صحافة دولية

WP: هذه المدن السورية التي شهدت أزمات إنسانية منذ 2011

واشنطن بوست: قد تصبح إدلب أسوأ أزمة إنسانية في الحرب الأهلية في سوريا- جيتي
واشنطن بوست: قد تصبح إدلب أسوأ أزمة إنسانية في الحرب الأهلية في سوريا- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتبة ميريام بيرغر، تتحدث فيه عن الأوضاع الإنسانية في إدلب، مشيرة إلى أنها قد تكون أسوأ كارثة إنسانية في الحرب الأهلية الطاحنة في سوريا منذ تسعة أعوام تقريبا. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن محافظة إدلب شهدت رحيل 250 ألف شخص في الأسبوعين الماضيين فقط، في الوقت الذي تقوم فيه قوات حكومة بشار الأسد المدعومة من القوات الروسية بالدفع نحو هجوم شامل على المنطقة الأخيرة التي تسيطر عليها قوات المعارضة.

 

وتقول بيرغر إن "هذه هي قمة المآسي؛ لأن الكثير من السوريين قتلوا وجرحوا وشردوا واختفوا، ما يجعل من الصعوبة متابعة الوقت والجدول الزمني للأحداث". 

 

وتتحدث الصحيفة عن خمس أزمات إنسانية أخرى مرت على سوريا منذ الحرب في عام 2011، وتوردها على النحو الآتي:

 

محافظة إدلب

ويلفت التقرير إلى أنه يعيش في إدلب 3 ملايين نسمة، وهي المنطقة الوحيدة التي ظلت تحت سيطرة المعارضة المتمثلة بهيئة تحرير الشام التي تقسم الولاء لتنظيم القاعدة، مشيرا إلى أن القصف الجوي والمدفعي السوري الروسي أدى إلى دفع الآلاف من السكان للهروب فيما يصفها عمال الإغاثة بأنها أسوأ كارثة إنسانية في الحرب الأهلية السورية. 

 

وتفيد الكاتبة بأن السكان يبحثون بيأس عن الطعام والمأوى والدواء، فيما تقوم القوات التابعة لنظام بشار الأسد بقصف المحافظة منذ عدة أشهر، ما أدى إلى تشريد أكثر من 500 ألف نسمة، معظمهم يعاني من تشريده الثاني بعد خروجه من بلدته أو مدينته في مناطق أخرى من سوريا.

 

وتذكر الصحيفة أن النظام سيطر على عدة قرى محيطة بمدينة إدلب، وعينه الآن على الطريق المارة قرب معرة النعمان، جنوب إدلب، وهي من كبرى التجمعات السكانية في المحافظة، مشيرة إلى أن القصف الجوي والبري دفع الآلاف من سكان البلدة والبلدات الأخرى للفرار باتجاه الحدود مع تركيا، التي تدعم مجموعات مسلحة، وتستقبل 4 ملايين لاجئ سوري. 

 

وينقل التقرير عن الطبيب شاكر الحميدو من معرة النعمان، قوله: "أقسم بالله بأن الناس ينامون في العراء تحت الأشجار ودرجات الحرارة في الليل تصل إلى الصفر.. أنا مصدوم من حجم المأساة". 

 

وتنوه بيرغر إلى أن "عمليات التشريد تجري في فصل الشتاء، الذي يعد من المواسم الباردة، والسكان لا يتمكنون من الحصول على الوقود الذي زادت أسعاره بشكل كبير، كما زادت أسعار المواد الغذائية الأخرى، ما جعل من الصعوبة على المشردين الحصول على ما يقيت أولادهم، أما المستشفيات والعيادات العامة فهي تكافح لتشغيل ما بقي لديها من معدات لعلاج المرضى".

 

الغوطة الشرقية

 

وتشير الصحيفة إلى أن قوات النظام حاصرت قبل خمسة أعوام الغوطة الشرقية، القريبة من العاصمة دمشق، التي كانت قبل الحرب تعد سلة غذاء العاصمة، وفي نيسان/ أبريل 2018 سيطرت قوات الأسد عليها، بعد حصار طويل مات فيه الناس من الجوع، ووصفه تقرير للأمم المتحدة بأنه "شكل بربري من الحرب". 

 

ويلفت التقرير إلى وضعية الغوطة، التي كانت من المناطق التي شاركت في الثورة السلمية ضد الأسد، ومع مرور الوقت بدأت الثورة تتجه نحو العسكرة، وسيطرت القوات المعارضة عليها عام 2012، مشيرا إلى أن دول المنطقة ساهمت في مساعدة المقاتلين المعارضين لحماية مصالحها، وسيطرت القوى المتطرفة على طرفي النزاع في الحرب ما زاد من معاناة السكان، وكان رد الفعل الدولي هو الصمت. 

 

وتقول الكاتبة إن الأسد فرض في عام 2013 حصارا على الغوطة، وفي البداية استطاع السكان الصمود من خلال شراء المواد المهربة والاعتماد على توفيرها وعلى ما لديهم من مواد مخزنة، فيما قام المقاتلون بشن هجمات صاروخية ضد العاصمة.

 

وتفيد الصحيفة بأنه مع مضي الوقت بدأت الحياة تضيق على أكثر من 400 ألف مواطن، وفي أثناء ذلك تم التوصل إلى عدد من الاتفاقيات التي سمحت بوصول بعض المساعدات الإنسانية، ثم قرر النظام في عام 2017 شن هجوم استطاع فيه السيطرة على مناطق استراتيجية في الغوطة، وأغلق مناطق التهريب، مشيرة إلى أنه بحلول تشرين الأول/ أكتوبر من ذلك العام أغلق آخر معبر للتهريب من دوما، ما خنق المنطقة. 

