ملفات وتقارير

هل عجزت السلطات المصرية عن طمس روح ميدان التحرير؟

منذ عودة الجيش إلى السلطة في صيف سنة 2013، تتم مراقبة المقاهي القليلة في وسط العاصمة والمناطق المحيطة بها- جيتي
منذ عودة الجيش إلى السلطة في صيف سنة 2013، تتم مراقبة المقاهي القليلة في وسط العاصمة والمناطق المحيطة بها- جيتي
نشر موقع "ميديابارت" الفرنسي تقريرا سلّط فيه الضوء على الرقابة الأمنية المشددة المفروضة على المساحات العامة وسط القاهرة، وهو المكان الذي يعد المركز الرمزي لثورة 2011. لكن ما زالت روح "التحرير" متجذرة في شباب يطالع بشكل متزايد ويحوّل الشقق إلى مقاهي وأماكن للنقاش.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ عودة الجيش إلى السلطة في صيف سنة 2013، تتم مراقبة المقاهي القليلة في وسط العاصمة والمناطق المحيطة بها، التي ما زالت مفتوحة، عن كثب. فإلى عمليات المراقبة المفاجئة في هذه المقاهي، تُضاف إلزامية تثبيت أصحابها لكاميرات المراقبة. وتفيد لورا مونفلور، وهي طالبة الدكتوراه في الجغرافيا بجامعة تور تدرس التحولات الحضرية والاجتماعية في وسط القاهرة، بأنه "يتعين عليهم أيضًا تقديم تقرير للشرطة كل أسبوع وكتابة 'كل الأمور غير الطبيعية أو أشخاص الذين يُعتبرون سيئين' وفقا لتقديرهم".

ومن جهته، قال محمد البالغ من العمر 23 سنة، والذي افتتح مع صديقه "معرض هيفا" في الطابق الرابع من مبنى قديم يطل على ميدان التحرير إنه "في كل وقت، يمكن للشرطة الدخول ومصادرة الكراسي. وبما أنه ليس بإمكان الأشخاص المكوث بحرية في المقاهي المطلة على الشارع، ظهرت العديد من المقاهي داخل الشقق". فإلى جانب رجال الأعمال الشباب الذين يتميزون بتقارع الأفكار، يوجد عشاق يبتسمون وهم يشاهدون أشرطة الفيديو على هواتفهم المحمولة. كما تغطي جدران الغرف الأربعة لوحات جدارية ملونة وصور لفنانين بارزين سابقين مع صوت الموسيقى.

ونقل الموقع عن سامح العطار، وهو أحد مؤسسي معرض هيفا والبالغ من العمر 24 سنة حيث ينظم أيضًا عروضًا سينمائية وورش عمل فنية قوله إن "معظم عملائنا من أصحاب الأعمال الحرة وشباب الطبقة الوسطى الذين يتناقشون حول العمل والحب والصداقة دون التطرق إلى السياسة أبدًا. لا يعدّ ذلك ممنوعًا، لكننا توقفنا عن الحديث عن هذا المجال. وفي الوقت الراهن، يسعى جميعنا لتطوير شخصياتهم والعمل من أجل التمكن من العيش. في المقابل، انتهت السياسة بالنسبة لنا".

وفي الوقت الذي لم تعد فيه الثورة سوى مجرد ذكرى، أضحى أفق هذا الجيل يتميز ببطالة جماعية عالية، تمس 34 بالمئة من الخريجين وفقًا لمنتدى البحوث الاقتصادية في بلد لا يتجاوز 60 بالمئة من سكانه 30 سنة. وفي مواجهة نقص فرص الأجور في سوق عمل غير قادر على إدماج مليون مشترك جديد سنويا، بدأ المزيد من الشباب في تنفيذ مشاريعهم الخاصة. وطوال سنة، كان سامح شاهدا على فتح عشرات المقاهي الداخلية التي تقلد فكرته. ولم تصمد بعض هذه المشاريع سوى بضعة أشهر، بينما تحول بعضها الآخر إلى مساحات عمل مشتركة.

وتطرق الموقع إلى أنه خلال ليلة واحدة أسبوعيا، يتم دعوة كوميديين شبان لاختبار نكاتهم أمام الجمهور العريض في "أفري كايرو" لتناول مواضيع تتعلق بالمواد الإباحية والعلاقات الأسرية، مع الإشارة في بعض الأحيان إلى الوضع في البلاد. وتحتوي نكاتهم على أفكار سائدة جنسية، لا تخضع لأي رقابة حكومية. وفي الحقيقة، زار مسؤولون حكوميون هذه الشقة التي تم تحويلها بعد فترة وجيزة من افتتاحها "فقط لمعرفة ما كنا نفعله وللتثبت من أننا حصلنا على التصاريح اللازمة"، وذلك وفقا لما أورده الموسيقي المصري الإريتري أحمد عمر.

