ملفات وتقارير

كيف حافظت مصر على مركزها قبل الأخير بجودة التعليم عالميا؟

حسب مؤشر "دافوس" فقد واصلت مصر حفاظها على مركزها بمؤخرة الدول العربية- موقع جامعة القاهرة
حسب مؤشر "دافوس" فقد واصلت مصر حفاظها على مركزها بمؤخرة الدول العربية- موقع جامعة القاهرة

كشف مؤشر "دافوس" العالمي لجودة التعليم، احتلال مصر المركز قبل الأخير عالميا، والأخير عربيا بين الدول التي شملها المؤشر التابع لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي، حيث وقعت مصر بالمركز الـ139، من بين 140 دولة، شملها التصنيف الدولي.


وبحسب التصنيف فقد واصلت مصر حفاظها على مركزها بمؤخرة الدول العربية، حيث استمرت بالمركز الـ13 عربيا، متأخرة عن قطر والإمارات ولبنان والبحرين والأردن والسعودية وتونس والكويت والمغرب وسلطنة عمان والجزائر، وموريتانيا التي سبقت مصر في المركز الـ12 عربيا، والـ134 عالميا، في حين خرجت 6 دول عربية من التصنيف، وهي سوريا والعراق وليبيا والسودان والصومال واليمن.


ووفق التقييمات السابقة للمؤشر عن أعوام 2016 و2017 و2018، فإن مصر لم تتحرك عن المركز الـ139 عالميا، وهو ما يجعلها تواصل تواجدها بمؤخرة التصنيف العالمي للعام الرابع على التوالي، بينما سبقتها دول عربية تعاني من مشاكل سياسية واقتصادية طاحنة مثل لبنان التي احتلت المركز الـ25 عالميا والثالث عربيا، والأردن التي احتلت المركز الـ45 عالميا والخامس عربيا.

 

اقرأ أيضا: وزير أردني يعترف بخلل بعد إلغاء الكويت وقطر اعتماد جامعات


ويعتمد المؤشر في تصنيفه على وضع التعليم العالي والتدريب بالدولة محل الدراسة، من حيث كمّ التعليم المرتبط بمعدلات الالتحاق بالتعليم العالي والثانوي، وجودة التعليم المرتبط بجودة نظام التعليم، وتحديدا في الرياضيات والعلوم، وجودة إدارة المدارس والمؤسسات التعليمية وإتاحة الإنترنت بها.


ويري الخبراء الذين تحدثوا لـ"عربي21" أن ترتيب مصر طبيعي، في ظل فشل النظام التعليمي، والإجراءات التي نفذتها الحكومة تحت شعارات إصلاح التعليم، ولكن التطبيق العملي لها كشف عن كوارث عديدة تمثلت في المحتوى والمناهج والتطبيق والفساد الإداري والمالي، كما جرى في تجربة التابلت التي يعول عليها النظام المصري للارتقاء بمنظومة التعليم.


تدمير ممنهج


وفي تعليقه على مركز مصر المتأخر للعام الرابع على التوالي، يؤكد خبير تطوير المناهج والبرامج التدريبية معوض صالحي لـ"عربي21"، أن المؤشرات العالمية تنظر لجودة التعليم وفقا للمناخ العلمي والأبحاث والموازنة الرسمية التي توفرها الحكومات للارتقاء بجودة التعليم، وهي أمور غائبة بشكل كبير عن مصر.


ويشير صالحي إلى أن نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، يعتبر التعليم مدخلا مهما لتجفيف منابع معارضيه، ولذلك فرض قبضته على الجامعات والمدارس، وجعلها بيد الأجهزة الأمنية تفعل فيها ما تشاء، بدءا من اختيار نظم التعليم، ومرورا باختيار أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، والمدرسين بالمدارس، وانتهاء بالاستيلاء على المدارس المتميزة ومصادرتها نكاية في جماعة الإخوان المسلمين.

 

اقرأ أيضا: كيف استغل السيسي المؤسسات الدينية بترسيخ الانقلاب العسكري؟


ويضيف صالحي أن "التعليم في كل دولة يعد انعكاسا للمناخ العام الذي تعيشه هذه الدولة، فإذا كان نظام الدولة يرغب في تنمية حقيقية فإنه يعتمد على التعليم والصحة، وهو ما لا تفعله الأنظمة المصرية باستثناء الفترة التي أعقبت ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، حيث اعتبر الجميع أن تطوير التعليم سيكون قاطرة للتنمية والنهضة الاقتصادية والمجتمعية".


واستبعد صالحي أن تكون المشكلة بالمناهج أو أعضاء هيئات التدريس بمختلف المراحل، موضحا أن نظام السيسي رغم اهتمامه بالمدن الجديدة التي أطلق عليها مدن الجيل الرابع، واهتمامه بالأرقام القياسية، لم يقم حتى الآن ببناء جامعة جديدة تكون الأكبر بالوطن العربي أو أفريقيا، كما أن موازنة التعليم والبحث العلمي تشهد تراجعا بمختلف المراحل، وهو ما صرح به وزير التعليم عندما حذر من عجز موازنته.


تعليم "البروبغندا"


من جانبه، يؤكد البرلماني المصري السابق محمد جمال حشمت لـ"عربي21" أن النهوض بالتعليم هو رغبة سياسية للنظم الحاكمة، التي لا تخشى على مكانتها من انتشار التعليم، وارتفاع مستواه، لأنه في النهاية يعود بالنفع على التنمية الحقيقية وليس التنمية المزيفة أو التي تقوم على الدعاية والبروبغندا.


ووفق حشمت، الذي كان عضوا بلجنة التعليم بمجلس الشعب المصري عام 2000، فإن سيطرة الأمن على الجامعات، خلف الكثير من الكوارث والأزمات، من أبرزها تولي غير الكفاءات المناصب الجامعية، سواء رئاسة الأقسام أو لجان الترقي واللجان العلمية وانتهاء بالمناصب الجامعية العليا، وهو ما كان من نتائجه الاهتمام برضا الجهاز الأمني الذي أوصل هذا المسؤول لمنصبه، وبالتالي الولاء الكامل للنظام الحاكم أيا كانت أخطاؤه وجرائمه.

 

اقرأ أيضا: خبراء: السيسي يسحق الفقراء بـ"عقيدة الصدمة".. وهذه دلالاتها


ويضيف حشمت قائلا: "ظل تطوير التعليم بمصر مرهونا في عهد مبارك بالرغبة الأمريكية والصهيونية، من خلال مركز تطوير التعليم، الذي كان يخضع لإشراف مباشر من هيئة المعونة الأمريكية، ولم يكن هدفه تطوير التعليم المصري، وإنما تخريبه وتدميره على صعيد المناهج، وقتل العقول البارزة، ما نتج عنه في النهاية، الحالة السيئة التي أصبح عليها التعليم".


ويري حشمت الذي كان يعمل أستاذا بمعهد البحوث بجامعة الإسكندرية، أن ملف التعليم يعد خطرا أحمر لدي الأنظمة الديكتاتورية، لأنه ملف يتلامس مع فئات الشباب وطلاب الجامعات، التي لديها طاقة كبيرة في البحث عن الإبداع، وهي الطاقة التي تحتاج بحرية، وبالتالي فإن الأنظمة العسكرية بدءا من جمال عبد الناصر وانتهاء بالسيسي، تتعامل مع التعليم على أنه أحد المخاطر التي تهددها.

التعليقات (0)