صحافة دولية

FP: هذا هو الحل الأمثل للحفاظ على آمال الديمقراطية بالسودان

فورين بوليسي: يجب على الولايات المتحدة ألا تتخلى عن السودانيين في هذا الوقت- جيتي
فورين بوليسي: يجب على الولايات المتحدة ألا تتخلى عن السودانيين في هذا الوقت- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للزميل في المجلس الأطلسي كاميرون هدسون، الذي عمل مسؤولا لطاقم المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، ومديرا لملف أفريقيا في مجلس الأمن القومي، تحت عنوان "واشنطن تدير ظهرها إلى السودان"، يطالب فيه الإدارة الأمريكية بعدم التخلي عن السودانيين في لحظة الحاجة.

ويشير هدسون في بداية مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى تنحية عمر البشير على يد الجيش، وهي لحظة احتفل العالم بها وبنهاية حكم دام 30 عاما، قائلا إن "الساعات الأخيرة من حكمه بدت كأنها تحدد بداية جديدة في تاريخ السودان، خاصة أن الجيش رفض تفريق المحتجين أمام القيادة العامة بالقوة، وبعد شهرين من تلك اللحظة، بدأت قوات الأمن بمحاولات لكسر ظهر الحركة السلمية التي قادت إلى الإطاحة به، ومع تزايد إحصاء الضحايا الذين زاد على المئة ومئات من الجرحى، فإن مشهد الأرض المحروقة لمخيم الاعتصام لا يزال مشتعلا، وعلى ما يبدو عاد السودان إلى الجرائم ذاتها التي تبناها نظام البشير".  

ويقول الكاتب إن "الناشطين والساسة وكتاب الأعمدة الصحفية في الغرب عملوا ولعقود لجعل اسم حكومة السودان مرادفا للشر، ولهذا عندما كان النظام يروع القبائل الأفريقية في دارفور، فإن الطلاب والنجوم في الغرب كانوا يقومون بحثِّ العالم من أجل (إنقاذ دارفور)، وعندما وافقت إدارة جورج دبليو بوش على ضرورة تقديم البشير للعدالة ليحاسب على أعماله، ودعمت قرار الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة لاعتقاله، وعندما رفض البشير وحماته التعاون، فإن الناشطين قاموا بدعم موقع للإنترنت راقب حركات وسفر البشير؛ أملا في أن تقوم دولة صديقة باعتقاله". 

ويجد هدسون أنه "مع خروجه من السلطة، يبدو أن الولايات المتحدة رفعت اليافطة المعروفة (المهمة انتهت) في السودان، مثلما فعلت إدارة بوش في العراق، مع أن وضع البلد (على كف عفريت)، والدور الأمريكي مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى".

ويلفت الكاتب إلى أن "الدراسات السابقة التي أجريت منذ نهاية الحرب الباردة، كشفت عن أن نصف الانقلابات التي أطاحت بأنظمة ديكتاتورية انتهت بأنظمة قمعية جديدة، ونتجت عن هذه الانقلابات أنظمة ديمقراطية في انقلاب واحد فقط من خمسة انقلابات، ومن المثير للخوف على السودان والمتظاهرين السلميين في الشوارع، أن الأشهر الاولى من الانقلاب تشهد زيادة في القمع وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم تقوم بها الدولة ضد المدنيين؛ وذلك أن النظام الجديد يحاول بناء سلطته والقضاء على ما تبقى من مقاومة".

ويقول هدسون: "لسوء الحظ، فإن النتائج البحثية السابقة بدأت تظهر في شوارع العاصمة السودانية، فبعد عودة القادة من قمة منظمة التعاون الإسلامي في مكة، حيث التقوا هناك بداعميهم السعوديين والإماراتيين، الذين طالبوهم بتقوية موقعهم والتمسك بالسلطة، فتحت قوات الأمن النار على المحتجين، بعد أشهر من الاعتصامات السلمية".

