سياسة عربية

فرنسا تفتح أرشيف "ثورة التحرير".. وبرلماني جزائري يحذر

برلماني جزائري يطالب فرنسا بموقف شجاع تجاه جرائمها في الجزائر- جيتي
برلماني جزائري يطالب فرنسا بموقف شجاع تجاه جرائمها في الجزائر- جيتي

أعلنت وزيرة الثقافة الفرنسية، الجمعة، عن نيتها رفع السرية عن الأرشيف الخاص بحرب التحرير الجزائرية التي امتدت بين 1954 و1962، قبل 15 عاما عن المهلة القانونية، وسط تساؤل جزائري حول جدية الخطوة الفرنسية.

وصرحت وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو، لمحطة "بي أف أم تي في" المحلية: "إنني أفتح قبل 15 عاما أرشيف التحقيقات القضائية لقوات الدرك والشرطة حول حرب الجزائر".

وأفادت الوزيرة الفرنسية أن بلادها "تريد إعادة بناء عدة أمور مع الجزائر، ولكن لا يمكن التقدم في هذه العملية إلا على أساس الحقيقة" وأضافت أن "تزوير الحقائق يؤدي إلى الكراهية والاضطرابات والمصالحة بين البلدين تبدأ عندما يتم وضع الوقائع على الطاولة، والاعتراف بها، وتحليلها".

وردا على سؤال حول احتمالية الاعتراف بارتكاب الجيش الفرنسي عمليات تعذيب في الجزائر، قالت: "من مصلحة فرنسا الإقرار بأن التعذيب حدث".

 

 

من جهته، علق النائب بالبرلمان الجزائري وأستاذ العلوم السياسية علي ربيج، في تصريح خاص لـ"عربي21" بأنها مبادرة إيجابية تتماشى مع مطالب الشعب الجزائري خاصة في ما يتعلق بأرشيف الجيش والشرطة والدرك الفرنسي.

وتساءل ربيج قائلا: "هل هذا الرفع سيمتد إلى ملفات أخرى كخارطة الألغام المادة للبشر خلال التجارب النووية في الصحراء الجزائرية وهل أن هذه الخطوة نابعة من مراجعة للموقف الفرنسي تجاه الجزائر وتصحيح للأخطاء أم أنها مناورة تأتي ضمن الحملة الانتخابية للرئيس ماكرون".

وفي معرض جواب أستاذ العلوم السياسية عن سؤال "عربي21" حول جدية الجانب الفرنسي في الاعتذار للجزائر عن فترة الاستعمار، قال: "أعتقد أن العلاقات الجزائرية الفرنسية ممتدة وتحوز على ملفات معقدة ومتعددة".

 

وشدد ربيج "على أنها تتجاوز ماكرون كرئيس ومترشح"، موضحا أن العلاقات تخضع لموافقة ومواكبة مؤسسات الدولة في كلا البلدين خاصة أن الطبقة السياسية في فرنسا، وصلت لمرحلة من المكاشفة والمصارحة مع الشعب الفرنسي بعد أن كان ملف الذاكرة والتاريخ مع الجزائر مصنفا ضمن "الممنوع الذي لا يجب الخوض فيه".


وأضاف: "أما اليوم بعض التصريحات من بعض الساسة التي تتجه نحو الاعتراف بجرائم فرنسا تجاه الجزائر ربما تمهد إلى الخطوة الأخيرة وهي الاعتراف بالمجازر والإبادة المرتكبة إبان فترة الاستعمار والاعتذار إلى الشعب الجزائري".

وتابع الأكاديمي الجزائري: "لكن هذا مقترن بجدية وصدقية المواقف التي لا يجب أن تكون مرهونة بمناسبات انتخابية أو بتوتر العلاقات أو بمحاولة تسوية حسابات سياسية بين الطبقة السياسية بفرنسا"، مضيفا أنه "يجب أن يكون هذا الموقف نابعا من الرأي العام الفرنسي، المطلوب منه التحرك، والذي تأخر في بلورة موقف واحد إلى حد الساعة".

