ملفات وتقارير

هل ستنجح حملات مقاطعة البضائع الإسرائيلية بالضفة المحتلة؟

تشكل اتفاقية باريس التي وقعتها السلطة والمنظمة العقبة الكبرى أمام نجاح حملات المقاطعة- جيتي
تشكل اتفاقية باريس التي وقعتها السلطة والمنظمة العقبة الكبرى أمام نجاح حملات المقاطعة- جيتي

انطلقت في مدينة رام الله حملة شعبية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، بدعوة من لجان القوى الوطنية والإسلامية واتحاد اللجان الشعبية، وسط دعوات لسحب البضائع الإسرائيلية من المحال التجارية في المدينة، ومطالبة التجار بوقف إدخال بضائع جديدة.


وتأتي هذه الحملة في ظل محاولات السلطة للانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل، وهو ما يضفي صبغة رسمية لهذه الحملة، دون أن تظهر السلطة دعمها المباشر لهذه الحملة، ولكن تبقى الشكوك قائمة

في مدى نجاح الفلسطينيين بتحقيق أهداف حملات المقاطعة.

 

بالتزامن مع ذلك، شهدت مدينة القدس المحتلة في الأول من الشهر الماضي حراكا مماثلا، حينما قررت إسرائيل بشكل مفاجئ حظر إدخال منتجات الألبان واللحوم الفلسطينية لأسواق المدينة، دون تقديم مبررات لذلك المنع، وهددت السلطة بالرد بالمثل على الخطوة الإسرائيلية، ولكن حتى هذا التاريخ لم يصدر قرار بذلك.

 

ويلجأ الفلسطينيون لسلاح المقاطعة كتعبير احتجاجي عن رفضهم للسياسيات الإسرائيلية، وقد شهدت السنوات الماضية حوادث مماثلة كان أخرها في العام 2016 حينما انطلقت حملة مقاطعة واسعة للبضائع الإسرائيلية في مدينة القدس.

 

دعم توجهات السلطة

 

من جهته أكد رئيس جمعية حماية المستهلك، عزمي شيوخي، أن هذه الحملة "تأتي ضمن توجهات السلطة الفلسطينية الرامية للانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل، والبحث عن بديل محلي وعربي للمنتجات والخدمات الإسرائيلية"، مشيرا إلى أن "إسرائيل تنظر للسوق الفلسطيني كقناة لتصريف منتجاتها وبيعها بالأسعار نفسها التي تباع في السوق الإسرائيلي، دون مراعاة لفروقات الدخل بين الطرفين، وهو ما يجعل خيار المقاطعة مكسبا فلسطينيتا وخسارة إسرائيلية".

 

وأضاف شيوخي لـ"عربي21" تم تعزيز هذه المبادرة بحملة توعية في مدينة رام الله للمواطنين والتجار على حد سواء، للتحذير من مخاطر استمرار سياسة تدفق البضائع الإسرائيلية للسوق الفلسطيني دون ضوابط، خصوصا مع وجود بدائل لمنتجات تنتجها مصانع فلسطينية، وهي لا تقل جودة عن نظيرتها الإسرائيلية، مع إكسابها ميزة تنافسية بانخفاض أسعارها مقارنة بالسلع الإسرائيلية.

 

وتجدر الإشارة بهذا الصدد إلى أن اتفاق باريس الاقتصادي الموقع بين السلطة الفلسطينية والاحتلال ضمن اتفاقية أوسلو في العام 1994، صعّب من خيارات الفلسطينيين بالانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي، حين ألزم الاحتلال الطرف الفلسطيني بأن تكون لمنتجاته الأولوية في السوق الفلسطيني، مع وضع قيود على السلع التي ترغب السلطة باستيرادها من خارج فلسطين.

 

اقرأ أيضا : ما فرص تنفيذ بنود ورشة البحرين بعد مقاطعة الفلسطينيين لها؟

 

وتقدر قيمة الواردات الفلسطينية بـ6 مليارات دولار سنويا، تستحوذ إسرائيل على 80 بالمئة منها، في حين يقدر حجم الصادرات الفلسطينية بمليار دولار، تقدر حصة الطرف الإسرائيلي بـ70 بالمئة.


من جانبه أشار الناطق باسم وزارة الاقتصاد الفلسطينية عزمي عبد الرحمن، أن "انطلاق مثل هذه الحملات تؤسس لمرحلة جديدة في تحديد طبيعة العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وإزالة كل القيود التي فرضتها الاتفاقيات السابقة التي لم تعد قائمة، بحكم عدم التزام الطرف الآخر بما ورد فيها".

 

وأكد عبد الرحمن لـ"عربي21" أن "السلطة تتجه لفتح آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري مع الدول العربية، لتكون بديلا عن الطرف الإسرائيلي في مجالات الصحة والطاقة والخدمات السياحية، كما تعمل الوزارة على تعزيز دور المنتج المحلي في هذا التوجه، ليحتل مكانة أساسية من خلال دعم القطاع الخاص، وتخفيض الضرائب وإزالة كل القيود التي تقف في طريق نجاحهم".

 

مؤشرات النجاح

 

من مؤشرات نجاح حملات المقاطعة ما شهده العام 2014، بتراجع الطلب على البضائع الإسرائيلية في أسواق الضفة الغربية بنسبة 50 بالمئة إبان الحرب على غزة، وتكبد إسرائيل لخسائر ناهزت 60 مليون دولار جراء هذه المقاطعة.

 

ويؤكد أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأمريكية، نصر عبد الكريم، أن "سلاح المقاطعة يجب أن ينطلق من وازع سياسي ووطني وأخلاقي، مع تعزيز ذلك عبر تعميمه ليصبح نهجا حياتيا، خصوصا إذا ما نظرنا إلى التبعات الاقتصادية والتجارية التي تتسبب بها حملات المقاطعة في رفع كفاءة السوق الفلسطيني".

 

ونوه عبد الكريم لـ"عربي21" إلى أنه "يجب التدرج في المقاطعة لتجنب حدوث فراغ مفاجئ في الأسواق، قد يضر الاقتصاد الفلسطيني بنسبة أكبر من نظيره الإسرائيلي، لأن النسبة الكبرى من المواد الداخلة في الصناعات الفلسطينية تأتي عبر إسرائيل".

 

وكشف الخبير الاقتصادي أن "الفلسطينيين يستطيعون توفير بدائل بقيمة 600 مليون دولار من المنتجات الفلسطينية، ضمن سياسة إحلال الواردات، ولكن يبقى تأثير هذا الرقم محدودا بالنسبة لإسرائيل التي تقدر صادراتها السنوية بـ160 مليار دولار، ولكن آثاره على الاقتصاد الفلسطيني ستكون كبيرة في توفير ما يزيد عن 100 ألف فرصة عمل وتخفيض ميزان العجز التجاري".

التعليقات (0)