سياسة عربية

"الأعلى للحسابات" بالمغرب يفضح "تلاعبات" بالتلفزيون الرسمي

قنوات العلام العمومية الواردة في تقرير الأعلى للحسابات ـ فيسبوك
قنوات العلام العمومية الواردة في تقرير الأعلى للحسابات ـ فيسبوك

كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات (هيئة دستورية) عددا من الاختلالات المالية والإدارية التي تطال قنوات الإعلام العمومي الرسمي  بالمغرب، التي تطال "الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة"، وشركة "صوريا دوزيم ـ القناة الثانية"، أبرزها التلاعب المالي والديون المتراكمة.

وتعد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية وصورياد دوزيم ـ القناة الثانية مؤسستين مملوكتين للدولة، تضم الأولى حوالي 9 قنوات تلفزية مختلفة التخصصات وعددا من المحطات الإذاعية المركزية والجهوية، وعددا من المواقع الإلكتروينة، بينما تضم الثانية قناة واحدة ومحطة راديو وموقعا إلكترونيا.


ديون الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة
وسجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات، تراكما مهولا لفواتير الماء والكهرباء على الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، تجاوزت قيمتها 80 مليون درهم (حوالي 80 ألف دولار).


وكشف تقرير مجلس الحسابات، أن التيار الكهربائي قطع في عدد من المحطات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، بسبب تراكم الفواتير المستحقة للمكتب الوطني للماء والكهرباء، الذي يدين للشركة الوطنية بما يناهز 81.3 مليون درهم من الفواتير غير المسددة خلال الفترة ما بين 2008 و2016.


وأفاد التقرير بأن تراكم الفواتير غير المؤداة،  يرجع إلى صعوبة تتبع الفواتير من قبل مديرية البث، بالنظر للعدد الكبير للمحطات التابعة للشركة وغياب التنسيق بين المديريات التابعة للشركة الوطنية، بالإضافة لصدورها بصفة شهرية والتبليغ غير المنتظم عنها.


وأضاف التقرير، أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ماتزال مستمرة في أداء أتاوات مقابل استغلال ترددات تخص مواقع تم التخلي عنها، دون أن تقوم بطلب فسخ الاتفاقيات المبرمة بشأنها مع الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.


وتجاوزت الأتاوات المفوترة على الشركة في غياب أي استغلال لترددات الراديو الكهربائية، 40 مليون درهم في حدود العام 2017.

 

اقرأ أيضا: اتهامات "للسلامة الصحية" بالمغرب بالتقصير في صحة الغذاء

 
وكشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات، عدم توفر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، عن أي استراتيجية واضحة وموثقة، مشددا على ضرورة توافقها مع المبادئ التوجيهية للدولة في القطاع السمعي البصري، ومصادق عليها من قبل الهيئات المختصة.


وانتقد التقرير، نقائص برمجة الاستثمارات، حيث إن الشركة لم تحدد مخطط العمل لسنتي 2012 و2013، لاعتمادها على إعانات الدولة وغياب رؤية واضحة للمشاريع التي سيتم برمجتها، ما انعكس بشكل سلبي على جودة البرمجة الميزانياتية، وعرقل أغلب المشاريع المبرمجة المدرجة في ميزانية الاستثمار المرحلة من سنة إلى أخرى.


وأوضح أن الشركة لا تحدد بشكل مسبق عتبة التغطية، مع ضعف التكامل بين البرمجة ومختلف أنواع البث الإذاعي والتلفزي، واعتمادها مؤشر نسبة التغطية على أساس عدد السكان، ما اعتبره التقرير، سببا في  تسجيل مستويات مرتفعة لا تعكس التغطية الحقيقية.


تلاعبات مالية بالقناة الثانية
وكشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات، عن احتكار وكالة الإشهار "ريجي3" لسوق الإشهار في كل من القناة الثانية وقناة وراديو "ميدي1"، مشيرا إلى أنها تستغل نسب المشاهدة المرتفعة في القناة الثانية، لتسويق مساحات إعلانية لقنوات منافسة.


وأوضح التقرير، أن وكالة الإشهار "ريجي3"، كشفت عن استغلالها لنسب مشاهدة القناة الثانية لتسويق المساحة الإعلانية على "قناة ميدي 1" (قناة شبه عمومية) سنة 2008، بعد نصها بشكل صريح في الشروط العامة للبيع الخاصة بالقناة الثانية، في الجزء المخصص لخصم الالتزام المتعدد القنوات، على أنه يجب على المعلنين الذين يريدون الاستفادة من الخصم المذكور استثمار 80 بالمائة من الميزانية المخصصة للإشهار في القناة الثانية (دوزيم)، و20 في المائة بقناة "ميدي1".


وأضاف أن احتكار "ريجي3" للإشهار على القناة الثانية، ساهم بشكل كبير في زيادة خسائر (دوزيم) منذ العام 2008، رغم كونها القناة الوطنية الأكثر مشاهدة وارتفاع طلب المعلنين للإشهار في القناة.


وأكد التقرير أن وكالة الإشهار المحتكرة للمساحة الإشهارية على القناة الثانية، أقدمت سنة 2018 على إبلاغ المتدخلين في سوق الإعلانات بالشروط العامة للبيع، دون علم أو موافقة "دوزيم"، التي لا يخضع تحديد تعريفاتها وشروطها التجارية للمساحات الإعلانية التلفزيونية الإذاعية والرقمية، لأي إجراء مسطري.


وأفاد التقرير، أنه يتم منح مجموعة من الإعلانات المجانية في صورة خصومات تجارية، تجاوزت قيمتها خلال الفترة ما بين 2013 و2017، 653.26  مليون درهم (حوالي 650 ألف دولار)، مقابل قيمة مبيعات حددت في 2869.91 مليون درهم ( حوالي 2 مليون دولار).


وانتقد التقرير غياب مراقبة رقم معاملات القناة الثانية، المتمثل في الأساس في عدم ضبطها لفوترة المبيعات، وعدم طلبها الوثائق المحاسباتية من وكالة الإشهار، بالإضافة لتأخير وضع عقود الالتزام سنة 2018، وغياب تدقيق حسابات وكالة الإشهار.


وأوضح التقرير أن شركة "صورياد ـ القناة الثانية" لا تتحكم بشكل تام بمبيعاتها، وتنتظر بصفة مستمرة التوصل ببيان الفوترة الخاص بـ"ريجي3" للقيام بالفوترة، ولا تقوم بنفسها بفتورة مبيعات إعلاناتها عن طريق تطبيق الشروط التجارية والأسعار المعلنة.


توصيات
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات، الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بالحرص على تتبع استهلاك الكهرباء في محطات البث الإذاعي والتلفزي، والعمل على تسوية فواتير الكهرباء غير المسددة.


ودعا المجلس الشركة، إلى العمل تحديد عتبة التغطية بالنسبة لكل نوع من البث، مع ضمان توازن بين تمويل المشاريع وطرق البث، وإعادة النظر في معايير احتساب نسب التغطية بما يتطابق مع المعايير الدولية، بالإضافة لتعزيز  تغطية البث الإذاعي مع مراعاة آفاق التطور الحاصل في قطاع البث الإذاعي، وتجميع وتوحيد المواقع المخصصة للمحطات الفضائية، والعمل على ترشيد طرق استغلالها.

كما أوصى المجلس الأعلى للحسابات، القناة الثانية بإعادة النظر في العلاقة التعاقدية مع وكالة الإشهار "ريجي3"، بما في ذلك عقود الإشهار للإذاعة والأنشطة الرقمية، والتحقق من التطبيق السليم للشروط التجارية من طرف وكالة الإشهار، وضمان نشر التعريفات والشروط التجارية، والإصدار المباشر للفواتير، بالإضافة لضمان تقديم "ريجي3"  للوثائق المحاسبية للشركة وفقا للمادة 21 من العقد المبرم  والقيام بتدقيق حساباتها، واحترام آجال الأداء المنصوص عليها وتفادي منح خصومات للوكالات التي لا تدفع قبل هذه الآجال.

التعليقات (0)