي أمريكا و من منع حماية الملايين من مسلمي سوريا هي أمريكا . أمريكا هي رأس الطغيان و الاستبداد في العالم ، و ترتيبها في سوريا منذ ما يزيد عن نصف قرن أن تكون البلاد محكومة من أقلية طائفية حاقدة على الأغلبية السكانية المسلمة حتى تضمن دوام سيطرتها على الشرق الأوسط . لقد كانت أمريكا هي اللاعب الرئيسي و لا تزال في سوريا ، و لكنها في الألعاب الأخيرة جعلت الروس و الفرس المجوس في خنادقها الأولى أو خطوطها الأمامية. الآمرة الناهية في مسألة إدلب هي أمريكا و قصدها الأساسي توريط تركيا ، و لقد بات الكثيرون من السياسيين يعرفون ذلك و صار من المطروح – في بعض البلدان – أن أمريكا غير موثوق بها كحليف بعد أن أطاحت بعملاء لها مع سعيها الدءوب لإيجاد مشاكل لأقرب الحلفاء في أوروبا.