اقتصاد دولي

ما تفسير "الانهيار" المفاجئ لليرة التركية.. هل يعود للتذبذب؟

 التدفق على الأسواق الآمنة وابتعاد اليابانيين عن الأصول الخطرة أدى إلى انهيار لحظي لليرة التركية بالتعاملات الآسيوية- جيتي
التدفق على الأسواق الآمنة وابتعاد اليابانيين عن الأصول الخطرة أدى إلى انهيار لحظي لليرة التركية بالتعاملات الآسيوية- جيتي

تابع المهتمون بالشأن الاقتصادي التركي بقلق بالغ التطورات الأخيرة على سعر صرف الليرة التركية، وسط مخاوف في الأوساط المالية والاستثمارية من عودة العملة مجددا إلى حالة التذبذب التي شهدتها خلال فترات سابقة، وما صاحبها من انعكاسات اقتصادية سلبية.


وتعرضت الليرة التركية خلال جلسة التعاملات الآسيوية فجر الإثنين الماضي إلى هبوط مفاجئ دفعها إلى مستوى 6.47 ليرة لكل دولار في "انهيار لحظي" دام لفترة وجيزة، بحسب رويتز، قبل أن تصعد إلى مستويات تراوحت بين 5.80 و 5.85 ليرة للدولار خلال تعاملات الإثنين والثلاثاء، ثم 5.78 خلال تعاملات الأربعاء، لتعاود الهبوط مجددا في بداية تعاملات اليوم الخميس عند مستوى 5.83 ليرة للدولار الواحد.

 

وقالت رويترز، إن التدفق على الأسواق الآمنة وابتعاد المستثمرين اليابانيين عن الأصول الخطرة، خلال جلسة الإثنين الماضي في التعاملات الآسيوية تسبب في هذا "الانهيار اللحظي"، إلى جانب تفاقم "أزمة الرسوم الجمركية"بين أمريكا والصين الأسبوع الماضي.

 

وأشارت الوكالة إلى أن أداء الليرة أمام الين الياباني، خلال "لحظات الانهيار" شهد خسائر بنحو 12 بالمائة مع قيام المستثمرين في اليابان بتسييل مراكزهم المالية، 

 

وفي آب/أغسطس 2018، عانى سوق الصرف في تركيا أزمة حادة في وفرة النقد الأجنبي، أثرت سلبا على قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، ودفعتها إلى مستويات متذبذبة مائلة إلى الاتجاه الهبوطي، وسجل سعر صرفها في 1 آب/ أغسطس 2018 7.24 ليرة للدولار مقابل 4.80 ليرة للدولار قبل الأزمة.

 

اقرأ أيضا: ما دلالات عزل محافظ بنك تركيا المركزي.. وتأثيره على الليرة؟

"هبوط إيجابي"


وفي تفسيره للتطورات الأخيرة التي شهدها سعر صرف الليرة التركية، قال رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، عبد المطلب أربا، إن الحكومة التركية ترغب في بقاء سعر صرف العملة المحلية بين مستويات  5.5 و 6 ليرات للدولار الواحد، بهدف دعم صادراتها وتخفيض نسبة العجز في التجارة الخارجية.


وأوضح في حديث خاص لـ"عربي21"، أن سعر صرف الليرة التركية يتأثر صعودا وهبوطا بالعلاقات السياسية الدولية، وكذلك التطورات المحلية سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي.


وأضاف: "ما حدث من هبوط مفاجئ لسعر صرف الليرة التركية ووصولها إلى 6.29 في التعاملات الآسيوية قبل أن تعود بدها بدقائق لمستويات 5.78 ربما كان مرتبطا بالتوتر بين الصين واليابان في بحر الصين الشرقي، والمخاوف اليابانية من التقارب الصيني الروسي، إلى جانب تصاعد وتيرة الحرب التجارية بين واشنطن وبكين".


وتوقع أربا، أن يستقر الدولار عند مستويات تتراوح بين 5.5  و6 ليرات للدولار الواحد، مدفوعة بالسياسة النقدية الجديدة للبنك المركزي التركي، وتشجيع الرئيس أردوغان على زيادة الإنتاج لدعم الصادرات والحد من الواردات، وتدشين المزيد من المشاريع الحكومية.


ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن الحكومة التركية بدأت إعادة ترتيب بيتها الاقتصادي الداخلي، لدعم الاستقرار الاقتصادي، مؤكدا أنه لا يوجد شيء لافت في مؤشرات الاقتصاد التركي تسبب في هذا الهبوط المفاجئ لليرة التركية أمام الدولار خلال التعاملات الآسيوية.

 

اقرأ أيضا: هذه أبرز التحديات التي تواجه اقتصاد تركيا بعد فشل الانقلاب

"المكون الأجنبي"


ويرى الخبير التركي في الاستثمار الدولي عبد الله أداك، على أن مخاوف عودة ضبابية المشهد السياسي في تركيا بعد هزيمة حزب العدالة والتنمية الحاكم في انتخابات بلدية إسطنبول، لا تزال تشكل هاجسا يعوق الكثير من القرارات الاستثمارية لعدد كبير من الشركات ورجال المال والأعمال.


وقال أداك، في حديث خاص لـ"عربي21"، إن خسارة حزب العدالة والتنمية رئاسة العديد من البلديات الكبرى كإسطنبول وأنقرة وأزمير، كانت بمثابة إشارة شكلت انطباعا لدى المهتمين بالمشهد السياسي التركي على الصعيدين المحلي والدولي باحتمالات تكرار تلك الهزيمة في أي انتخابات مقبلة وانعكاسه على حالة الاستقرار السياسي ومن ثم الاستقرار الاقتصادي لتركيا خلال الفترة المقبلة.


وأوضح الخبير في الاستثمار الدولي، أن حساسية المشهد السياسي الداخلي والخارجي يؤثر بشكل كبير على سعر صرف الليرة التركية، إلى جانب العوامل الاقتصادية الأخرى.


وأضاف: "الاقتصاد التركي يعتمد بشكل كبير على رأس المال الأجنبي، ودائما رأس المال الأجنبي يبحث عن الاستقرار السياسي، ولذلك فإن عدم الاستقرار السياسي يؤثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي وفي مقدمته سعر صرف العملة المحلية".


وأردف: "غالبية الاستثمار الأجنبي في تركيا من الدول الغربية (أوروبا وأمريكا)، ولذلك فإن علاقة تركيا الخارجية وخاصة مع روسيا يؤثر بشكل مباشر على هذه الاستثمارات، ولذلك تكون العلاقات التركية مع دول الغرب بالميزان".


وعن استفادة الصادرات التركية من تراجع قيمة العملة المحلية، أشار أداك، إلى أن "تركيا تستورد نحو  70 بالمئة من المواد الخام التي تدخل في عمليات التصنيع والإنتاج المحلي، وهو ما ينعكس بالسلب على القيمة الحقيقة للصادرات، ويضغط بشكل دائم عل الميزان التجاري التركي، إلى جانب تأثيره المباشر على سعر صرف الليرة".

 

اقرأ أيضا: أردوغان بعد تراجع الليرة: لن نخسر الحرب الاقتصادية

 

"انخفاض العجز"

 

وأعلن معهد الإحصاء التركي، اليوم الخميس، انخفاض العجزي التجاري في البلاد 46.9 بالمئة على أساس سنوي.

وقال المعهد، وفقا لوكالة الأناضول التركية، إن العجز التجاري انخفض في تموز/ يوليو 2018، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق إلى 3.192 مليار دولار، بنسبة تراجع بلغت 46.9 بالمئة.

وأظهرت بيانات المعهد ارتفاع الصادرات التركية في يوليو الفائت، بنسبة 7.9 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2018، محققة 15 مليار و160 مليون دولار.

كما تراجعت الواردات التركية خلال الفترة المذكورة بنسبة 8.5 في المئة، مسجلة 18 مليار و351 مليون دولار.

وارتفعت نسبة الصادرات إلى الواردات، في الفترة المذكورة 82.6 في المئة، في حين بلغت العام الماضي 70 في المائة.

وذكرت البيانات أن الصادرات التركية خلال الفترة مابين يناير-يوليو من العام الحالي ارتفعت بنسبة 2.7 بالمائة، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، محققة 98 مليارا و852 مليون دولار.

في حين تراجعت الواردات خلال نفس الفترة 18.3 في المائة حيث بلغت 116 مليارا و918 مليون دولار.

وأشارت إلى أن عجز التجارة الخارجية في الفترة المذكورة تراجع بنسبة 61.4 في المائة وبلغ 18 مليارا و67 مليون دولار.

 

التعليقات (0)