مقالات مختارة

لاعب بلا أوراق يتلقى الضربات فقط

جميل النمري
1300x600
1300x600

يعلن نتنياهو عن نية قريبة لضم غور الأردن الغربي للسيادة الإسرائيلية. ومن واشنطن يعلن وزير خارجية الولايات المتحدة أن المستوطنات ليست “غير قانونية”. بعد ضم القدس والمستوطنات وغور الأردن ماذا يبقى للفلسطينيين؟! ربما مساحة تقل عن نصف الضفة الغربية. لكنها أراض مهددة أيضا ما دامت إسرائيل لا تنوي الانسحاب ولا تريد حل الدولتين. دعونا لا نخدع أنفسنا فالمشروع الإسرائيلي بات واضحا ونهائيا، دولة إسرائيل من النهر إلى البحر، وتبقى مشكلة السكان الذين لا تدري إسرائيل ما تفعل بهم، غير بقاء وضعهم معلقا لمستقبل غير معلوم. وفي الأثناء فالسياسة الوحيدة المقررة هي استمرار الضغوط المعيشية والتضييق الدائم لتفريغ البلاد من أهلها. وحتى خطة أمريكا للحل لا تقول شيئا عن المستقبل السياسي للفلسطينيين.


بالمناسبة، ما أخبار صفقة القرن؟! إن كوشنير لم يعد يظهر أبدا ليتحدث عنها، ووزير الخارجية انشغل بزف بشرى الموقف الجديد من الاستيطان بلا إشارة نهائيا لصفقة القرن. وهذا التبرع يأتي مجانيا تماما؛ فالرجل الذي استلم كل الهدايا السابقة (نتنياهو) لم يعد مكلفا بتشكيل الحكومة، وقد فشل الطرف الآخر (غانتس) في تشكيلها؛ أي ليس هناك جهة في إسرائيل الآن تستلم الهدية وتوظفها. وغياب الشريك الإسرائيلي الآن يمنع عرض صفقة القرن، لكن من العجيب أنه لا يمنع إصدار مواقف جديدة تتراجع عن الثوابت الدولية التي صدرت بها قرارات من الأمم المتحدة مثل الاستيطان، وتنقلب على تقاليد دبلوماسية ثابتة وتدعم التطرف والعدوان.


لم تعد مقولات مثل عدم إعطاء الذرائع للتطرف والإرهاب وعدم إحراج الاعتدال العربي تنفع لردع الإدارة الأمريكية عن مواقفها الجديدة، بل إن ترامب يتفاخر بأن قرار نقل السفارة مر بسلام ولم يحدث الأثر الذي توقعه المعارضون، وعليه فإن هذه الورقة أي ردود الفعل الشعبية والرسمية العربية والإسلامية، سقطت كورقة ردع لإدارة ترامب الذي يمعن في إهانة زعامات دول البترودولار كما لم يحدث في تاريخ العلاقة مع الولايات المتحدة. ويبدو أن رهان الولايات المتحدة ينجح تماما بالتخويف من إيران، لدرجة السكوت على كل المواقف الأخيرة من الاحتلال الإسرائيلي، ناهيك عن الابتزاز المالي الذي يطلبه ترامب ومعه كومة إهانات شخصية وتهديد لمن يتخلف عن الدفع.


نحن مع موقف عربي متضامن وقوي ضد التدخلات الإيرانية وتمددها في المنطقة، وها نحن نرى مليشيات قاسم سليماني تقتل مباشرة المتظاهرين في شوارع بغداد ومدن الجنوب، الذين خرجوا بشجاعة ضد فساد السلطة والهيمنة الفارسية معا. لكن التصرف بهلع لدرجة بلع كل الإهانات من طرف ترامب والتغاضي عن قراراته التي أغضبت العالم العربي والإسلامي، ثم خطب ود زعامة إسرائيلية منحطة متطرفة وعنصرية فهذا غير مبرر. ولعل العكس هو ما يجب أن يحدث؛ يجب أن نجعل إسرائيل وأمريكا تهلع من تساهلنا مع إيران وخطب ودها وقبول نفوذها والتنازل أمام هيمنتها. انظروا كيف تدير تركيا علاقتها مع الولايات المتحدة! لقد عقدت صفقة أس 400 مع روسيا وهي ما تزال عضوا في الناتو. إنها تستخدم كل الأوراق الممكنة وتتقلب في تحالفاتها، وتراجع حساباتها بلا حرج بما يخدم مصالحها.
بصراحة لا أعرف إذا كان هناك في العالم من يضعف نفسه ويسيء استخدام الأوراق الممكنة أو يسقطها من يده كما يفعل العرب!!

 

(الغد الأردنية)
0
التعليقات (0)