قضايا وآراء

الأزمة الأوكرانية والممانعة السعودية الإماراتية

حازم عياد
1300x600
1300x600

لم يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صعوبة في التواصل مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان إذ اتصل بالمسؤولين الخليجيين في ذروة الأزمة مقدما شرحا تفصيليا لطبيعة الحدث ودوافع الحملة الروسية على أوكرانيا؛ في المقابل حصل بوتين على تطمينات من الرياض وأبو ظبي لمواصلة العمل باتفاق (أوبك بلس) إلى حين الاجتماع المقبل في نيسان (أبريل) المقبل.

الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يحظَ بذات الاهتمام من قبل محمد بن زايد ومحمد بن سلمان؛ إذ رفض الزعيمان الخليجيان إجراء اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن لمناقشة تطورات الأزمة الأوكرانية وتهدئة أسعار النفط المرتبطة بها بحسب ما أوردت صحيفة وول ستريت جورنال في تقريرها الذي نشرته؛ وأثار جدلا كبيرا في الولايات المتحدة وخارجها يوم أول أمس الثلاثاء.

هواجس سعودية إماراتية

مضمون تقرير وول ستريت جورنال لم تنفه الخارجية الإماراتية؛ ففي معرض ردها على طلب شبكةCNN   الإخبارية التعليق على الخبر قالت الخارجية على لسان متحدث لم تكشف شبكة CNN إسمه: إن "الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية على تواصل للعمل على جدولة وقت للمكالمة" ما يعني أن بايدن لا زال ينتظر على الطرف الآخر من الخط الهاتفي.

التسريب الذي قدمته وول ستريت جورنال أثار جدلا كبيرا داخل الولايات المتحدة حول دوافع أبو ظبي والرياض؛ ما أرجعه البعض إلى موقف الولايات المتحدة المعارض لتصنيف جماعة أنصار الله  الحوثية كجماعة إرهابية؛ وعدم اتخاذها اإراءات متشددة ورادعة للهجمات التي تعرضت لها كل من السعودية والإمارات بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية خصوصا تلك التي تبعت تولي بايدن منصب الرئاسة.

الاستياء السعودي الإماراتي لا يقتصر على الرئيس بايدن إذ يشمل الحزب الديمقراطي الذي وجه أعضاؤه انتقادات لاذعة للعربية السعودية وأبو ظبي في ملف حقوق الإنسان وحادثة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي؛ انتقادات مرفقة بتهديدات متكررة بفرض عقوبات تشمل السلاح والأشخاص.

 

استراتيجية توريط روسيا في حرب استنزاف من الممكن أن تتحول إلى استراتيجية قابلة للاستنساخ بين إيران والسعودية والإمارات؛ أمر مكلف بالنسبة للرياض وأبو ظبي؛ ولعل الدافع الحقيقي خلف جولات الحوار السعودي الإيراني المتكررة في بغداد إلى جانب الزيارات المتتابعة لمسؤولي الإمارات إلى طهران لتجنب سيناريو الاستنزاف المتبادل.

 



انتقادات لا تسمعها الرياض وأبو ظبي من موسكو ولا من الرئيس الروسي بوتين؛ الذي لن يتوانى عن تزويد البلدين بمنظومة أس 400 للدفاع الجوي؛ فبوتين لن يوقف مبيعات السلاح في حال قرر البلدان التوجه إلى المنتج الروسي ولن يفرض قيود على المسؤوليين السياسيين والأمنيين في أبو ظبي والرياض.

تجاهل واشنطن للمخاوف الأمنية والسياسية لأبو ظبي والرياض؛ قابله تفهم أمريكي كبير للهواجس الإيرانية، حيث قطعت أمريكا شوطا طويلا من المفاوضات مع إيران لإحياء الاتفاق النووي في فيينا؛ وفي الوقت الذي هدد فيه أعضاء في الكونغرس الأمريكي فرض عقوبات على الرياض وأبو ظبي خففت واشنطن العقوبات والقيود على طهران ما أثار الشكوك لدى السعودية والإمارات حول النويا الحقيقية لأمريكا تجاه العاصمتين.

