مقالات مختارة

حكام موتى ـ قاعدون

عمار يزلي
1300x600
1300x600

العدوان على غزة، يجب ألا يُنسى أو أن يتناساه الناس، حكاما وشعوبا ومنظمات حقوقية، ينبغي ألا يُترك المجرمُ يفلت من دون عقاب، كما تعوَّد النظام العنصري المقيت في تل أبيب أن يفعله وينجو بجلده بحماية وتغطية دولية على أفعال وجرائم لم تعد تقوم بها اليوم سوى إسرائيل.

 

لقد تعودنا أن ننسى بسهولة والأحداث الجديدة تدفع الأحداث القديمة والجديد عندنا قديم والقديم يغطي الأقدم.. ونحن ما شاء الله، دائما عندنا الجديد في القتل وسفك الدماء والتقاتل والتناحر بين الأشقاء، إلا ضد الأعداء فنحن في سلام وتوافق!

نمتُ على هذا الألم في الرأس وهذا الغليان في القلب لأجد نفسي أحضر قمة عربية لمناقشة تبعات "الحرب" بين إسرائيل وفلسطين.. هكذا.. لا كلمة عدوان ولا "جرائم" ولا هم يحزنون.. كأن الأمر يحدث بين دولتين وقوّتين متعادلتين.. وليس الأمر عدوانا من طرف أقوى دولة في المنطقة على أصغر شعبٍ في أصغر رقعة، محاصَر جوا وبرا وبحرا.. ويراد له أن يحاصَر من تحت الأرض بعد أن جعل من هذه الأنفاق معابر وحيدة للتنفس…


حضر ممثلو الرؤساء والملوك (عادة لا يحضرون..)، وسمَّينا اللقاء "لقاء قمة". آخر من أخذ الكلمة، كان ممثل دولة عربية صغيرة، ويبدو أنه أخطأ وقرأ ورقة لدولة خليجية مطبِّعة وبعربية مكسَّرة: نحن من مهانتنا (مَهمَّتنا).. أن نبغي (نبقي) الغوي غويا (القوي قويا) والضعيف ضعيفا.. نحن تطورنا بفضل نفطنا وعملنا.. وإسرائيل هي حلوفتنا.. (حليفتنا) في الشرق السوط (الأوسط).. وأنتم عليكم أن تسكنوا (تسكتوا).. وترخسو (تخرسوا).. حشاكم (عساكم) تكونوا ممن نرضى عنهم. لقد سمعنا بعض الكلام من رئيس عربي تفوووه!! (تفوه) وقال لنا: نحن مع إسرائيل ظالمة أو مظلومة! ونحن نركشه.. (نشكره) على هذا العدم (الدعم)..


وقبل أن يكمل، أرسلت إليه من يوقفه وسحب الورقة من أمامه.. (كان غير يخرط..)


وهنا أقاطعه بشدة، بعد أن تدخَّل ممثل دولة إسرائيل العضو 22 في الجامعة، الخطاب كان موجها إلى ممثل دولة عربية كبيرة، اعتذر على ما فعله العرب مع الشعب الفلسطيني وندد بإسرائيل… السفير اليهودي رد عليه بحزم: لكد خنتَ إسرائيل "الشكيكة" (الشقيقة) الكبرى لبلدك بعد أن كنت كد (قد) خنت فلسطين "الشكيكة" الصغرى. توكَّف (توقف) واخرج.. فمن الآن أنت لست رئيسا للجمهورية.. سينكلب (سينقلب) عليك الجيش كما انكلبت (انقلبت) أنت على من سبكك (سبقك) أخرج كبل (قبل) أن ننكلب (ننقلب) عليك!


وأفيق من نومي وقد غرقتُ في عرق لا مثيل له، لأجد التلفزيون لا يزال يهذي ويصوِّر تفاصيل جرائم إسرائيل وإبادة عرق بأكمله في غزة: من الطفل الذي سيصبح مجاهدا، ومن الأم التي تلد المجاهدين، ومن الرجال الذين ينجبون الأبطال..


كان المعلق يقول: سياسة إسرائيل المعروفة تحت اسم "زبر الأعشاب"، سينتج عنه نمو أعشاب جديدة أكثر أوراقا وأكثر ثمارا.. الزبر ينجب الحرب.. والحرب تنجب الحياة من تحت الأنقاض.. وطائر الفنيكس.. يخرج من تحت الرماد.


كنت لا أزال أتكور من النعاس، أسمع التلفاز والتعليق وأنا "أعلك" على التعليق: "ما نظنش.. العرب ماتوا.. سوى هذا الجيل الثوري الحي.. أما إخوتك العرب الشيوخ.. فالموتى يبعثهم الله.."!

(الشروق الجزائرية)

0
التعليقات (0)