وعموما، يمكن تفسير الهدوء النسبي في هذه المقاهي الجديدة بموقعها فضلا عن عملائها، إذ تمتلك الإمكانات اللازمة لتوفير مشروبات أغلى ثمنا بقليل من الأسعار المتوسطة. ووفقًا لما أوردته لورا مونفلور، "تقتصر أماكن الحرية هذه على فئة معينة وتشارك في مخطط استطباق مركز المدينة الذي ترغب الحكومة في تنفيذه. وتعتبر الحكومة المقاهي الشعبية التقليدية مناهضة للحداثة. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر أجهزة المخابرات هؤلاء القادة الشباب أقل تهديدًا لأنهم لم يشاركوا في الثورة".

وأوضح الموقع أنه حين لا يجتمعون في المقهى، يُقبل المزيد من الشباب على القراءة والمطالعة. فعلى الرغم من الارتفاع المطرد في أسعار الكتب عقب انخفاض قيمة العملة المصرية في سنة 2016، إلا أن عدد رواد المكتبات قد زاد. وفي حين أن أكثر الكتب مبيعًا هي تلك التي تخص التنمية الذاتية وروايات رعب غير مؤذية من وجهة نظر الرقابة الرسمية، إلا أن الروايات أو المقالات السياسية تكتسب شعبية متنامية أيضًا.

وفي الوقت الذي لم تتراجع فيه حدة قمع الكتاب والناشرين، لم يسبق وأن كان الإنتاج التحريري غزيرًا على هذا النحو. فقد حُظرت بعض إنتاجات الكتّاب التي تنتقد صراحة النظام، على غرار آخر روايات علاء الأسواني. كما حُكم على ناشر كتاب مثير للجدل حول جاسوس مصري في إسرائيل بالسجن مدة خمس سنوات، في ظل تعرض المكتبات بانتظام لضغوط من أمن الدولة.

وفي الختام، بيّن الموقع أنه على الرغم من ذلك، ارتفع عدد دور النشر بشكل ملحوظ من 605 إلى 1250 في غضون سنة واحدة، وذلك وفقا لما أوضحه سعيد عبده، رئيس اتحاد الناشرين المصريين في موقع الفنار. وبعد أن تجاوزتها شبكة الإنترنت، لم تعد لبيروقراطية الرقابة أي سيطرة على نمو سوق الكتب المسموعة والأخرى الإلكترونية، ذات الأسعار المنخفضة أو المجانية. 

1
التعليقات (1)
ابو حلموس
الثلاثاء، 03-09-2019 06:16 ص
و حتى إن ظنوا انهم طمسوه على الأرض ، كيف لهم ان يمحوه من حساب كل فرد امام ربه حين يلقاه و كيف يمحوه من ضمائر خلقها الله و جعلها و إن غفلت لسنين ستعود لتذره ندما و حسرة و استغاثة من انفسهم حين يلاقون جزاء الظالمين ، إن الله خلق (خلية ) داخل كل مجرم اقترف حتى السكوت على ما دار بهذا الميدان و ما حوله و كل ميادين الثورة ( خلية ) لن تموت أبدا حتى بعد موته و سترافقه إلى يوم بعثه و حسابه لو تعلمون ، خلية الاعتراف بالذنب مهما برروا لأنفسهم و سفسطوا و ظنوا انهم فائزين او انهم على حق ، إن الظالم يظل يخدر هذه الخلية ما استطاع ان يخدرها كى لا تعيده للرشاد و كى يستطيع ان ينعم بما حصد في الدنيا و على مدى عمره .! و مع هذا لا يستطيع ان يزيلها من طعم كل لحظة في عمره بعد ان اقترف ما فعله من ظلم ، إن حيواتهم قد تغير طعمها و هم على علم بهذا و هم الهاربون من ما فعلوا بينما من قتلوا او ظُلِموا فهم في نعيم التوكل و التفويض إلى المنتقم الجبار .!! معادلة خلقها الله في الإنسان لا يستطيع تعديلها و لا التلاعب فيها مهما حاول تخديرها أو اجل ألمها باحتساء كئووس نسيان الكون ... وحده يجلس الظالم إلى نفسه فتبدأ المعاناة و يبدأ الألم الخَفى على وسائد نومهم المؤرَّق للأبد ((((( و سبحان من جعل هذا حصراً بين المخلوق و الخالق وحده فقط)))))