 

وينوه الكاتب إلى أنه "منذ يوم الاثنين تحدثت التقارير عن مقتل أكثر من مئة شخص، والعثور على جثث ملقاة في النيل، وبدا مشهد الاعتصام مثل مشهد قرية محترقة في دارفور بعد مهاجمة مليشيا الجنجويد لها، وهي المليشيا ذاتها، لكن باسم مختلف، وهي التي هاجمت المعتصمين، فقوات الدعم السريع هي بقيادة الرجل الثاني في المجلس العسكري الانتقالي، محمد حمدان دقلو، فالعنف الذي مارسه البشير ضد الأطراف في البلاد، أصبح وبطريقة غير مسبوقة حاضرا في شوارع الخرطوم". 

ويرى هدسون أن "الولايات المتحدة دعمت حركة الاحتجاج المدنية، لكنها لم تقم بالمناورات الدبلوماسية خلف الكواليس، ويواجه السودان واقعا قاتما وتلاشيا لأحلام الديمقراطية بشكل يثير تساؤلات حول الموقف الأمريكي، فبعد عقود من العمل والدفاع عن المدنيين تترك الإدارة الأمريكية السودان ليواجه مصير نسبة 80% من الحالات التي يطاح فيها بنظام ديكتاتوري ليحل محله آخر، ولم تقم الولايات المتحدة بتخصيص تمويل أو دعم فني للقوى الديمقراطية، وجعلها موحدة وفاعلة في المفاوضات مع طرف لديه مصادر وقدرات أفضل". 

ويبين الكاتب أنه "على المستوى الدبلوماسي دعمت الولايات المتحدة الاتحاد الأفريقي ليكون المدخل الدبلوماسي للسودان، ورغم صمت الاتحاد الأفريقي على ما يجري في السودان، الذي بات فيه الجيش وداعموه من الإمارات والسعودية القوة المحركة، فإن الولايات المتحدة لم تتخل عن دعم مبادرات الاتحاد الأفريقي، وانتهى اجتماع في واشنطن مع الحلفاء الأفارقة والأوروبيين دون بيان مشترك حول مستقبل السودان أو خطة طريق له".  

ويعتقد الكاتب أن "الحل الأسلم للحفاظ على آمال الديمقراطية في السودان، هو من خلال بناء دور أمريكي فاعل بتعيين مبعوث أمريكي خاص للسودان، بشكل يذكر الدول العربية أن قادة المدنيين السودانيين لديهم القدرة على حماية مصالحهم في البلد، وتوسيع نطاق الحقوق المدنية للمواطنين السودانيين، ويمكن للمبعوث بناء ائتلاف فاعل مع الأفارقة والدول الأوروبية الذين يبحثون عن قيادة لموازنة الوضع بين من يريدون الحفاظ على القيم الديمقراطية وأولئك الذين يريد إخمادها". 

ويختم هدسون مقاله بالقول إن "ما هو أهم من هذا كله، أن وجود المبعوث الخاص للسودان سيكون باعتباره تطمينا للحركات السودانية المدنية التي تدعو منذ عشرين عاما للتغيير، بأن واشنطن لم تتخل عنهم".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (1)
عماد
الجمعة، 07-06-2019 04:18 م
"والدفاع عن المدنيين تترك الإدارة الأمريكية السودان ليواجه مصير نسبة 80% من الحالات التي يطاح فيها بنظام ديكتاتوري ليحل محله آخر، ولم تقم الولايات المتحدة بتخصيص تمويل أو دعم فني للقوى الديمقراطية،" هذه هي ديمقراطية أمريكا وحدث ولا حرج عن مساندة روسيا والصين وإمارات العهر وآل سلول وخسيسهم المنصب على مصر ! هذه هي اللائكية والديمقراطية التي يدعون لها وحرية الشعوب في اختيار من يسوسها !

خبر عاجل