قضايا وآراء

متى يطبق قانون قيصر في مصر؟

1300x600
1300x600

في الفترة الأخيرة، سرب عدد من الوطنيين المخلصين من العاملين مع النظام في مصر الكثير من المعلومات عن رأس النظام وفصيلته التي تؤويه وأسرته، وابنه الأكبر الرأس المدبر، الذي تؤول إليه كثير من العمليات الإجرامية التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة؛ من تصفيات وإخفاء قسري وقتل خارج إطار القانون واعتقالات وتعذيب وقتل بالإهمال الطبي، على مستوى المقاومة السلمية، وعلى مستوى النظام نفسه..

 

كان وأبوه سببا في نقل العديد من الضباط والموظفين الكبار من وظائفهم أو إحالتهم إلى التقاعد لعدم الرضوخ لنزواتهما الإجرامية في هدر مقدرات البلاد وبيع أصولها، حتى وصل بهما الحال إلى تدبير العديد من عمليات الاغتيالات وتصوير المشهد على أنه حوادث عابرة، أو من خلال عمليات "إرهابية" مفتعلة يتم تصفية المغدور فيها، فلم يتركا بشرا ولا حجرا إلا وقد نالا منه. وهي السياسة التي اتخذها النظام من اليوم الأول للانقلاب، بما يكشف حجم الإجرام الذي انتهجه نظام 2013.

وتكفي مجزرتا رابعة العدوية والنهضة، وما لحقهما من مجازر في القاهرة والإسكندرية والسويس والمنصورة والعريش وغيرها من المدن التي شهدت الانتفاضة الرافضة للانقلاب العسكري، ولتكشف هذا الواقع الإجرامي ولتحرك المجتمع الدولي لو وجدت الكفاءات التي تضع هذه الجرائم في أطرها السليمة وصولا لذلك.

في عام 2013، سرب مصور عسكري "وطني" كان يعمل مع النظام السوري، انشق لاحقا، أكثر من 50 ألف صورة لآلاف السجناء الذين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، وحماية لهذا المصور الوطني اتخذ اسما حركيا له "قيصر". قدم قيصر، الذي لا يعرف أحد أسمه الحقيقي لدواع أمنية، عملا جليلا لثورته، بعد أن وثق عمليات القتل تحت التعذيب للمدنيين الذين قضوا على يد النظام السوري.

 

هذه الخدمة كانت لتذهب سدى لولا أن تلقفها المخلصون من الثوار، وهنا تأتي الملحمة الكبرى التي استمرت أكثر من ست سنوات تشارك فيها أصحاب الخبرة من القانونيين والحقوقيين ورجال الأعمال الذين أنفقوا بسخاء، غير عابئين ولا منتظرين غير حرية بلادهم، واستخدموا المحاميين الدوليين أصحاب الخبرة في مثل هذه القضايا.

استطاع الثوار أن يعرضوا قضيتهم أمام الاتحاد الأوروبي، مستفيدين من علاقات ثوار الخارج في دول الاتحاد، وتمكنوا من الحصول على حكم من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وأخذوا أوراقهم مدعومة بالحكم الذي تحصلوا عليه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليتبنى القضية بعض أعضاء الكونجرس وقدموا مشروع قانون لمعاقبة النظام السوري وحماية المدنيين في سوريا، وهو الهدف من الجهد المبذول. ورغم أن مجلس النواب صدق عليه مرتين عامي 2016 و2017، إلا أنه ظل معلقا في مجلس الشيوخ، ليتم تمريره أخيرا والتصديق عليه من الرئيس الأمريكي.

ينص القانون الصادر على فرض عقوبات على النظام السوري والدول الداعمة له، لمدة 10 سنوات، وكذا على كل جهة أو شخص يتعامل مع الحكومة السورية أو يوفر لها التمويل، سواء المصارف أو الأشخاص أو الشركات الذين يبيعون أو يقدمون البضائع أو الخدمات أو التكنولوجيا أو المعلومات للحكومة السورية، سواء كانت تلك الخدمات والبضائع عسكرية أو مدنية ويستفيد منها النظام عسكريا. ومن ثم فإن القانون يستهدف شخصيات سياسية وأمنية تشمل رأس النظام السوري ووزراءه ورؤساء الفرق والقوات المسلحة السورية، ومديري السجون والمحافظين ورؤساء الأفرع الأمنية وغيرهم.

بنظرة فاحصة لذلك القانون وما شمله من عقوبات وأسباب فرض تلك العقوبات على الجهات والأشخاص، تجد أنها لا تبتعد كثيرا عن الحالة المصرية التي تشهد يوميا قتلا تحت التعذيب أو خارج إطار القانون أو بالإهمال الطبي المتعمد للمعتقلين المصريين، في معتقلات تفتقد لأقل فرص الحياة. فهي بحد ذاتها جريمة تستحق العقاب، وذلك بشهادات موثقة لمنظمات دولية محايدة. كما أن تلك المنظمات أصدرت من التقارير ما يدين النظام في تعذيبه للمعتقلين وقضاء الكثير منهم تحت هذا التعذيب، وهنا يجدر السؤال: متى يطبق قانون قيصر في مصر؟

والإجابة: عندما يتوفر عاملان الأول الإرادة الدولية لمحاسبة النظام المصري على جرائمه، والثاني توفر الكوادر المحترفة الحاملة للقضية الحقوقية المصرية. والثاني هو الصانع للأول، فتلك الكوادر لا تنحصر في الحقوقيين، بل هي منظومة متكاملة وفريق عمل متناغم من سياسيين وشركات علاقات عامة والمصريين الأحرار في الخارج، وخاصة في أوروبا وأمريكا. والأول أهم من الثاني في هذه الحالة.. والقانونيون ورجال الأعمال المستعدون لأن ينفقوا على هذه القضية مع الاستعانة ببيوت الخبرة، ولا أظن أن إخواننا السوريين سيبخلون على إخوانهم في مصر لنقل خبراتهم في هذا الشأن، لكن الأهم والأولى من كل ذلك هي أن تتوفر الإرادة الصادقة للعمل على القضية.

التعليقات (1)
محمد
الأربعاء، 25-12-2019 02:50 ص
صادق الكونجرس الأمريكي علي قانون يمنع بيع النظام السوري وفي نفس الوقت أسست الولايات المتحدة داعش وبالاتفاق مع روسيا القذرة دمرت سوريا وتقوم الان بنهب بترولها .... لن تحرر اوطاننا الا عندما نعتمد علي سواعدنا للتخلص من الزمرة المجرمة ومن يعاونها ....