قضايا وآراء

إعلام التحرر: نظرية 70% - 30%

إبراهيم الديب
1300x600
1300x600
حكمة التناول الناعم/ الإعلامي مع الخصم الأكثر قوة.. نظرية خاصة بكيفية التعامل مع الحروب الناعمة في ظل عدم التكافؤ، وطغيان وتوغل الخصم المستبد.

وهي تجيب على سؤال كيفية استنفار الهمم العلمية والنفسية والمادية، وتشغيل ممكنات الفعل الكامنة لمواجهته الخصم، والانتصار عليه، والتناول المتوازي لفضح وتفكيك النظم المستبدة، والمساهمة في صناعة وتقديم أدوات الحلم البديل بنسب فنية دقيقة تضمن تحقيق أهداف التحرر من الاستبداد، بتوزيع الاهتمام والعمل الجهد والوقت بنسب 30 في المئة في المسار الأول (المسح، الفضح، التفكيك)، و70 في المئة في مسار التحفيز والحشد والبناء.

مفهوم النظرية: العمل الفكري والإعلامي الناعم الموازي على مسارين:

المسار الأول 30 في المئة: مواجهة وتفكيك وتقويض ادعاءات وأكاذيب الخصم، وتحويلها إلى فرصة للاستثمار فيها لكشف ضعف وفساد وخيانة الخصم المستبد أمام الرأي العام، وداخل ذاته، وصولا إلى ثلاث أهداف:

1- التهوين منه ومن قوته، وتحفيز الساعين للتحرر إلى مواجهته والهجوم عليه.

2- تجريمه وحصاره مجتمعيا.

3- الاختراق والهزيمة النفسية للخصم.

مع ملاحظة تجنب المحاذير التالية:

1- التهويل من قوة وقيمة الخصم المستبد، بما قد يحقق الأثر السلبي في تخويف الثوار.

2- المبالغة في استعراض مظاهر البطش والقهر، بما قد يصيب الجمهور باليأس والإحباط.

3- الإفراط في السخرية والتهوين من الخصم، وتخدير وتنويم الجمهور عن المواجهة والفعل.

المسار الثاني 70 في المئة: تقديم القيم والافكار والمفاهيم الصحيحة، والحلول العملية للتعامل مع الأزمة، والقادرة على التحفيز والحشد وصناعة الحل، وتوجيه الجماهير إلى تحقيقه.

فلسفة النظرية: لماذا 30 في المئة- 70 في المئة؟

بمراجعة أسباب الإخفاق في الجولة الأولى من الثورة، تم الوقوف على أهم أسباب الإخفاق:

1- غياب الوعي المجتمعي بالكثير من المكونات المؤثرة في صناعة المشهد الثوري والسياسي (الذات- الممكنات- قوانين العالم الحاكمة للفعل الإقليمي والدولي- خريطة الأعداد والأصدقاء- رؤية وأهداف واستراتيجية وسياسات وإمكانات إكمال ونجاح الثورة- هوية ونموذج الدولة القادمة- القيادات البديلة- تفكيك الدولة العميقة.. إلخ).

2- سيطرة العواطف والعشوائية على حساب العقلانية والعلمية.

3- الرغبة والإرادة القوية، والنواية الحسنة غير المكتملة بجودة أسباب الإعداد.

3- الاستعداد الكبير للتضحية من أجل تحقيق حلم التحرر والتنمية والنهوض.

4- استخدام المستبد الخصم لمسار القوة الناعمة والعواطف والخداع الإعلامي في خداع الجماهير، واستدراجها للمشاركة الساذجة في تدمير ثورتها ومستقبلها.

5- الانكشاف الذاتي لكثير من الحقائق خلال الفترة من الانقلاب وحتى الآن (2019)، وجلاء الجزء الأكبر من فصول خدعة الجماهير، وبيان واضح لدور الأجهزة والأفراد، وإعادة رسم خريطة العداء بوضوح.

6- انتقال الخصم المستبد إلى مرحلة المواجهة الصلبة مع الجماهير، واستخدام سياسات القهر بالقوة وإرهاب الشعب، وإعادة تمكين ثقافة الأسياد ملاك الدولة، والشعب الرعايا والعبيد، مع تعزيزها بالمسار الإعلامي كمسار مساعد.

7- استطلاعات الرأي أكدت انخفاض شعبية النظام الانقلابي بشكل كبير، مع بقاء نسبة تقترب من 50 في المئة من المجتمع ما زالت مخدوعة في الانقلاب وتراهن عليه بسبب الانتفاع منه، وعدم الرغبة في المغامرة مرة أخرى، والاقتناع النسبي برواية ومبررات النظام.

8- النظام يراهن على تكريس الأمر الواقع بالقوة، وفرض حالة من اليأس والإحباط والاستسلام لدى الجماهير.

كل هذه المعطيات تؤكد إعادة ضبط وتوجيه الاستراتجية الإعلامية في مواجهة النظام الاستبدادي، وصياغة الأهداف على هذا النحو:

1- بيان وإعلاء الحلم ورسم صورة المستقبل والتعلق بها والصمود عليها، وبيان إمكانية وكيفية تحقيقه وبعث الأمل، والتحفيز نحو الوحدة والاحتشاد لاستكمال الثورة.

2- تعزيز الوعي المجتمعي الشامل.

3- تمكين الثوار بأفكار ومشاريع وبرامج ووسائل وأدوات التحرر.

4- كشف وفضح النظام، وتفكيك الكتلة الداعمة له والصامتة عليه.

في هذا السياق ثلاثة أهداف خاصة بالبناء والبديل، وهدف خاص بكشف وتفكيك الخصم تم توزيع نسب الاهتمام والجهد والعمل والوقت إلى 70 في المئة للبناء والمستقبل، و30 في المئة لتفكيك الخصم.
التعليقات (0)