مقالات مختارة

جرائم حرب وأخلاق ترتكب في اليمن باسم التحالف العربي

محمد صالح المسفر
1300x600
1300x600

(1)
قد تصل مقالتي هذه إلى القارئ الكريم وقد انقلبت الأمور في اليمن والخليج العربي إلى حال أسوأ مما نحن فيه اليوم. لكن أربعة أعوام ونيف مضت والحرب مستعرة في جمهورية اليمن الشقيق.


كانت نقطة انطلاقتها عام 2015 تحت اسم " عاصفة الحزم " وهللنا وكبرنا لها وكتبنا وتحدثنا نشيد بها وبقيادتها، الملك سلمان وابنه محمد، واستبشرنا خيرا بانها الشرارة التي ستنطلق من قلب جزيرة العرب " الرياض " عاصمة المملكة العربية السعودية نحو استعادة اليمن من مختطفيه " الحوثيين آنذاك " ثم تحلق في معراج " مجرة " حركة تحرير الوطن العربي من الغاصبين في العراق وسورية وليبيا وفلسطين، لتعيد مجد العروبة الذي فقدناه، وقلنا في حينها سنستعيد إقليم الاحواز الذي اختطف من ارض العرب عام 1925 م في غفلة منا، ومنها الى اوغادين والاسكندرون وسبتة ومليلة وتحرير جزر الإمارات العربية، المحتلة عام 1971م. لقد استبشرنا خيرا " بعاصفة الحزم " لكن سرعان ما ذابت أمانينا كذوبان قالب الثلج على كومة جمر، وتحطمت آمالنا في استعادة ما فقدناه عبر تاريخنا الحديث والمعاصر.


(2)
معروف أن "عاصفة الحزم من " تخطيط وتنظيم وإعداد القيادة السعودية ( الأمير محمد بن سلمان ) لاستعادة الشرعية اليمنية ـــ كما اعلن رسميا ـــ من يد وسلطة الحوثيين الذين استولوا على العاصمة اليمنية صنعاء واعتقال اكبر عدد من قادة اليمن الرسميين بمن في ذلك رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء وآخرون الذين استطاعوا الانفكاك من الاعتقال كل بطريقته، الى جانب قتل وذبح قيادات عسكرية مرموقة. اربع سنوات ونيف فلم تعد الشرعية الى العاصمة صنعاء ولم يُدحر الحوثيون بل تمددوا وهيمنوا على شمال اليمن ويهددون الأمن والاستقرار للدولة السعودية، صواريخهم البالستية وطائراتهم المسيرة وصلت الى اقصى شرق الدولة السعودية" حقول الشيبة، والظهران والرياض وجدة وتهدد المدن والمطارات الجنوبية بشكل يومي، ولم تستطع العسكرية السعودية ولا السلاح الذي بلغت قيمته اكثر من 200 مليار دولار في هذه الاعوام الخمسة التي خلت.


راحت السعودية تفرغ شحنتها السياسية والعسكرية في جنوب اليمن، حيث مقر السلطة الشرعية المؤقت، وحيث لا يوجد " حوثيون " ولا ما يحزنون.


(3)

القيادة السعودية الراهنة تتحمل وزر كل ما يجري في اليمن. والحق ان الدولة السعودية فقدت هيبتها في المجتمع الدولي بما تفعل في اليمن وما يفعل حلفاؤها، وانفض من حولها اكثر القادة احتراما للدولة السعودىة مثل ماليزيا، والمغرب، وتركيا، والباكستان، والصومال، واستعدت عليها برلمانات الدول الغربية بما في ذلك الكونجرس الامريكي، رغم حماية الرئيس الامريكي للنظام السياسي في الرياض.

 

الرئيس الامريكي ترامب اذا جدد له لفترة ثانية اربعة اعوام قادمة فسيمتص ما تبقى في خزائن المملكة السعودية من مال، تحت ذريعة الحماية للنظام، والحقيقة التي قد لا يدركها بعض القيادات السعودية ان السياسة الخارجية الامريكية متغيرة، وتحت الضغوط الداخلية والخارجية قد تغير الادارة الامريكية الراهنة موقفها من السعودية، وتصبح الخاسر الاكبر.