 

ويورد التقرير نقلا عن ليلى بكري (26 عاما) من الغوطة، قولها في تصريح للصحيفة من ذلك العام: "في الأيام الأولى كنا نستطيع تناول الحلوى، وأعد ابنتي بقطعة منها لو تصرفت بطريقة جيدة.. اليوم عندما تطلب أعطيها قطعة من الذرة".

 

وتنوه بيرغر إلى أنه في ربيع 2018 تكثف القصف، ما أدى إلى مقتل أعداد كبيرة من السكان، الذين قال عمال الإغاثة إن عددا منهم قتل في هجمات كيماوية، (الأمر الذي تنفيه الحكومة)، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي أصيب في الوقت ذاته بالشلل ولم يرد. 

 

وتذكر الصحيفة أنه مع سيطرة قوات الأسد على الغوطة فإن قواته كانت قد فرضت " أكبر حصار في التاريخ الحديث، وقامت بطريقة تدريجية بتركيع المقاتلين والسكان على حد سواء"، بحسب تقرير للأمم المتحدة عام 2018، مشيرة إلى أن التقرير كشف عن أن القوات التابعة للنظام والمجموعات المسلحة ارتكبت جرائم حرب، واتهم الأسد بالتجويع المتعمد، وحصار 265 ألفا من المدنيين.


الرقة

 

ويشير التقرير إلى أن 400 ألف نسمة يسكنون في الرقة، الواقعة على الجانب الشمالي الشرقي لنهر الفرات، وتعرف اليوم بالعاصمة السابقة لتنظيم الدولة، الذي سيطر عليها من عام 2014- 2017، وفرض عليها نظامه المتشدد، لافتا إلى أن المعركة التي خاضتها الولايات المتحدة والجماعات التابعة لها أدت إلى تشريد 270 ألف شخص، وقتل 1600 شخص، بناء على تقرير لمنظمة "أمنستي إنترناشونال" في لندن. 

 

وتفيد الكاتبة بأن سنوات الحصار والحرب الدموية التي تبعت ذلك تركت أثرها على الأطفال الذين نجوا من الحرب، لكنهم خسروا طفولتهم، كما قال طبيب فبي منظمة اليونيسف في حينه.

 

الزبداني ومضايا

 

وتلفت الصحيفة إلى أن الزبداني ومضايا هما بلدتان واقعتان قرب العاصمة، اللتان كانتا في الماضي منطقتين للسياحة، وهما قريبتان من لبنان، وتعرضتا في الفترة ما بين 2015- 2017 لحصار قوات الأسد ومقاتلي حزب الله اللبناني، وبحلول عام 2016 أصبح سكان البلدتين هياكل عظمية من الجوع، فيما مات بعضهم جوعا. 

 

 

وينوه التقرير إلى أن صور المدنيين الذين لم يبق عليهم سوى العظام انتشرت في الإعلام الدولي، إلا أن المفاوضات بين الجماعات الإنسانية والحكومة السورية أدت إلى تأخير وصول المساعدات للمحتاجين، مشيرا إلى أنه بالنسبة للناشطين، فإن مضايا أصبحت رمزا لعبث الإغاثة الإنسانية، التي تخلت عن المدنيين الذين وجدوا أنفسهم عالقين في فوضى الحرب، وفي عام 2017 تم نقل المدنيين والمقاتلين في البلدتين إلى إدلب، في صفقة مع حكومة دمشق.

 

حلب

 

وتقول بيرغر إن "حلب كانت أكبر مدينة في سوريا، أما اليوم فهي مدينة أشباح تلاحقها صور الحرب، وظلت مقسمة لمدة أربعة أعوام، فوقع القسم الغربي تحت سيطرة الحكومة، أما الشرقي فوقع تحت سيطرة المعارضة، وترتبط المعركة على حلب بالبراميل المدمرة التي استخدمها الأسد وحلفاؤه، مع القصف الروسي المنظم الذي قتل المئات من المقاتلين والمدنيين واستهدف أيضا المستشفيات، وتقدمت قوات النظام السوري شيئا فشيئا، فيما تمت استعادة مناطق أخرى من سوريا من خلال صفقات مع المقاتلين". 

 

وتنقل الصحيفة عن الطبيب في جماعة إغاثة سورية، منير الحكيمي، وصفه حال من بقي في حلب الشرفية بأنهم "كانوا مصدومين، وكانوا مجهدين عندما ركبوا الحافلات، ورأيت عظام بعضهم بارزة بسبب عدم توفر العلاج الطبي لهم ولأسابيع، وكان الجميع يعرفون أن الوضع سيئ، وفي ذلك اليوم رأينا سكان حلب الأحياء الموتى".

 

حمص

 

ويشير التقرير إلى أن حصارا وقصف حي بابا عمرو في حمص حدث عام 2012، الذي أثار قلق الصحافية ماري كولفين، التي قررت أن تكون هناك رغم المخاطر، لافتا إلى أنه في ذلك الوقت أدى هجوم القوات السورية على الحي إلى مقتل عدد من سكانه، بالإضافة إلى ماري كولفين والمصور الفرنسي رينيه أوشليك. 

 

وتفيد الكاتبة بأنه قبل ساعات من مقتل كولفين، عن عمر يناهز 56 عاما في حمص، فإنها تحدثت مع برامج بريطانية وأمريكية، ووصفت التجربة الفظيعة وهي تراقب طفلا سوريا عمره عامان وهو يموت. 

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن مدينة حمص عرفت بعاصمة الثورة، ولم يستطع النظام السيطرة عليها إلا عام 2015، وأخرج من بقي فيها من المسلحين والمدنيين المذعورين.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)