جامعة تل أبيب تغلق مركز أبحاث السلام مع الفلسطينيين

قال مستشرق إسرائيلي إن "إغلاق جامعة تل أبيب لمركز أبحاث السلام المسمى "تامي شتاينميتس" دليل على أن المجتمع الأكاديمي الإسرائيلي يدير ظهره للسلام مع الفلسطينيين والعرب، في ظل الأجواء الشعبية السائدة في إسرائيل، وهو أمر مقلق من عدة نواحي".

وأضاف البروفيسور إيلي فوده، عضو مجلس إدارة مركز ميتافيم للدراسات الإقليمية، في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "إغلاق المركز يتزامن مع تراجع موضوع السلام مع الفلسطينيين على طاولة البحث الإسرائيلي، مما دفع الجهات الممولة للمركز لصرف النظر عن الإنفاق عليه، مع العلم أن المركز أقيم قبل 27 عاما، وساهم كثيرا بطرح موضوع السلام على الأجندة الجماهيرية في إسرائيل".

وأوضح فوده، المحاضر بقسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية بالجامعة العبرية، أن "المركز عقد سلسلة من المؤتمرات البحثية لرجال الأكاديميا، ونشر المؤلفات، وقدم منحا دراسية للطلاب الجامعيين، وتمويلا لأبحاث أكاديمية، وتعاون مع مراكز بحثية حول العالم، وأقدم على مبادرات لإيجاد حلول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن كل هذه الجهود والمحاولات وصلت إلى طريق مسدود بقرار جامعة تل أبيب إغلاق المركز".

وأكد فوده، المحاضر الزميل لدراسات الشرق الأوسط في معهد LSE بلندن أن "قرار إغلاق المركز مقلق من عدة نواحي، أولها أن القرار لم يتخذ في فضاء فارغ، بل يعبر عن الروح السائدة في الرأي العام الإسرائيلي، الذي لم يعد يرى في السلام هدفا مركزيا له، ولعل جولتي الانتخابات الإسرائيلية الأخيرتين في سبتمبر وأبريل عبرتا بصورة واضحة عن غياب كلي لأي نقاش حول مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

وكشف أن "مدراء الحملات الانتخابية لجميع الأحزاب الإسرائيلية المتنافسة عملت على إلغاء مفردة السلام من الدعاية الانتخابية من القاموس الانتخابي والحزبي، لأنها كلمة ليس لها شعبية أو رواج بين الإسرائيليين، ولا تؤدي لزيادة أعداد المصوتين لصالح هذا الحزب أو ذاك، مما يعني أن السلوك السياسي الإسرائيلي اقتحم عالم الأكاديميا، وبات يملي عليه ما يتم تعليمه وبحثه".

وأضاف أن "الناحية المقلقة الثانية لقرار إغلاق المركز أن منهجية دراسات السلام في إسرائيل لم تعد تلقى تشجيعا من الممولين، باستثناء معهد تراومان في الجامعة العبرية، وليس هناك أي مراكز أبحاث عن السلام في أي جامعة إسرائيلية، مع أن السلام يتم تدريسه في معاهد أبحاث إدارة النزاعات والصراعات في الجامعة العبرية وجامعة بار إيلان، مما يعني أن السلام مع الفلسطينيين لم يعد مطروحا على أجندتها البحثية".

وأشار أن "البعد الثالث في قرار إغلاق المركز أنه لم يكن يناقش فقط السلام الفلسطيني الإسرائيلي، وإنما الإسرائيلي العربي، وما يتعلق بالعلاقات اليهودية العربية داخل إسرائيل، التي تعتبر مهمة وأساسية لضمان استقرار الدولة، وحصانتها الاجتماعية والاقتصادية".

وأوضح أن "السبب الرابع المقلق في قرار إغلاق المركز أن السلام يعتبر قيمة وفكرة، ومغادرة هذه الفكرة خيانة لهذه المبادئ، مع أن دور الجامعات الإسرائيلية هو تشكيل الرأي العام، وليس الانجرار خلفه، ودراسات السلام وأبحاثه مع الفلسطينيين ليست مرتبطة بطبيعة النقاش الجماهيري الإسرائيلي السائد في اللحظة الراهنة".

وختم بالقول أنه "إذا كانت لغة الايديش قد انقرضت كليا من التداول، لكننا نتعلمها في الجامعات الإسرائيلية، وكذلك لغة السلام الضرورية لاستمرار العلاقة بين إسرائيل وجيرانها، ما ينبغي لها أن تختفي من الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية".