ملفات وتقارير

ما سيناريوهات أي حوار سعودي مع الحوثيين في اليمن؟

رحب محمد بن سلمان وشقيقه نائب وزير الدفاع خالد بمبادرة الحوثيين- جيتي
رحب محمد بن سلمان وشقيقه نائب وزير الدفاع خالد بمبادرة الحوثيين- جيتي

أثارت تصريحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وشقيقه نائب وزير الدفاع، خالد، حول مبادرة الحوثيين وقف هجماتهم على أراضي بلدهما، الباب واسعا أمام تساؤلات عدة حول سيناريوهات الحوار في المرحلة المقبلة.


يأتي ذلك، في ظل مساع أمريكية لبدء حوار سعودي مع الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في الوقت الذي عبر ولي عهد المملكة، في حوار مع قناة شبكة "CBS" الإخبارية الأمريكية قبل أيام، عن أمله في يؤدي وقف إطلاق النار على السعودية، الذي أعلنه الحوثيون من جانبهم، إلى حوار سياسي وإنهاء الحرب في اليمن.

سيناريوهات
وتعليقا على هذا الموضوع، يقول الخبير الاستراتيجي اليمني، علي الذهب: "أعتقد أن السعودية أبدت الاستجابة للحوار دون وجود قناعة حقيقية لذلك، وأن المسألة مجرد مراوغة لتجاوز الكثير من التحديات التي تواجهها في الظرف الراهن".

وتابع حديثه الخاص لـ"عربي21": "من تلك التحديات  تداعيات مقتل خاشقجي التي اشتعلت مجددا إقليميا ودوليا، في الذكرى الأولى لمقتله، بالإضافة إلى ما يثار حول اضطرابات داخل الأسرة الحاكمة".

وأكد الذهب أن السعودية "لا تزال تراهن على القوات التي جيشتها في الحدود، ولا يمكن أن تقبل بأي تفاوض حقيقي، إلا عندما تجد نفسها ممسكة بورقة ضغط قوية، تفرض بها شروطها على الحوثيين"، متابعا أن "هذه الورقة السيطرة على صعدة"، في إشارة الى معقل الحوثي شمال البلاد.

وأضاف أن "الرياض فتحت بابا للوساطة بينها وبين طهران، بوصفها المحرك الحقيقي للحوثيين، وهي بذلك تضع الطرفين أمام هدنة عملية غير معلنة، في وقت يقوم فيه المبعوث الأممي إلى صنعاء".

وأورد الخبير اليمني سيناريوهات بناء على التصريحات السعودية وما قابلها من تصريحات حوثية وأولها "فشل أي اقتراب من مفاوضات".  

وقال إن هذا السيناريو هو الأرجح "لأن تحقيق السلام في اليمن ليس بيد السعودية والحوثيين وحدهما، مهما توهم أي طرف ذلك" مشيرا إلى أن الأزمة اليمنية التي تدخل فيها التحالف بقيادة الرياض عام 2015 تعدد أطرافها وأصبح لكل طرف قوته العسكري التي يحاول بها فرضة إرادته السياسية، لا سيما أطراف الشرعية التي كشفت عنها أحداث آب/ أغسطس الماضي.

ولم يستبعد الذهب أن يدخل الطرفان في مفاوضات قصيرة العمر، تضغط فيها السعودي والإمارات على حلفائهما، لكنها لن تكلل بنجاح حيث ستسقط في منتصف الطريق؛ لأنها لن ترضي أي طرف، ومجرد القبول ليس إلا للمراوغة.

وذكر الخبير الذهب أن الولايات المتحدة تبحث عن وسيلة لإخراج السعودية من الأزمة بطريقة تحافظ على ماء وجهها وتضمن سلامة الأمن الوطني السعودي.

 

واستدرك الذهب أن ذلك لا يعني أن الولايات المتحدة لن تدفع الأطراف الداخلية في اليمن للاقتتال مستقبلا، وقد يكون ذلك مبررا للتدخل المباشر، من خلال ملف القاعدة، أو حماية الملاحة البحرية والمصالح الدولية، بحسب قوله.

 

ولفت إلى أن واشنطن تحرص على الإبقاء على الحوثيين، وتحاذر من عودة القوى التقليدية المنضوية تحت شرعية الرئيس هادي؛ لأنها تعارض حقيقة سياسات ومصالح الولايات المتحدة، خلافا للحوثيين الذين يزايدون في ذلك على نهج السياسة الإيرانية.

تكتيك ومؤقت
من جانبه، يرى الكاتب والسياسي اليمني، عبدالناصر المودع أن التصريحات السعودية التي تتحدث عن السلام يمكننا "فهمها ضمن سياقاتها.

