ملفات وتقارير

ما قصة الجسرين المحرّمين على المتظاهرين في بغداد؟ (شاهد)

يدرك المتظاهرون أهمية الجسرين اللذين يفصلانهم عن "خصومهم" في الجهة المقابلة من النهر- تويتر
يدرك المتظاهرون أهمية الجسرين اللذين يفصلانهم عن "خصومهم" في الجهة المقابلة من النهر- تويتر

ظهرت في الآونة الأخيرة عدة صور لتجمهر متظاهرين عراقيين قرب جسري الجمهورية والسنك، وصدامات مع رجال الأمن، في إطار الحراك الشعبي المتواصل منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وبات الجسران من أبرز معالم الحراك، وكذلك المنطقة الخضراء التي يقودان إليها، والتي تختزل حالة السلطة في البلاد منذ بدايات الغزو الأمريكي عام 2003.

ويفصل الجسران المتظاهرين المتجمعين في ساحتين على الطرف الشرقي من نهر دجلة عن المنطقة الخضراء في الجهة الغربية من النهر والتي تضم مباني الحكومة والبرلمان ومنازل المسؤولين والبعثات الدبلوماسية الأجنبية.

 

 

 

 


وعلى مر السنوات الماضية، عمدت الحكومات العراقية إلى غلق الجسرين تماما خلال الاحتجاجات الناقمة على مسؤولي الدولة.

وتحول الجسران إلى أبرز مشاهد أحدث انتفاضة شعبية ضد الحكومة منذ مطلع الشهر الماضي، حيث كانا محور مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن.

وتظهر طبيعة الإجراءات الأمنية المتخذة من قبل السلطات العراقية  أهمية الجسرين بالنسبة لها لإبقاء المحتجين الغاضبين بعيدين عن أسوار المنطقة الخضراء.

ويقول رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي إن "عبور المتظاهرين على هذين الجسرين يمثل مشكلة أمنية كبيرة للحكومة، فجسر الجمهورية يربط ساحة التحرير بالمنطقة الخضراء والمقرات الحكومية والبعثات الدبلوماسية وجسر السنك يؤدي إلى مقر السفارة الإيرانية مباشرة".

اقرأ أيضا: 4 سيناريوهات.. تقرير بريطاني يستشرف مشهد العراق في 2020

وتعتبر السفارة الإيرانية هدفا للمتظاهرين العراقيين الناقمين على نفوذ طهران المتزايد في البلاد وصلاتها الوثيقة مع الأحزاب التي تحكم البلاد منذ الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003.

ويضيف الهاشمي: "واضح أن الحكومة على استعداد لاستخدام كل أنواع الأسلحة لمنع المتظاهرين من العبور".

ونصبت قوات الأمن عدة حواجز أسفلتية على الجسرين وتطلق قنابل الغاز المسيلة للدموع والقنابل الصوتية والرصاص المطاطي والحي عندما يحاول المتظاهرون عبور الجسرين، وهو ما أوقع عشرات القتلى وآلاف الجرحى.

 

 

 

 

 

 


وكشف مصدر أمني من قوات مكافحة الشغب (رفض نشر اسمه) عن "تلقي القوات الأمنية أوامر صارمة ومن أعلى المستويات بعدم السماح لأي متظاهر بعبور الجسرين مهما كلف الأمر. ونحن بدورنا ننفذ الأوامر".

وأضاف المصدر، في حديث مقتضب للأناضول: "وصول المتظاهرين إلى المنطقة الخضراء سيعقد الأمر ويتسبب بفوضى. وهذا ليس في مصلحة أحد".

متظاهرون: هذان الخطان يحددان مصيرنا

يدرك المتظاهرون أهمية الجسرين اللذين يفصلانهم عن "خصومهم" في الجهة المقابلة من النهر، ويعتقدون بأن الحكومة لن تتمكن من الصمود أكثر إذا وصل المحتجون إلى أبوابها.

ويرى متظاهر يدعى محمد الموسوي (27 عاما) أن مطالب المتظاهرين ستكون عرضة للتسويف إذا ما استمر الحال على ما هو عليه.

وأضاف أن "الحكومة تحاول المماطلة واللعب على عامل الوقت أو ربما تخطط لاقتحام ساحة التحرير" معقل المتظاهرين قرب جسر الجمهورية.

 

 


وتابع الموسوي: "هذا يجرنا إلى القيام بالتصعيد، ولا نستبعد أن نقوم بعبور الجسرين ومحاصرة المنطقة الخضراء وإن كلفنا ذلك تقديم ضحايا".

فيما لا يبدو متظاهر آخر وهو حسن موحان (22 عاما) مؤيدا لفكرة التصعيد، ويقول: "لا نريد فقدان أعداد اخرى من اخواننا. لقد انتهت كل محاولاتنا لعبور الجسرين بسقوط الكثير من الشباب بين قتيل وجريح".

وأضاف موحان: "السلطات تتعامل كأنها في جبهة حرب بالرغم من كوننا عزلا والإصابات بالرصاص مباشرة وقاتلة، ومن يقفون عند الطرف الآخر من الجسرين ملثمون يقتلوننا بدم بارد".

اقرأ أيضا: عشرات الإصابات بمحاولة اقتحام مبنيي محافظتي كربلاء والبصرة

وينقل متظاهر ثالث يدعى مهند الغزي (33 عاما) وجهة نظر أخرى بالقول، إن "المتظاهرين يعتبرون وجودهم على الجسرين مفتاح تأمين لساحة التحرير.. فكلما أبعدنا القوات الأمنية عن جسر الجمهورية مثلا تصبح ساحة التحرير أكثر أمنا ومرمى قنابل الغاز المسيل للدموع يصبح أبعد".

وتابع: "كثير من المتظاهرين يعتقدون أن ترك الجسور والمطعم التركي (مبنى مهجور يطل على ساحة التحرير) يمكن قوات مكافحة الشغب من فض الاعتصام بسهولة مثل ما حصل في مطلع أكتوبر الماضي".

ويشهد العراق، منذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، موجة احتجاجات متصاعدة مناهضة للحكومة، وهي الثانية من نوعها بعد موجة سبقتها بنحو أسبوعين.

وقتل خلال الاحتجاجات 260 قتيلا على الأقل خلال مواجهات بين قوات الأمن ومسلحي فصائل الحشد الشعبي من جهة، والمتظاهرين من جهة أخرى.

وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرتفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة؛ إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.

ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنت حكومة عادل عبد المهدي عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم ترض المحتجين، الذين يصرون على إسقاط الحكومة.

ويسود استياء واسع في البلاد من تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات، فيما يعتقد مراقبون أن موجة الاحتجاجات الجديدة ستشكل ضغوطا متزايدة على حكومة عبد المهدي، وقد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بها.

التعليقات (0)