صحافة دولية

فورين بوليسي: من سيملأ الفراغ الذي ستتركه أمريكا في سوريا؟

فورين بوليسي: مع قيام أمريكا بسحب قواتها من سوريا أصبحت البلاد منطقة إقليمية متاحة للجميع- جيتي
فورين بوليسي: مع قيام أمريكا بسحب قواتها من سوريا أصبحت البلاد منطقة إقليمية متاحة للجميع- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لمؤسس شبكة "غلوبال وونك" والزميل غير المقيم في معهد السياسة الخارجية في جامعة هوبكنز، بلال بلوتش، يقول فيه إن الانسحاب الأمريكي من شمال سوريا يعلن بداية الصراع على سوريا ما بعد أمريكا. 

ويشير بلوتش في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "الانسحاب الأمريكي هذا الأسبوع أدى إلى نقاشين داخل عواصم المنطقة، النقاش الأول والملح حول المدى الذي يمكن فيه الثقة في الولايات المتحدة بصفتها شريكة في ضوء تخليها عن الأكراد، مع أن الصورة عن أمريكا بصفتها حليفة لا يوثق بها تسبق المناورة المفاجئة لدونالد ترامب". 

ويلفت الكاتب إلى أن "النقاش الثاني غير محدد، لكنه يترك تبعاته الكبرى، وهو ما يتعلق باللاعبين المتبقين في سوريا، فالخروج الأمريكي يخلق فوضى أخلاقية في الحرب السورية، التي مضى عليها أكثر من ثمانية أعوام، ولا يوجد ما يشير إلى اللاعب الذي سيستفيد من الخروج الأمريكي، ففي الوقت الذي انهارت فيه شراكات فإن شراكات أخرى تعمقت".

ويجد بلوتش أن "من الواضح أن هناك خلافات ستظهر بين الدول الثلاث اللاعبة الأخرى في المشهد السوري، وهي روسيا وإيران وتركيا، التي اتحدت في الماضي ضد الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة، مع أن هذه الدول تعمل منذ وقت على حل للنزاع، من خلال ما يعرف بمجموعة أستانة، وضمن إطار اللجنة الدستورية التي تشرف عليها روسيا، ولم يتم التقدم على هذه الساحة بسبب الخلافات بين موسكو وطهران وأنقرة".

ويلفت الكاتب إلى أنه "مع بدء العملية التركية في المناطق، التي كانت تحت سيطرة الأكراد، حلفاء أمريكا، فإن الرد الروسي بدا مزيجا من الخوف المبطن والمواقف الصريحة الداعية للحفاظ على وحدة الأرض السورية وضبط النفس". 

 

ويرى بلوتش أن "إحباط الكرملين من تركيا سيزداد؛ لأن العملية العسكرية ستعرض المحادثات حول الدستور للخطر، وستؤثر على جهود بشار الأسد في تعزيز سيطرته على ما خسره من البلاد". 

وينوه الكاتب إلى أنه "في العواصم العربية، خاصة السعودية والإمارات، فإنه تم تلقي الانسحاب الأمريكي بنوع من الذعر، فلم يمض سوى عام على إعادة الإمارات علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، وفتح سفارتها في دمشق من جديد، واستخدمت الإمارات وضعها الجديد للمساعدة في العملية السياسية، من خلال القنوات السرية مع الحكومة السورية وبتشجيع روسي، ورفض وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش الخطة التركية لإنشاء منطقة عازلة بالطريقة التي تقوم بها تركيا اليوم". 

وينقل بلوتش عن قرقاش، قوله في مقابلة هذا العام، إن "الإمارات تتعاطف بشدة مع الأكراد، وتفضل حماية لهم في إطار سوريا موحدة"، وأضاف: "بلادي قلقة من التصريحات القادمة من تركيا حول القوات الكردية، ونعتقد أن التهديدات التركية تمثل خطرا حقيقيا، وأي تدخل من قوى غير محلية في أراض عربية ننظر إليه بشكل سلبي".

ويقول الكاتب: "أما في السعودية، فإن الانسحاب الأمريكي سيؤدي إلى زيادة التوتر مع تركيا، الذي تصاعد معها بشأن الإخوان المسلمين وقطر واختفاء وقتل الصحافي جمال خاشقجي العام الماضي، وقامت السعودية بتقديم الرأسمال الدبلوماسي والاقتصادي لتخفيف التوتر بين قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والقبائل العربية في شمال سوريا، ولهذا لن تكون الرياض راضية عن التدخل التركي الذي يهدد الجهود التي قامت بها". 

ويفيد بلوتش بأن "الأحداث الأخيرة تعد أسوأ ما شهدته العلاقات التركية السعودية منذ تحالفهما القوي بعد الغزو العراقي عام 2003، حيث عمل البلدان معا لمنع وقوع البلد تحت السيطرة الإيرانية، ففي ذلك الوقت أدى الانقسام الطائفي في المنطقة إلى تحالف قوي بين الرياض وأنقرة وبقية الدول السنية، وربما حدث الأمر ذاته في حالة سيطرت الجماعات غير الدول الطائفية على الوضع في سوريا". 

 

ويبين الكاتب أنه "لم يمض وقت طويل عندما أعاث تنظيم الدولة الفساد في المنطقة، وقدم نفسه، كما يلاحظ الباحث فالي ناصر، على أنه وريث للخلافتين الأموية والعباسية، اللتين حكمتا إمبراطوريتين من دمشق وبغداد".

ويقول بلوتش إن "خروج الأمريكيين سيثير المخاوف في إيران، وكذلك بين حلفائها، من إمكانية عودة تنظيم الدولة، وإن بصورة جديدة، وقد يوحد ظهوره هذه الجماعات، كما حدث في العراق، من خلال الحشد الشعبي الذي قاتل جماعات تنظيم الدولة". 

ويذكر الكاتب أن مراقبين لاحظوا عودة للتنظيم في مدينة الرقة، مشيرا إلى أنه في حال اندلع فيها النزاع الطائفي في المنطقة من جديد، فإنه سيتم التخلي عن خطوات التقارب المبدئية بين إيران والسعودية. 

ويختم بلوتش مقاله بالقول إن "أحداث هذا الأسبوع أظهرت اتفاقا على المستوى الوطني بين دول المنطقة باستثناء تركيا، واتفقت هذه الدول على أن التوغل التركي في شمال سوريا لا يهدد الأكراد فحسب، لكنه يهدد استقرار سوريا أيضا، ما يعني استمرار الحرب الأهلية التي بدأت قبل ثمانية أعوام".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (1)
مصري
الخميس، 10-10-2019 11:05 ص
علي الغرب القذر و روسيا و ايران الرحيل من سوريا اولا و لا تشغلوا انفسكم بمسألة الفراغ الوهمي الذي تتحدثون عنه فهناك معارضة منظمة و قادرة علي قيادة البلاد دون تدخل منكم ايها الاوباش الارهابيين .