وقال في حديث لـ"عربي21": تصريحات محمد بن سلمان حول السلام كانت موجهة للأمريكان بشكل أساسي، فحرب اليمن ليس لها شعبية في أمريكا، وهناك رأي عام ونخب سياسية معارضة للحرب.

وأضاف المودع أن هذه التصريحات أتت في ظرف خاص تمر به السعودية بعد الضربات الإيرانية على منشئات ارامكو. مؤكدا أن السعودية في حالة انكشاف استراتيجي لم تشهده منذ تأسيسها بعد أن رفض ترمب توفير الحماية الكاملة والشاملة للسعودية، وهي الحماية التي كانت معتمدة عليها لأكثر من 70 عاما.

وأشار الكاتب اليمني إلى أن هناك ضغوط أمريكية وغربية على المملكة للدخول في مفاوضات سلام مع الحوثيين، وهناك اتصالات مباشرة وغير مباشرة تقوم بها هذه الأطراف مع الحوثيين. موضحا أنها أسفرت عن مواقف حوثية تبدو في ظاهرها وكأنها مبادرات سلام تقدم للسعودية.

وأردف قائلا: "لهذا كله تحاول السعودية تخفيف الضغوط عليها من خلال هذه التصريحات التي قد توحي بأن هناك مؤشرات على عملية سلام في اليمن؛ غير أن الظروف الموضوعية تشير إلى أن هذه العملية لا زالت بعيدة".

ولفت المودع إلى أن الرياض لم تصل إلى الوضع الذي يجعلها تستسلم وتقبل بالتنازل للحوثي بمعنى أخر أنها لم تهزم والحوثي لم ينتصر.

وبحسب المودع، فإن "تعقيد القضية اليمنية وتشعبها وتعدد أطرافها تجعل من السلام بعيد المنال، وكذلك الحلول الجزئية كوقف إطلاق نار محدود جغرافيا".

وتوقع أن تدفع الضغوط الخارجية والداخلية السلطات السعودية للقبول من حيث المبدأ ببعض الأفكار إلا أن أمرا من هذا القبيل سيكون في الغالب تكتيكي ومؤقت حتى تخف الضغوط.

هزيمة للمملكة
وفي السياق ذاته، قال الصحفي والباحث السياسي اليمني، فهد سلطان إن قبول السعودية بأي حوار مع الحوثيين يعد هزيمة لها.

وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن السعودية كانت تراهن كثيرا على الولايات المتحدة في حماية مصالحها وحمايتها خلال الفترة الماضية، لكنها تعرضت للخذلان من قبل واشنطن.  

وتابع أن المملكة كانت تراهن على ضربة أمريكية خاطفة لإيران ولكن ترمب لم يفعل، بل في اللحظات الاخيرة أعلنت الإدارة الامريكية أنها لن تضرب إيران وتغلب الجانب السياسي على العسكري.

وأشار سلطان إلى أن تصريحات ولي العهد السعودي وشقيقه، نائب وزير الدفاع بشأن مبادرة الحوثيين ربما "يعود إلى شعور لدى المملكة أنها لاتستطيع مواجهة إيران بمفردها، بعد خذلان واشنطن لها".

وبحسب سلطان، فإن الضربة الأخيرة على أرامكو كانت ضربة قاسية، وبمثابة رسالة للمملكة بالسير على النهج الإماراتي عندما هرعت أبوظبي إلى التفاهم مع طهران، عقب استهداف عدد من السفن على مرافئها.

وأوضح سلطان أن الرياض أهدرت الكثير من أوراقها، ولذلك ربما تلجأ إلى الحوار كمخرج أمن لها في اليمن، رغم الضرر الكبير الذي سيسببه للقضية اليمنية.

ولفت إلى أن اليمن ستكون المادة الأساسية في أي حوار إيراني سعودي، وستلتزم إيران عن الحوثيين، بينما سيكون مقابل ذلك "تصفية الشرعية والاعتراف بالحوثيين من قبل السلطات السعودية".

وكان القيادي في جماعة الحوثي، حسين العزي، قال إن رد الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي، على المبادرة التي تقدمت بها الحركة إيجابيا.

واعتبر العزي في تغريدة له الجمعة، أن ما عبّر عنه الأمير إيجابي، وإضافة لصوت السلام والعقل، وأن قتال الحوثيين في اليمن هو من أجل السلام في نهاية الأمر.

 

اقرأ أيضا: انشقاقات كبيرة بكتائب "أبو العباس" المدعومة إماراتيا باليمن

التعليقات (0)