ملفات وتقارير

صراع واشنطن طهران.. هل يؤثر على الحراك الشعبي بالعراق؟

الحراك الشعبي العراقي اليوم أمام مفترق طرق واختبار حقيقي بين الولاءات للخارج- جيتي
الحراك الشعبي العراقي اليوم أمام مفترق طرق واختبار حقيقي بين الولاءات للخارج- جيتي

ألقت الأحداث الأمنية الأخيرة العراق بظلالها على الحراك الشعبي، إذ غاب عن المشهد الإعلامي خلال الأسبوع الأخير، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مستقبل المظاهرات والمطالب التي ينادي بها المحتجون منذ أربعة أشهر.

لكن ما شهده المحتجون في مدينة الناصرية جنوب البلاد، أمس الأحد، من اشتباك بالرصاص الحي من مليشيات موالية لإيران وأدى إلى مقتل متظاهر وإصابة آخرين، أعادها إلى واجهة الأحداث ولو قليلا.

"رهان خاسر"

رئيس مركز "التفكير السياسي"، الدكتور إحسان الشمري، قال في حديث لـ"عربي21" إنه "بما لا يقبل الشك، فإن مشهد المظاهرات والمطالبة بحقوق الشعب العراقي لم تتصدر مشهد المنصات الإعلامية".

وأضاف: "لكن المؤشرات تؤكد العكس أن ساحات الاحتجاجات متفاعلة مع طبيعة الأحداث وترفض التدخلات الخارجية وانتهاك السيادة. ولا تزال المظاهرات مصرّة على الاستمرار في مطالبها".

وأكد الشمري على أن "غياب الاحتجاجات عن المشهد الإعلامي لم يحد من زخمها، والدليل على ذلك سقوط قتيل وعدد من المصابين، أمس الأحد، في مدينة الناصرية جنوب العراق".

وأعرب عن اعتقاده بأن "قوى سياسية تريد أن توظف هذا الارتباك الداخلي المتمثل بالاستهدافات العسكرية المتبادلة باتجاه تقويض حركة المظاهرات، وإبعادها عن الواجهة والإبقاء على معادلة السلطة الحالية سواء الحكومة كتصريف للأعمال أو حتى البرلمان".

ورأى الشمري، أن "هذه القوى السياسية الممسكة بالسلطة تصر على عدم إسقاط معادلة السلطة، وبالتالي وجدت بأن ما جرى من انعكاس الصراع الإيراني الأمريكي على الداخل العراقي، يمكن أن يبعد هذه المظاهرات"، مؤكدا "لكن هذا رهان خاسر".

وبخصوص الاتهامات التي توجه إلى الحراك بأنه مدعوم من واشنطن ويجب إنهاؤه اليوم، لأن أمريكا أصبحت عدوا للعراقيين في نظر البعض، قال الشمري: "المظاهرات لم تكن يوما بدعم أمريكي، لأن محفزات الحراك كانت موجودة ففي البداية كانت المطالبات خدمية، ومحاربة الفساد وتوفير فرص عمل، لكن تحولت إلى مطالب سياسية من خلال المطالبة بإسقاط الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة".

وبحسب قول المحلل السياسي العراقي، فإن "من يوجه هذه الاتهامات للاحتجاجات يحاول أن يشيطن المتظاهرين، لكن بمرور الوقت وطبيعة المشتركين الذين يمثلون جميع أطياف الشعب العراقي، أثبتت أنها عراقية وبعيدة جدا عن عملية الدعم الأمريكي، كما أن المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني وصفها بأنها عراقية خالصة، وبالتالي نسفت هذه الاتهامات".

"مفترق طرق"

من جهته، قال الكاتب والإعلامي، أحمد الحاج، أن "الحراك الشعبي العراقي اليوم أمام مفترق طرق واختبار حقيقي بين الولاءات للخارج، أي أمريكا أو إيران من جهة، والولاء للوطن الذي ما لبث المتظاهرون يرددونه ويرسمونه ويغنونه منذ انطلاق حراكهم في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي من جهة أخرى".

وحذر الحاج "المتظاهرين السلميين في بغداد وباقي المحافظات من مغبة التورط وبأي شكل من الأشكال مع ما يحدث من صِدام بالوكالة بين راعي البقر الأمريكي وإيران، سواء مع أو بالضد، لأنه عندها ستتطور الأمور بشكل سريع ومطرد لا يمكن السيطرة عليه ولا التنبؤ بتداعياته".

ووجه رسالة إلى المتظاهرين بالقول: "ساحاتكم وميادينكم مكانكم، الحفاظ على سلميتكم ومطالبكم المشروعة فحسب،  ترامب في تغريداته الأخيرة يريد جركم إلى ساحة هي ليست ساحتكم بتاتا، كذلك تفعل المليشيات التابعة لإيران، وليكن شعاركم (كلا أمريكا، كلا إيران)، وقولوا لهم إن العراق ليس ساحة لصراعكم فجنبونا شروركم".

وبلغ الصراع الأمريكي الإيراني ذروته في العراق، بعدما قتلت الولايات المتحدة الأمريكية قائد فليق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، بغارة نفذتها طائرات مسيرة في محيط مطار بغداد فجر الجمعة الماضية.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي خرجت مظاهرات عارمة في بغداد وعدد من محافظات الجنوب تطالب بتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد وإنهاء نفوذ إيران، ثم تحولت إلى سياسية تنادي بإسقاط الحكومة، وإجراء انتخابات مبكرة، وذلك بعدما قمعتها القوات الأمنية.

وقدرت منظمات حقوقية عراقية سقوط 520 قتيلا من المتظاهرين، وإصابة نحو 20 ألف آخرين، فيما لا تزال عمليات الاغتيال والخطف والتغييب القسري تطال الناشطين في بغداد ومحافظات جنوب البلاد.

التعليقات (0)