سياسة عربية

لهذه الأسباب لم يغضب المصريون من ارتفاع أسعار الوقود

خبراء: صمت المصريين ليس معناه قبولهم بالزيادات الجديدة في أسعار الوقود- جيتي
خبراء: صمت المصريين ليس معناه قبولهم بالزيادات الجديدة في أسعار الوقود- جيتي

علق سياسيون ومختصون مصريون على غياب ردود الفعل الشعبية الرافضة لزيادة أسعار الوقود للمرة الخامسة في عهد رئيس سلطة الانقلاب عبد لافتاح السيسي.

 

واعتبروا في تصريحات لـ "عربي21" أن صمت المصريين على الزيادات الجديدة بأسعار الوقود، يعد نتيجة طبيعية لجمهورية الخوف التي أسسها نظام السيسي.


ويؤكد المختصون، أن سكوت المصريين ليس معناه قبولهم بالزيادة، وهو ما يترجمه ردود أفعالهم على مواقع التواصل الإجتماعي، وفي المناقشات الخاصة فيما بينهم، ورفضهم للزيادات الأخيرة، وغيرها من سياسيات النظام، ولكنهم في النهاية مغلوب على أمرهم، في ظل القبضة الأمنية التي تهدد الجميع.


ويشير المختصون إلى أن وسائل الإعلام التي يسيطر عليها السيسي، لعبت دورا كبيرا في تهيئة الأجواء، ليس لقبول المصريين بالزيادات، وإنما لانتظارهم لها، بما يمثل لغزا في الطبيعة التي أصبح عليها المصريون بعد 6 سنوات من الإنقلاب.


ولا يستبعد المختصون أن يكون الصمت الشعبي أشبه بالغليان الذي يسبق البركان، خاصة وأن تأثيرات رفع الأسعار سوف يشعر بها المواطن بدءا من منتصف ونهاية الشهر الجاري، مع تسديد فواتير الخدمات بالأسعار الجديدة.

 

اقرأ أيضا: تعرف على زيادات أسعار الوقود في عهد السيسي (إنفوغراف)

وكانت الحكومة المصرية أعلنت منذ مطلع تموز / يوليو الجاري سلسلة من الزيادات التي طالت قطاعات الكهرباء، والوقود والمواصلات، في إطار خطتها لإلغاء الدعم بالموازنة المصرية بحلول 2020، وفقا لخطة صندوق النقد الدولي التي على أساسها منح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار.


ورفعت الحكومة بداية الشهر أسعار الكهرباء بنسبة تتراوح من 20 : 34 بالمئة حسب تقسيمات شرائح الاستخدام، ثم رفعت صباح الجمعة 5 تموز/ يوليو الجاري، أسعار المحروقات بمختلف أنواعها بنسبة تصل إلى 27 بالمئة عن أسعارها الحالية، كما رفعت أسعار الغاز الطبيعي للاستخدام المنزلي والتجاري بنسبة تتراوح من 15 : 35 بالمئة.


وحسب تقارير إعلامية مصرية، فإنه بعد ارتفاع أسعار المحروقات، رفعت الإدارات المحلية تسعيرة خطوط النقل الجماعي داخل المحافظات وفيما بينها، بنسبة 30 :40 بالمئة، كما رفعت تسعيرة عدادات التاكسي بنسبة 25 بالمئة، ورفعت شركة "كريم" تسريعة بداية الرحلة بنسبة 25 بالمئة.


ماذا نفعل؟


من جانبه يؤكد المهندس محمد عباس، الذي ألتقت به "عربي21" بإحدى محطات بيع الوقود، أنه مثل غيره من المواطنين، كانوا ينتظرون رفع الأسعار، مشيرا إلى أنه سوف يتحمل زيادة على كمية البنزين التي كان يستخدمها في الأسبوع بقيمة 200 جنيه (12 دولارا)، رغم أن دخله الشهري لم يشهد أي زيادة.


وعن غياب ردود الأفعال الغاضبة، يوضح عباس أن الشعب مقهور ومغلوب على أمره، وأصبح محاصرا من كل الجهات، سواء الإعلام الذي لم يعد له عمل إلا تبرير أفعال الحكومة، وتشويه خصومها، بالإضافة للخوف الذي يسيطر على الجميع، نتيجة الاعتقالات والقضايا المفبركة، التي أصابت كل بيت بمصر.

 

اقرأ ايضا: هكذا برر الإعلام المصري زيادة أسعار الوقود.. وردود ساخرة

جمهورية الخوف


وفي تعليقه على غياب ردود الفعل الشعبية طالب عضو لجنة الصناعة والقوى العاملة بمجلس الشورى المصري سابقا، طارق مرسي من خلال "عربي21"، عدم تحميل الشعب المصري أكثر ما يحتمل، مشيرا إلى أن السيسي يظن أنه نجح في دفع المصريين لرفع شعار "امش جنب الحيط"، بسياساته الأمنية القمعية، ولكنه لا يعرف أن زيادة الظلم والقهر سوف تولد الانفجار.


ويضيف مرسي: "النظام الدموي الذي يقوده السيسي، استخدم كل الوسائل لقتل روح المقاومة لدى المصريين، حيث حجم الحركة العمالية، وفرض قبضته الأمنية على كل المؤسسات، ولم يعد يفرق بين ما كان يؤديه ومن يخالفه، طالما أصبح له وجهة نظر مغايرة لما يقوم به، واستخدم القضاء في التنكيل بخصومه، وحول مصر في النهاية لسجن كبير".


وحسب مرسي فإن سيطرة السيسي على الإعلام، لم تكن من أجل محاربة معارضيه فقط، وإنما لتوجيه المصريين في الطريق الذي يريده، وهو ما وضح في الحملات الإعلامية التي يشنها منذ أكثر من شهر لإلغاء الدعم، بحجة أنه لا يصل لمستحقيه، وهي الحملات التي من شأنها زيادة حدة الاحتقان بين أفراد الشعب، وتوسيع الفجوة الطبقية بين المواطنين.

 

اقرأ أيضا: نشطاء: زيادات أسعار الوقود جريمة بحق الشعب المصري

لحظة الانفجار


ووفق رأي الباحث في العلوم الاجتماعية والنفسية أشرف القناوي، فإن السيسي زرع ثقافة الخوف لدى المصريين، باستخدام القوة الغاشمة في مواجهة معارضيه، كما استغل دعم الجيش وأجهزة الأمن المختلفة له، في إظهار أن الدولة جميعها تعمل لصالحه، وهو ما أثر بالسلب على فكرة المقاومة لدي عموم المصريين.


ويضيف القيناوي لـ "عربي21"، أن استمرار الضغط على الشعب، يحقق أهداف النظام على المستوى القريب، ولكنه في الوقت نفسه يزيد من حالة الكبت والضغط النفسي على المستوى البعيد، ويؤدي لتآكل شعبية النظام الحاكم، وستكون النتيجة النهائية هي الانفجار في وجه الجميع.


وعن لحظة هذا الانفجار، يشير الباحث الاجتماعي، أنه من الصعب تحديدها، ولكن في نفس الوقت فإن الأحداث المحيطة بمصر في الجزائر والسودان، ونجاح الحركات الشعبية في فرض كلمتها رغم التعامل الشرس معها، يزيد من فرص تجاوز المصريين لعقدة الخوف التي زرعها النظام طوال السنوات الماضية.

التعليقات (0)