المقاربة الأوكرانية الأفغانية

واشنطن من الممكن أن تخذل السعودية والإمارات كما خذلت الرئيس أشرف غني في أفغاستان أو كما خذلت أوكرانيا؛ فالدولتان لا تعتبران أعضاء في الناتو كحال أوكرانيا التي تحولت إلى ساحة استنزاف للدب الروسي.

استراتيجية توريط روسيا في حرب استنزاف من الممكن أن تتحول إلى استراتيجية قابلة للاستنساخ بين إيران والسعودية والإمارات؛ أمر مكلف بالنسبة للرياض وأبو ظبي؛ ولعل الدافع الحقيقي خلف جولات الحوار السعودي الإيراني المتكررة في بغداد إلى جانب الزيارات المتتابعة لمسؤولي الإمارات إلى طهران لتجنب سيناريو الاستنزاف المتبادل.

أمريكا لم تعد الفاعل الأساسي في الإقليم ولم تعد الضامن الحقيقي للأمن رغم وجودها العسكري الكثيف والمؤثر عبر القيادة الوسطى برئاسة الجنرال كينث ماكنزي والأسطول الخامس القابع في البحرين على بعد 200 كلم من إيران؛ فالحضور الأمريكي لم يوقف الهجمات الحوثية ولم يتصدَّ للطائرات المسيرة بل اكتفى باستعراض للقوة وتطبيع مكلف مع (إسرائيل) لم يغني عن التواصل مع طهران وحلفائها لخفض التوتر في مياه الخليج والبحر الأحمر.
 
الممانعة الخليجية

"الشكوك والهواجس السعودية الإماراتية تحولت إلى ممانعة خليجية للسياسة الأمريكية في الأزمة الأوكرانية؛ فالدول الخليجية ومن ورائها العربية غير متحمسة للعقوبات الأمريكية على روسيا موقف جسده البيان الوزاري الصادر عن الجامعة العربية يوم أمس الأربعاء التاسع من آذار (مارس) الحالي؛ إذ أكد على ضرورة الالتزام بالشرعية الدولية ممثلة بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي .

التزام بالشرعية الدولية لم يمنع الدول المجتمعة في القاهرة من الإعلان عن "تمسكها بعدم تسييس عمل المنظمات الدولية والمتخصصة ذات الطابع الفني في مختلف المجالات، وتجنب المواجهات السياسية والدبلوماسية المتزايدة، وتجنب أي ازدواجية للمعايير الدولية"؛ رسالة موجهة للإدارة الأمريكية تدعو للحد من دور العقوبات والإعلاء شأن الدبلوماسية في الأزمة الأوكرانية.

ختاما.. هل ستصمد الممانعة العربية التي تقودها السعودية والإمارات في الملف الأوكراني؟ وهل تتحول الممانعة السعودية الإماراتية إلى نهج سياسي يرسم معالم المرحلة المقبلة في سياسة الدولتين تجاه الملفات الكبرى في بحر الصين الجنوبي وأوروبا الشرقية وغرب آسيا ووسطها؛ أم أنها مجرد مساومة مؤقتة وسحابة صيف عابرة سرعان ما تتبدد بتأثير من الضغوط الأمريكية.

أسئلة جوهرية تمس ملفات مفصلية يقف على رأسها النفط وإيران والعلاقة مع الصين والهند وآسيا الوسطى؛ ملفات بدونها لن تتمكن دول الخليج من تحقيق الأمن أو المضي قدما في مشاريعها للتنمية الاقتصادية المستدامة في حال بقيت مرتهنة للاستراتيجية الأمريكية التي لا زالت تراهن على إيران و(إسرائيل) وتركيا دون أن تعطي أدنى اهتمام لهواجس وطموحات القوى النفطية العربية وعلى رأسها الإمارات والسعودية.
 
hazem ayyad
@hma36


التعليقات (1)
إبسا الشيخ
الخميس، 10-03-2022 11:50 م
ممانعة السعودية والإمارات، ياسيدي هاي الدولتين لو تخلت عنهما أمريكا الإرهابية إنتهى