 

(4)

الإدارة السياسية السعودية الراهنة استعدت الى جانب الحكومات المذكورة اعلاه كل طبقات المفكرين على امتداد العالمين العربي والاسلامي وكذلك في الغرب كله، كما استعدت الاسلاميين والقوميين والليبراليين، واليساريين وكبار رجال الأعمال في الداخل واصبحوا لا يضمرون للدولة السعودية خيرا ويشهرون بها في كل محفل، وبذلك يتزعزع الأمن والاستقرار الداخلي.


ان النصيحة التي قدمت للقيادة السعودية من بعض حلفائهم في الخليج هي الاستعانة بقوى امنية من المرتزقة لحماية النظام وافراده، والاندفاع نحو اسرائيل هي نصيحة كارثية ولن تعود بالنفع على النظام وأشخاصه.


في الاسبوع المنصرم قام سلاح الجو الاماراتي عضو التحالف العربي في اليمن بقصف قوات وقواعد الجيش النظامي اليمني وراح ضحية ذلك القصف اكثر من 300 شهيد من الجيش اليمني الى جانب المئات من الجرحى والمصابين وتدمير آلات ومعدات عسكرية ملك للدولة اليمنية تلك الطائرات الحربية الاماراتية التي من المفترض انها اتت ( الاماراتية والسعودية ) لحماية الشعب والجيش اليمني ومساعدته في استعادة شرعيتهم على كامل تراب الدولة اليمنية.

 

ورأينا بالصوت والصورة ما فُعل بأحد ضباط الجيش الوطني اليمني الذي سقط جريحا كيف عومل من قبل مليشيات مرتزقة مدعومة ومسلحة وممولة من قادة دول التحالف.


ذلك المنظر الشنيع لم يكن من اخلاق الجيوش المحترفة وانما هو اسلوب العصابات واللصوص الحاقدين.


في ذلك المنظر الشنيع اللااخلاقي الذي وقع على ضابط يحمل رتبة عسكرية وقع جريح حرب، كل الاعراف وتقاليد الجيوش المحترمة تقدم له كامل المساعدات الطبية والانسانية وتأخذه اسير حرب معززا مكرما وليس كما فعل به السفهاء ومليشيات ما يسمى بقوات الحزام الامني والنخب المسلحة التي تديرها وتسلحها وتمولها دولة الامارات "مليشيات المجلس الانفصالي الانتقالي ".


(5)

صحيح ان الفاعل هو سلاح الطيران الحربي الاماراتي، لكن اللائمة تقع على قائد التحالف " الدولة السعودية " فوزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان هو نائب القائد العام للقوات المسلحة السعودية وقيادة التحالف ونائبه شقيقه الأمير خالد بن سلمان، ورئيس غرفة العمليات سعودي ايضا ولا يمكن ان تطير اي طائرة حربية في سماء اليمن أو عبر الاراضي السعودية إلا بموافقة سعودية.


وعلى ذلك فان المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الادارة السعودية وان اليمنيين لن ينسوا ما حل بهم يوم الخميس الأسود 29 / 8.


إن الذرائع التي تبنتها الامارات لتبرير جريمة ما حل بالجيش اليمني يوم الخميس الاسود، هي تهمة " محاربة الارهاب " امر لن يصدقها مخلوق رغم محاولة غسل عقول العامة، لان من وقع عليهم العدوان جيش يرتدي بزة عسكرية وليس مليشيات وعصابات ومرتزقة من الحفاة.

 

ان الرياض في موقف لا تحسد عليه، فاما ان تفك التحالف مع ابوظبي التي وضعت السعودية في هذا الموقف المهين، واما ان تتحمل كافة المسؤوليات الاخلاقية والعسكرية وما حل باليمن من دمار وخراب وامراض أمام الله عز وجل وأمام العالم كله.


آخر القول: اليمن عصي على كل الطغاة والبغاة عبر التاريخ ولن ينجو من غضب الشعب اليمني الحر أي معتد أثيم. ونتمنى للسعودية خروجا مشرفا من هذه الكارثة التي وضعت نفسها وجيشها وسمعتها وقادتها فيه.

 

عن الشرق القطرية

0
التعليقات (0)