 

وحذر في الوقت ذاته من "اليمين المتطرف والشعبوي، الذي يرفض الاعتراف بجرائم فرنسا بالجزائر والذي يعود بقوة إلى الساحة السياسية الفرنسية وحتى الأوروبية".

 

وأضاف: "نتخوف من مستقبل العلاقات بين أوروبا ودول جنوب المتوسط ونتخوف من تأخير وتأجيل حل عديد القضايا لا سيما منها الهجرة غير النظامية ومسألة الأمن والاستقرار بمنطقة المتوسط، وقضايا مكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات".

واستدرك أستاذ العلوم السياسية بالقول: "كلها قضايا إن لم يكن هناك موقف موحد بين أوروبا ودول جنوب المتوسط أعتقد بأن هذه المنطقة ستكون مفتوحة على سيناريوهات منها التدخل من دول مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين".

وأجاب النائب عن سؤال "عربي21" حول إمكانية الصلح بين الجزائر وفرنسا مستقبلا، بالقول: "بوادر الصلح في العلاقات الجزائرية الفرنسية، كانت دائما آنية وظرفية ولا تتجاوز مسألة المصالحة في الخطابات السياسية، ولكن المصالحة التي نصبو إليها كنواب بالبرلمان الجزائري هي المصالحة التي يطفو معها إلى السطح على الملفات العالقة والمؤجلة".

وأضاف: "يجب أن تكون هنالك مصارحة وموقف شجاع من فرنسا ومؤسساتها السياسية لضرورة فتح صفحة جديدة بيننا وبينها مع فتح ومعالجة القضايا المؤجلة على غرار ملف الذاكرة والتاريخ والتفجيرات النووية والجالية الجزائرية بفرنسا والأوضاع في ليبيا ومالي، وكل هذه الملفات يجب أن تطرح على الطاولة وأن تكون هناك مفاوضات جدية وندية".

واستطرد: "لكن أعتقد أنه في ظل هذه الظروف التي تمر بها فرنسا وهذا التراجع للدبلوماسية الفرنسية في المنطقة وفي قارة أفريقيا وحتى في العالم إضافة إلى الضعف الذي تعاني منه المؤسسات السياسية الفرنسية لن تجعل فتح الملف سهلا".

 

وتابع: "لأن كل هذه القرارات مرهونة بمدى قابلية الفرنسيين، في فتح صفحة جديدة مع الجزائر وهذا حتى اللحظة غير متوفر، بل على العكس نشهد نظرة أن هناك خطابات من العنصرية والتمييز والنظرة الاستعلائية تجاه الجزائر وتونس ودول المنطقة باعتبار أنها دول كانت وما زالت تابعة لفرنسا".  

شروط الجزائر


وفي آذار/مارس 2021، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في إطار سياسة "مصالحة الذاكرة" مع الجزائر، تبسيط الوصول لإجراءات رفع السرية عن الوثائق السرية التي يزيد عمرها على 50 عاما.

من جانبها، تشترط الجزائر على فرنسا، استكمال استعادة الأرشيف، وقضية التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية وتعويض المتضررين، إلى جانب ملف المفقودين من الجانبين، فضلا عن استرجاع جماجم قادة المقاومة الشعبية للاحتلال الفرنسي التي ظلت محتجزة في متحف "الإنسان" بباريس لأزيد من 170 سنة.

واستعمرت فرنسا الجزائر منذ 1830 و1962، حيث شهدت جرائم إبادة جماعية إضافة لحملات تهجير ونهب للثروات‎، وفقا للسلطات الجزائرية ومؤرخين.

التعليقات (1)
امازيغي
السبت، 11-12-2021 09:25 ص
نرجو من الوزيرة فتح ملفات المجاهدين حتى نعرف من المجاهد والمزيف